أصدر التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة حول “سير النيابة العامة وتنفيذ السياسة الجنائية برسم سنة 2024” جملة من التوصيات دعا فيها، بالخصوص، إلى تعزيز وتطوير الموارد البشرية، واللوجستيكية والتقنية، وكذا إلى اعتماد مشروع القانون الجنائي في صياغة جديدة تستجيب للمستجدات الاجتماعية والاقتصادية.
فعلى مستوى الموارد البشرية، أكد التقرير أن “المعطيات المسجلة خلال 2024 أبرزت الحاجة الملحة إلى تعزيز الموارد البشرية واللوجيستيكية بالمحاكم، وفي مقدمتها الرفع من عدد قضاة النيابة العامة وسد الخصاص المقدر بحوالي 800 قاض”.
وأوضح أن “الزيادة النسبية التي تحققت خلال هذه السنة تبقى غير كافية أمام حجم المهام المتنامي لا سيما في ضوء التعديلات التشريعية الأخيرة، وبعد اعتماد قانون العقوبات البديلة، وفي الأفق القريب سيتم اعتماد أحكام القانون رقم 03.23 المعدل والمتمم لقانون المسطرة الجنائية بعد استكمال المسطرة التشريعية”.
وأبرز أنه يظل من الضروري أيضا تمكين النيابات العامة من العدد الكافي من الأطر والموظفين، مع إيلاء الأولوية لتوظيف المساعدين الاجتماعيين بحكم أدوارهم الجديدة في تنفيذ العقوبات البديلة، فضلا عن توفير موظفين متخصصين في المجالين الإحصائي والمعلوماتي.
وأضاف المصدر ذاته أن الحصيلة تؤكد كذلك على ضرورة تعزيز المحاكم الابتدائية بعدد كاف من قضاة تطبيق العقوبات وتمكينهم من التخصص لمواكبة المستجدات التشريعية، إلى جانب دعم محاكم الاستئناف بالمستشارين بالنظر إلى التمركز الكبير للمعتقلين الاحتياطيين بها، بما يضمن تدبيرا أمثل لقضاياهم، مشيرا إلى أن ذلك لا ينفصل عن الرفع من الإمكانات البشرية والمادية للشرطة القضائية، مع تمكينها من آليات قانونية ولوجيستيكية متطورة تتيح تحسين مستوى الأبحاث والتصدي للأشكال الحديثة للجريمة.
وعلى مستوى الموارد اللوجستيكية والتقنية، فقد كشفت معطيات سنة 2024 عن الحاجة الملحة إلى مواصلة تطوير البنية التحتية وآليات العمل بما يعزز نجاعة النيابات العامة وجودة خدماتها، وذلك عبر تحديث النظم المعلوماتية المرتبطة بعملها ولاسيما نظام “SAJ2” ليشمل جميع مراحل الإجراءات والقرارات القضائية، بما في ذلك قضايا الأحداث والتحقيق الإعدادي والتنفيذ الزجري والمراسلات الإدارية.
كما يقتضي الأمر تهيئة المحاكم بما يضمن فضاءات استقبال ملائمة للمشتكين والمرتفقين، وتوفير الربط المعلوماتي مع جميع المحاكم، وكذا مع الإدارات والشركاء الاستراتيجيين وفي مقدمتهم الشرطة القضائية، بما يسمح بإنجاز الأبحاث وإحالة المحاضر بشكل إلكتروني وآمن.
وفي السياق نفسه، يبرز مطلب تطوير لوحات قيادة ذكية تمكن من التتبع الآني لوضعية الاعتقال الاحتياطي والمحاضر والشكايات، وتتيح المراجعة الآلية لبرقيات البحث. كما يستدعي الأمر تهيئة المستشفيات العمومية لتوفير أمكنة خاصة باستشفاء السجناء وتعبئة الإمكانيات البشرية واللوجستيكية اللازمة لتأمين حراستهم، مع تعزيز المؤسسات الاستشفائية المتخصصة في الطب النفسي والعقلي لضمان إيداع السجناء المحكومين بانعدام المسؤولية الجنائية في آجال معقولة وتفادي بقائهم في السجون.
أما على مستوى تنفيذ السياسة الجنائية، فقد كشفت معطيات سنة 2024 عن الحاجة الملحة إلى الإسراع باعتماد مشروع القانون الجنائي في صياغة جديدة تستجيب للمستجدات الاجتماعية والاقتصادية، وتتجاوز الصعوبات التي أبانت عنها الممارسة القضائية في ظل النص الحالي.
كما يظل من الضروري اعتماد النصوص القانونية الكفيلة بتيسير تبليغ أطراف الدعوى العمومية بطريقة إلكترونية، مع إبراز الإجراءات العملية والآثار المترتبة عنها، والتعجيل بإصدار النصوص المؤطرة لإصلاح المهن القانونية والقضائية وتوحيد مساطرها التأديبية.
ويضاف إلى ذلك اعتماد نظام الأبوستيل الإلكتروني عن بعد بما يتيح تصديق الوثائق العمومية عبر منصة رقمية مؤمنة، وتطوير النصوص المنظمة لمراكز حماية الطفولة بما يضمن بنيات استقبال وإيواء ملائمة، وتوفير الإطار التنظيمي اللازم لتمكين النيابات العامة من تفعيل مقتضيات الفصل الثامن من ظهير 21 ماي 1974 بشأن إيداع المدمنين على المخدرات في مؤسسات العلاج.
كما تبرز الحاجة إلى إحداث بنيات مؤسساتية لتنفيذ تدابير الحماية المقررة لفائدة ضحايا الاتجار بالبشر والنساء والأطفال ضحايا الجرائم، وإلى وضع إطار قانوني واضح للتعامل بالعملات المشفرة يحدد الممارسات غير المشروعة وطرق الحجز والمصادرة.
وتؤكد الحصيلة كذلك على ضرورة الرفع من عدد الأطباء المتخصصين في الطب الشرعي بما يكفل التوزيع المتكافئ لتغطية الخصاص القائم، وكذا تعديل الإطار القانوني لتوسيع دائرة المستفيدين من الحق في التغذية ليشمل المقدمين أمام النيابات العامة في حالة انتظار الاستدعاء أو الإحالة الفورية على الجلسة وهم في حالة اعتقال.
وخلص التقرير إلى التأكيد على أن رئاسة النيابة العامة تجدد التزامها الراسخ بالدفاع عن الحق العام، وصون النظام العام، والتمسك بضوابط سيادة القانون ومبادئ العدل والإنصاف التي ارتآها الملك محمد السادس نهجا لبناء دولة الحق والقانون القائمة على صيانة حقوق وحريات المواطنات والمواطنين.
مشاهد 24 موقع مغربي إخباري شامل يهتم بأخبار المغرب الكبير