أكد مراد غالي الدكتور الباحث في السياسات العامة أن الخطاب الملكي المؤرخ في 31 أكتوبر 2025، يمثل وثيقة سياسية تأسيسية، تؤشر على انتقال نوعي في تاريخ المغرب المعاصر.
وأوضح غالي في تصريح لمشاهد 24 أن الخطاب الملكي هو بداية مرحلة الحسم النهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، ويمكن مقاربة مضامين هذا الخطاب من خلال تحليل بنيته الدلالية، وأبعاده الاستراتيجية، ورسائله السياسية الموجهة.
وأشار غالي إلى أن الخطاب الملكي استهل بمرجعية دينية ذات رمزية بالغة، “إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً”، وهو ما يمنح التحول الدبلوماسي بعداً يتجاوز الإنجاز الظرفي إلى كونه “فتحاً” تاريخياً يمثل تتويجاً لمسار استكمال الوحدة الترابية الممتد لخمسين عاماً، ويُعزز هذا المفهوم بالتأكيد على أن الحسم لم يقتصر على الجانب السياسي، بل امتد ليشمل البعد الاقتصادي، وذلك من خلال تكريس الاعتراف الدولي بالسيادة الاقتصادية للمملكة على أقاليمنا الجنوبية.
وأوضح غالي أن هذا التكريس يحول المنطقة من موضوع للنزاع القانوني إلى قطب تنموي فاعل، مما ينقل النقاش من مستوى الشرعية المجردة إلى واقع التنمية الملموسة كتجسيد مادي للسيادة.
على صعيد آخر أشار الخبير أن الخطاب الملكي يرتقي بمبادرة الحكم الذاتي، من كونها مجرد مقترح مطروح إلى مستوى “الإطار الوحيد والحصري” للتسوية النهائية، وذلك بتناغم تام مع مقتضيات قرار مجلس الأمن الأخير، وتتجلى النقلة الاستراتيجية في الإعلان عن عزم المغرب “تحيين وتفصيل” المبادرة؛ وهي خطوة استباقية تعكس الثقة العالية وجاهزية الدولة للانتقال إلى مرحلة التنفيذ العملي.
واعتبر تقديم نموذج متطور ومفصّل للحكم الذاتي من شأنه أن يستوعب المستجدات الدولية ويقدم إجابات عملية، مما يضع الأطراف الأخرى أمام مسؤولية الانخراط الإيجابي في هذا المسار الواقعي، وفي هذا السياق، يأتي التثمين الصريح للدور الذي لعبته التحالفات الاستراتيجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ليؤكد على أن هذا التحول هو نتاج بنية دبلوماسية متماسكة نجح المغرب في تشييدها.
وأشار إلى أن البعد الأكثر عمقاً في الخطاب يتمثل في تبني مقاربة متسامية ترفض منطق “الغالب والمغلوب”، رغم التفوق الدبلوماسي الواضح، وتتجلى هذه الاستراتيجية عبر مسارين متوازيين داخلياً، بتوجيه نداء مباشر للمحتجزين في مخيمات تندوف، مستحضراً بذلك المقولة التاريخية للراحل الحسن الثاني “إن الوطن غفور رحيم”، هذا النداء لا يمثل دعوة للعودة فحسب، بل هو عرض للمواطنة الكاملة والمشاركة في بناء المستقبل ضمن إطار السيادة المغربية، معززاً بضمانة ملكية عليا بالمساواة التامة في الحقوق والواجبات، مما يهدف إلى تفكيك الأزمة الإنسانية من جذورها.
وأوضح أنه من الناحية الإقليمية جدد الملك الدعوة الأخوية الموجهة للجزائر من أجل حوار مباشر وصادق، هذه الدعوة، الصادرة من موقع قوة وثقة، تمثل عرضاً استراتيجياً يهدف إلى تجاوز الخلافات الظرفية وإعادة تأسيس العلاقات على قاعدة الثقة وحسن الجوار، بما يخدم المصالح المشتركة لشعوب المنطقة ويفسح المجال لإعادة إحياء المشروع المغاربي.
وأكد غالي في الأخير أن خطاب 31 أكتوبر 2025 يُعتبر وثيقة إعلان نهاية النزاع بامتياز، حيث يرسم معالم “مغرب ما بعد النزاع”؛ مغرب موحد ومكتمل السيادة، يستند إلى شرعية دولية راسخة، ومنخرط في دينامية تنموية شاملة، لقد طوى هذا الخطاب، استناداً إلى وقائع القانون الدولي والواقعية السياسية، مرحلة التردد والغموض، ليعلن عن انطلاق مرحلة جديدة قوامها البناء والتنمية تحت سقف السيادة الوطنية التي لا تقبل المساومة.
مشاهد 24 موقع مغربي إخباري شامل يهتم بأخبار المغرب الكبير