في أول تعقيب لها، على البلاغ الذي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود” يوم أمس الخميس، المتعلق بحرية التعبير في المغرب، اعتبرت وزارة الاتصال المغربية، ان ماورد فيه “غير منصف وغير مبرر ومعاكس لواقع حرية الصحافة بالمغرب ويقدم حالات معزولة بطريقة مشوهة”.
وتطرقت الوزارة، إلى أن الجهود التي بذلها المغرب خلال السنوات الأخيرة، والتي تعززت باعتماد دستور جديد وصياغة مشروع مدونة للصحافة والنشر، ساهمت بشكل كبير في تحسين عدد من مؤشرات حرية الصحافة وتدعيم بيئة سياسية وقانونية واقتصادية ملائمة لإرساء ممارسة حرة ومستقلة للصحافة مع تعزيز انفتاح المغرب على وسائل الإعلام الأجنبية.
وتأسيسا على ذلك، قدمت وزارة الاتصال مجموعة من التوضيحات، ضمن بلاغ مفصل تلقى موقع ” مشاهد” نسخة منه، ولاحظت أولا، أنه انطلاقا من الناحية المنهجية، فإن منظمة “مراسلون بلاد حدود” لم تكلف نفسها عناء الاتصال بالسلطات المغربية، واقتصرت فقط عل تقديم رواية واحدة لأحداث معزولة، بينما كان من الأجدر بها كمنظمة للدفاع عن حرية الصحافة التحقق من المعطيات والمعلومات بشأن أي قضية تتبناها، الشيء الذي يفقد هذا البلاغ الحيادية والموضوعية المطلوبين. الأكثر من ذلك، لم تأخذ منظمة مراسلون بلا حدود بعين الاعتبار التوضيحات التي نشرتها السلطات المغربية على نطاق واسع من خلال البلاغات أو التصريحات الصادرة عنها بشأن القضايا المثارة في البلاغ؛
وبالنسبة لجون-لويس بيريز وبيير شوطار، المواطنين الفرنسيين، تضيف الوزارة، “لم يشر بلاغ مراسلون بلا حدود إلى السبب الذي كان وراء ترحيلهما والمرتبط بخرق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل بالمغرب المتعلقة بتصوير الروبورتاجات الصحفية، وخاصة القانون 99-20 المتعلق بتنظيم الصناعة السينمائية. وللإشارة، فقد دخل هذان الشخصان للمغرب لإنجاز روبورتاج، دون أن يكونا قد حصلا أو طلبا أصلا رخصة التصوير المطلوبة لدى السلطات، وقد أشار بلاغ لولاية الرباط بأن مصالح الولاية، وبعد إخبارها بالتحركات المشبوهة والغير القانونية للمعنيين بالأمر وفي خرق تام للقانون الجاري به العمل بشأن تصوير أي روبورطاج صحفي، حاولت السلطات الدخول في حوار معهما ولمرات عديدة بالفندق الذي كانا يقيمان به وبالشارع العام لإخبارهما بضرورة التوفر على رخصة قبلية من المؤسسات المعنية. مع ذلك فقد تمادى المواطنان الفرنسيان في خرقهما للقانون مما استدعى ترحيلهما. وفي ما يرتبط بمصادرة تجهيزات التصوير التي كانت في حوزتهما، فقد تم هذا الإجراء طبقا لنفس القانون 99-20 الذي يؤطر رخص التصوير والذي ينص في الفصل 35 منه على أنه في حالة خرق هذه الإجراءات “يتم مصادرة التجهيزات والأفلام والوثائق- موضوع الخرق”. وهكذا فإن هذه القضية ترتبط بعدم احترام التشريع الجاري به العمل. فالمغرب يعد مثالا في مجال الانفتاح على التصوير الأجنبي. فخلال سنة 2014 منحت السلطات المعنية ما يناهز 1300 رخصة تصوير بالمغرب للقنوات الدولية من مختلف الجنسيات ولم يتم رفض أي طلب في هذا الشأن خلال هذه السنة.”
وعبرت السلطات المغربية عن أسفها إزاء ما أسمته ب”هذا النوع من الكيل بمكيالين، إذ كيف تبرر منظمة مراسلون بلا حدود مساندتها لهذا الخرق للقوانين المعمول بها في المغرب، بينما هذه الإجراءات معمول بها في دول أخرى وبطريقة أكثر شدة مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، والتي تتعامل معها منظمة مراسلون بلا حدود بشكل مختلف”.
وفيما يرتبط بفريق صحفيي قناة “فرانس 24” فقد تم ضبطهم يوم الجمعة 23 يناير 2015 أثناء التصوير بدار ضيافة بالرباط، دون التوفر على الرخصة المطلوبة ولا على بطاقات اعتماد. وقد أشار بلاغ لولاية جهة الرباط إلى أن أعضاء الفريق قد رفض تقديم أي وثيقة حول هويتهم أو رخصة تصوير. وقد تم في ما بعد معالجة هذا المشكل، حيث حصلت قناة “فرانس 24” على الاعتماد اللازم لصحفييها لتصوير برامجها، كما صارت تحصل بانتظام على التراخيص المطلوبة. علاوة على ذلك، فقد تم بت ذات البرنامج دون أي مشكل؛
أما فيما يتعلق باللقاء الدولي حول صحافة التحقيق الذي نظمته مؤسسة فريدين ناومن الألمانية، فإنه لم يصدر قرار رسمي بمنعه. وقد عملت الهيئة على تنظيمه بمقر جمعية مغربية، كما عملت عدد من وسائل الإعلام على تغطيته. ويعرف المغرب سنويا تنظيم آلاف اللقاءات من طرف جمعيات المجتمع المدني من مختلف التوجهات. ويبقى من حق أي جمعية استشعرت تضييقا في حقها أن تلجأ إلى القضاء.
وبخصوص الحالة المثارة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، والتي لم يفصل فيها بلاغ وزارة الاتصال المغربية، مكتفيا بالإشارة إلى أنها “توجد حاليا بيد القضاء، وتمتنع السلطات التنفيذية عن التدخل في القضاء تفعيلا لمبدأ فصل السلط، لكن مع الحرص على تمتيع هذه الحالة بضمانات المحاكمة العادلة، كما أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتابع عن قرب هذه الحالة”.
ولدى تطرقها إلى الموضوع المتعلق بمشاريع مدونة الصحافة والنشر، وقانون الصحفي المهني وقانون المجلس الوطني للصحافة، أكدت الوزارة، “أنها تسير وفق المسار الدستوري المنظم للعملية التشريعية وفق مقاربة تشاركية، كما أن العمل القضائي في سنة 2014 سار في اتجاه عدم سجن أي صحفي والاكتفاء بغرامات مخففة، كما لم يصدر أي قرار بحجز صحف وطنية أو حجب إداري لمواقع رقمية إخبارية. في حين تجدر الإشارة إلى تحقيق تقدم مهم على مستوى إقرار هذه القوانين إذ أن الحوار مع الصحفيين والناشرين بخصوص بعض النقاط التي خلقت نقاشا قد بلغ مراحله الأخيرة، ويبقى الهدف الأساسي لوزارة الاتصال هو الاستجابة لتطلعات المهنيين من صحفيين وناشرين عبر تعزيز ضمانات حرية واستقلالية الصحفيين”.
في الختام أكدت وزارة الاتصال المغربية “انفتاحها واستعدادها للتفاعل مع ملاحظات أو طلبات الحصول على معلومات الصادرة عن المنظمات الفاعلة في الدفاع عن حرية التعبير والصحافة حول العالم، وضمنها منظمة مراسلون بلاحدود، وذلك بهدف إعطاء صورة كاملة عن واقع الصحافة بالمغرب بعيدا عن أي مقاربة انتقائية وغير متوازنة وغير عادلة، وبشكل يعكس الجهود الكبيرة المبذولة لتعزيز حرية الصحافة.”