الدباغ لـ”مشاهد24″: دعم فرنسا لمغربية الصحراء يفتح باب مزيد من الاعترافات ويعبد طريق تسوية النزاع

“إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”، هي رسالة قوية وجهها الملك محمد السادس، بشأن قضية الصحراء المغربية، في خطاب الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب الذي ألقاه بتاريخ 20 غشت 2022.

رسالة تفاعل معها العديد من شركاء المملكة وحلفائها، من خلال إعلان دعمهم لمغربية الصحراء وفتح بعثات دبلوماسية بمدينتي العيون والداخلة. وبعد حوالي سنتين أيقنت فرنسا أن نظارة المغرب لا تقبل مواقف ضبابية، لتعلن عن دعمها الرسمي للسيادة المغربية على الصحراء.

راضية الدباغ الدكتورة والباحثة في القانون العام متخصصة في قضية الصحراء المغربية، سبرت ضمن قراءة تحليلية خصت بها “مشاهد24″، أغوار الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، بين استيعاب الدرس والخضوع للواقع.

في بداية القراءة التحليلية، سجلت الدباغ أن اليوم أشبه مايكون بالأمس القريب، حينما استطاع المغرب انتزاع الاعتراف الأمريكي والإسباني بمغربية الصحراء وسيادة المملكة على كافة أقاليمها الجنوبية، الأمر الذي سجل انتصارا تاريخيا في سجل القضية الوطنية ونجاحا دبلوماسيا ملكيا بامتياز، يسلط الضوء على سنوات من التفاعل الإيجابي مع الملف.

وأضافت أن الاعتراف الفرنسي يأتي هو الآخر لاستدراك الوقت والالتحاق بالجهود الدولية لإقرار مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، خصوصا وأن باريس مطلعة على كل المعطيات القانونية والتاريخية الحقيقية المرتبطة بهذا النزاع، ولها من الوثائق المهمة ما يثبت مغربية الصحراء، ما سيزكي الموقف المغربي سواء داخل مجلس الأمن، أو أمام المحافل الدولية ككل.

وأوضحت أن هذا القرار لم يأت عشوائيا أو تحت أي ضغط أو مصالح اتفاقية، فهو ثمرة عمل جاد ودؤوب للمغرب، عبر مرافعاته دوليا لتأكيد سيادته الشرعية على الأقاليم الجنوبية، بما فيها الجهود التي يبذلها في هذا الإطار لتأهيل التنمية الشاملة للأقاليم الجنوبية، مشيرة إلى أنه أمر تدعمه فرنسا، وبالتالي فهو قرار يتماشى مع الواقع الذي تترجمه كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن على غرار القرار 27.03 أو 26.02 وكل التوصيات التي تصب لصالح مبادرة الحكم الذاتي.

الصحراء المغربية

وأكدت الدكتورة المتخصصة في قضية الصحراء المغربية، أن المغرب لم يكن ليقبل بأقل من هذا القرار الأخير، لأن فرنسا لها مكانة وازنة ليس فقط داخل المنتظم الدولي فحسب، وإنما هي عضو دائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتتمتع بدور محوري في إصدار القرارات المتعلقة بالصحراء على مستوى هذا الجهاز الأممي، مسطرة على أن ذلك سيفتح باب اعتراف مزيد من الدول بمغربية الصحراء وسيساهم لامحالة في تحريك الملف واعتماد المقاربة الواقعية لتسريع الوصول إلى تسوية سياسية نهائية للوضع غير المستقر بالمنطقة وما يشكله من تهديد أمني للرهانات القارية التي أسس لها الملك محمد السادس، وتتمحور في تهيئة أرضية للمبادرة الأطلسية القارية، وكذلك مشروع الداخلة الأطلسي الذي يتوخى الربط القاري بين ضفتي الأطلسي، وهو أمر قوي وجامح أثار إعجاب فرنسا بل أكثر من ذلك عبرت عن دعمه على لسان وزير خارجيتها ستيفان سيجورنيه.

وضمن تحليلها، قالت راضية الدباغ، إن أسباب التغيير المدروس في الموقف الفرنسي بخصوص قضية الصحراء المغربية، تجد أساسها في مجموعة من العوامل التي تدفع فرنسا إلى تحسين علاقاتها مع المغرب وجعلها قوية كما كانت في السابق.

وذكرت في هذا السياق، أن المغرب وضع في الفترة الأخيرة النقط على الحروف فيما يخص علاقاته الثنائية البين دولية، وهو تغيير يساير التطورات التي عرفها ويعرفها، فمغرب الألفية الثالثة يختلف جذريا عما قبله، وهو توجه بلورته وسعت إليه السياسة المغربية الرامية إلى تنويع وتعميق المبادلات الاقتصادية والرقي بها إلى مستوى العلاقات السياسية الجيدة لتكون متكيفة مع المناخ الجيوسياسي الدولي ومتغيراته، وهي بادرة أدت إلى تحصين المكتسبات وتعدد الشركاء الاستراتيجيين وخدمة مصالح المغرب، فكان لاعتماد آليات دبلوماسية ناجعة واستباقية، الدور الكبير في خلق مخططات تواصلية عميقة ملأت الفراغات التي تستقطبها منظمات غربية لتحريض وتشتيت الهوية المغربية بما فيها أبناء ساكنة الصحراء المغربية.

وأردفت أن النهج المغربي الجديد في السياسة الخارجية، جاء كرد فعل طبيعي على التذبذب الذي أبان عنه حلفاء المغرب في قضية الصحراء ومصالحه الإقليمية، المسألة التي دفعت المغرب إلى تبني منهجية براغماتية في خياراته الدبلوماسية، تقاطع الولاء للأحلاف التقليدية وتجعل معيار المصلحة ضابطا لسياسته الخارجية. وبالتالي فالشراكات الجديدة والمصالح المتبادلة، توجه يحسب لصالح الدبلوماسية المغربية التي ظلت لعقود من الزمن وفية لمحورها التقليدي.

“توجه لم تستوعبه الكثير من الدول، وشكل صدمة غير متوقعة للدول التي كانت تتعامل مع المغرب كصوت مناصر ومساند لمواقفها وقراراتها على الصعيد الدولي” حسب تعبير الدباغ.

واسترسلت الدكتورة أنه في ظل النهج المغربي، أعلن عن الموقف الفرنسي كتحول في الاتجاه الصحيح ودرس استوعبته باريس التي تجمعها بالرباط علاقات متميزة ذات اعتبارات تاريخية وسياسية وثقافية، لافتة إلى أن هذه الأخيرة، ظلت مستبعدة لكل المواقف غير الواضحة والخطابات المطمئنة في نفس الوقت من قبل مسؤولي فرنسا، والتي لم تقنعها.

وبعد استحضار مقتطف من خطاب الملك محمد السادس، بالقمة المغربية الخليجية سنة 2016، الذي يسطر على منحى التغيير ولبنة التجديد في السياسة الخارجية، وجاء فيه “إننا نحترم سيادة الدول، ونحترم توجهاتها، في إقامة وتطوير علاقاتها، مع من تريد من الشركاء”…. “ومن جهته فالمغرب رغم حرصه على الحفاظ على علاقاته الاستراتيجية مع حلفائه، قد توجه في الأشهر الأخيرة نحو تنويع شراكاته، سواء على المستوى السياسي أو الاستراتيجي أو الاقتصادي…. ” فالمغرب حر في قراراته واختياراته وليس محمية تابعة لأي بلد. وسيظل وفيا بالتزاماته تجاه شركائه، الذين لاينبغي أن يروا في ذلك أي مس بمصالحهم”…”إن الوضع خطير، خاصة في ظل الخلط الفاضح في المواقف، وازدواجية الخطاب بين التعبير عن الصداقة والتحالف، ومحاولات الطعن من الخلف”، اعتبرت أن رهان المغرب على إعادة ترتيب بيته الداخلي بخصوص سياسة المحاور التقليدية، آتت أكلها في زمن التحولات الكبرى، حيث كان لتنويع الشركاء بفتح جبهات جديدة، نتائج مهمة سمحت له بتوسيع هامش المناورة اعتمادا على شركاء استراتيجيين جدد، يمكن أن يعول عليهم في الدفاع عن قضاياه وحماية مصالحه بالمحافل الدولية، وهو رهان كانت له نتائج إيجابية في ملف الصحراء المغربية.

وختمت بالقول إن التحول في الموقف الفرنسي من مغربية الصحراء، قد يترجم الطموح المشترك للدفع بالعلاقات التاريخية والارتقاء بها إلى المستوى الإستراتيجي، على أساس المنفعة المتبادلة والتشاور والتنسيق في القضايا ذات الإهتمام المشترك، كما قد يأتي من عمق التنافس والندية لقوى دولية تسعى جاهدة لكسب المغرب كحليف استراتيجي، استطاع في ظرف زمي وجيز تعزيز مكانته دوليا وتقوية علاقاته الثنائية مع مجموعة من الدول الوازنة على مستوى تدبير الشأن الدولي والأزمات، وذلك من خلال إبرام شراكات وحوارات استراتيجية ومنحها مضمونا واقعيا ومتعدد الأبعاد، خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا والمملكة المتحدة والصين وروسيا.

اقرأ أيضا

بتعليمات ملكية.. المغرب يعبئ جهازا لوجستيا مهما لدعم جهود الإغاثة في إسبانيا

أكدت سفيرة المغرب بإسبانيا، كريمة بنيعيش، أنه طبقا للتعليمات الملكية السامية، يجسد المغرب تضامنه الفاعل مع الشعب الإسباني، من خلال تعبئة جهاز لوجستي مهم لدعم جهود الإغاثة في المناطق المتضررة من الفيضانات الأخيرة التي شهدتها منطقة فالنسيا.

برقية تعاطف من الملك محمد السادس إلى الملكة كاميلا إثر إصابتها بالتهاب رئوي

بعث الملك محمد السادس برقية تعاطف إلى الملكة كاميلا، ملكة المملكة المتحدة، وذلك إثر إصابتها بالتهاب رئوي.

قمة الرياض تؤكد دعمها لعمل لجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس

أعربت القمة العربية الإسلامية غير العادية المنعقدة اليوم الاثنين بالرياض، عن دعمها لعمل لجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس.