أكد وزير العدل والحريات المغربي، مصطفى الرميد، أن المغرب وفرنسا تجاوزا الأزمة بينهما، وأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه ووقّعه مع نظيرته الفرنسية كريستين توبيرا بشأن استئناف التعاون القضائي، “يُظهر أن العلاقات بين المغرب وفرنسا ستعود إلى مستواها الطبيعي المبني على الثقة”.
وقال الرميد، في مقابلة خاصة نشرها موقع “العربي الجديد”، إن “الجميع شعر أنه ينبغي أن تعود الأمور إلى نصابها وطبيعتها، وإن هذا الأمر هو في مصلحة الجميع”.
إلا أن الوزير المغربي، اعترف أن الاتصال بين الملك المغربي محمد السادس والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند كان وراء تحريك الأمور والتوصل إلى اتفاق، معلناً أن زيارات مسؤولي البلدين التي شهدت فتوراً، ستصبح طبيعية.
وفيما يأتي نص المقابلة الكاملة مع الرميد، نقلا عن موقع ” العربي الجديد”:
ـ تم التوصل إلى اتفاق بين فرنسا والمغرب بعد عام من الخلافات وبعد أزمة كبيرة. إلى أي مدى ساهم هذا الاتفاق في طي صفحة الخلافات، وما هي أبرز المسائل التي تمت تسويتها؟
*الخلاف المغربي-الفرنسي الذي نشب منذ عام، نتج عنه قصور، وكنا أعلنا عنه ويتعلق بالاتفاقيات التي تربط بين المغرب وفرنسا على الصعيد القضائي.
لقد سبق لنا في وزارة العدل والحريات المغربية، أن أصدرنا بياناً في شهر فبراير/شباط من العام 2014، تضمّن قراراً اتخذناه في هذا الوقت بشأن تعليق تنفيذ جميع اتفاقيات التعاون القضائي بين البلدين، وذلك بهدف تقييم جدوى هذه الاتفاقيات وأيضاً تحييدها بشكل يتيح دراسة الخلل بين الطرفين. وبالفعل من خلال الحوار بين الطرفين، تبيّن أن الموضوع والمشكلة تكمن في الاتفاقيات، وأنه لا يمكن أن نعالج الأمور بطريقة بناءة ومفيدة للعلاقات بيننا بعيداً عن الاتفاقيات.
وهكذا انصبّت الجهود على تقييم الاتفاقيات وإعادة صياغة بعض مقتضياتها وإدخال تعديلات، وهو الشيء الذي تحقّق من خلال الاتفاقية التي وقّعتُ عليها السبت الماضي مع نظيرتي كريستين توبيرا.
ـ على ماذا تنص هذه الاتفاقية؟
*تؤكد الاتفاقية التي اعتمدناها على حق الأشخاص بتنفيذ العدالة بكل حرية، وهو حق طبيعي لا يمكن أن نعترض عليه أو نتحفظ عليه، بل نحن دعاة له، لكنْ هناك مبدأ أساسي استندت إليه الاتفاقية، وهو عدم الإفلات من العقاب أيا كان الشخص المعني، وهناك مبدأ تكامل بين النظامين القضائيين المغربي والفرنسي، بما لا يسمح عندما يتعلق الأمر بمواطن مغربي يُزعَم أنه ارتكب جريمة في المغرب، لا يسمح بأن يكون محل اختصاص القضاء الفرنسي تباعاً.
القضاء الفرنسي يمكنه في هذه الحالة أن يعطي الأولوية للنظر في القضية المعنية إلى القضاء المغربي، والقضاء المغربي بالتالي تكون له الكلمة، إلا إذا تقاعس هذا القضاء المغربي عن القيام بواجبه. وفي هذه الحالة يكون القضاء الفرنسي له الحق بأن يسترجع سلطته واختصاصاته.
وهذا أيضاً الحال بالنسبة للمغرب، فإذا كان هناك مواطن مغربي ارتكب جريمة في فرنسا لا يحق مساءلته ابتداءً في المغرب من طرف القضاء المغربي، بل تُحال القضية على القضاء الفرنسي لينظر بها، وإن لم ينظر القضاء الفرنسي بهذا الموضوع، فالقضاء المغربي يسترجع هذا المواطن. هذه هي المحاور الأساسية في الاتفاق، ويمكن أن نقول إننا تجاوزنا الأزمة بين البلدين، وأننا وضعناها وراءنا.
ــ ما هي الخطوات اللاحقة التي تتوقعونها لترجمة هذا التعاون؟
*أولاً، سيتم إيقاف القرار المتخذ بتعليق هذه الاتفاقيات، ثم سيجري تنفيذها. وثانياً، فإن الجهتين القضائيتين اللتين تُعتبران آليتين تشتغلان معاً في التعاون القضائي ومع ما يسمى بالاتصال القضائي المغربي في فرنسا، والفرنسي في المغرب، ستبدأان النظر بالأمور ابتداء من اليوم الإثنين.
هذه الأزمة كانت مسّت أجواء الثقة بين البلدين، أما الآن فالأمور اختلفت، لأن الطرفين شعرا أن هناك مصلحة للجميع في أن تعود الأمور إلى طبيعتها، خصوصاً أنها كانت قائمة على تعاون بنّاء.
والجميع شعر أنه ينبغي أن تعود الأمور إلى نصابها، وهذا الاتفاق سيُعيد العلاقات إلى مستواها الطبيعي المبني على الثقة وعلى الاتفاق الذي تم. ومن المهم عودة العلاقات إلى سابق عهدها، وأن يكون هناك مساواة في التعامل بين البلدين وأن يحترم كل بلد دستور الآخر.
ــ الملك المغربي محمد السادس موجود في باريس في زيارة خاصة، هل من لقاءات مرتقبة مع الرئيس الفرنسي؟ وماذا عن الزيارات الأخرى لمسؤولين فرنسيين إلى المغرب في الأيام المقبلة؟
*زيارات المسؤولين لم تنقطع، لكنها شهدت نوعاً من الفتور، أما الآن فستصبح عادية وطبيعية.
الملك المغربي كان له اتصال مع الرئيس الفرنسي، وكان هذا الاتصال هو المفتاح الذي حرّك الأمور على الطريق الصحيح. أما بالنسبة لزيارة الملك إلى فرنسا، فهي خاصة، ولست مؤهلاً للخوض في تفاصيلها.