رد البوليساريو “اليائس” على المسار الأممي بجريمة السمارة يعجل بنهايتها!

بقلم: هيثم شلبي

على الرغم من أن قرار مجلس الأمن الذي سيجدد لبعثة المينورسو لم يصدر بعد (ربما يصدر بعد نشر هذا المقال)، إلا أن محتواه أصبح معروفا للجميع، وفي مقدمتهم الجزائر وربيبتها البوليساريو، وبالتالي اختاروا الرد عليه حتى قبل صدوره، عبر استهداف منازل مدنيين آمنين بمدينة السمارة، بعد أن عجزوا عن الرد على القوات المسلحة المغربية التي تقف لهم بالمرصاد. هذا الرد “اليائس”، يشي بمقدار الضعف الشديد والتخبط الذي تعيشه عصابة البوليساريو ورعاتها داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية، وسيكون له لا محالة، تداعيات تتجاوز ما تصورته العقول “المريضة” التي تقف وراء هذه الجريمة!

بداية، يمكن التذكير بأهم العناصر التي تسبب الإحباط في القرار الجديد لمجلس الأمن، والتي تدفع جنرالات الجزائر، مدنيين وعسكريين، إلى توجيه مرتزقة البوليساريو لممارسة هذا الفعل الإرهابي على مدنيين آمنين. أول هذه العناصر وأقواها، تأكيد إقبار خيار الاستفتاء، ليس فقط عبر إحباط الولايات المتحدة وباقي أصدقاء المغرب في المجلس، لمحاولة روسيا وموزمبيق لمجرد إيراده كخيار ضمن القرار، وبالتالي تأكيد استمرار تغييب هذا المصطلح (الاستفتاء) من جميع قرارات مجلس الأمن منذ 2006، ولكن لأن تصور المنتظم الأممي لمعالجة هذه النزاع المفتعل، قد أصبح بمثل وضوح الشمس: “حل سياسي واقعي مبني على روح التسوية، ويحظى بموافقة الطرفين، بطريقة تلبي مصالح ساكنة المنطقة” وهو التوصيف الذي يكاد ينطق بلفظ “الحكم الذاتي”. ثاني العناصر، المعززة للصدمة الأولى، هو عدم اقتناع المجتمع الدولي بوجود تهديد حقيقي للسلم في المنطقة والقارة، بشكل يجعله يعير البوليساريو وتهديداتها وبلاغاتها العسكرية الخيالية أي اهتمام، ولو بجملة في قراراته. ثالث هذه العناصر هو إصرار المنتظم الدولي على قيام الجزائر بأمرين، يعتبران مصيريين بالنسبة لجنرالاتها: الجلوس إلى المائدة المستديرة كطرف شريك في الحوار -وليس كمراقب كما يحلو لها أن تدعي- مسؤول عن التوصل إلى الحل الواقعي المنشود؛ والسماح للهيئات الدولية بإحصاء ساكنة مخيمات تندوف، والتعرف على أوضاعهم الحقوقية والإنسانية، وهو ما سيكشف حجم الكذبة التي كلفت الهيئات المانحة الكثير من المساعدات، والتي انتهت إلى جيوب جنرالات الجزائر ووكلائهم في البوليساريو.

لهذه العناصر مجتمعة، ومع استمرار تدهور الوضع على صعيد سحب الاعترافات “بجمهورية تندوف”، يبدو أن الذي أشار “بتسخين” الجبهة في الصحراء، سواء عبر تسلل مسلحين، أو بواسطة عملاء للبوليساريو في الأقاليم الجنوبية، وهو ما سيتكشف سريعا بمجرد تحليل نوع المقذوفات التي استخدمت في الهجوم ومداها (إذا تجاوز مداها 40 كلم فقد تكون أطلقت من خارج الجدار الأمني، وإلا فمن داخل الأقاليم الجنوبية). رد “يائس” لأنه لن يحقق أي فائدة تذكر، وسيعود بالندامة على جنرالات الجزائر ومرتزقة البوليساريو. فمن جهة هو فعل إرهابي يدخل مرتكبه خانة التنظيمات الإرهابية دوليا؛ ومن جهة أخرى، هو فعل جبان استهدف مدنيين آمنين في منتصف الليل، وليس جزءا من معركة بين جيشين، وبالتالي سيجلب غضب الرأي العام المحلي والدولي على مرتكبيه وداعميه؛ هذا دون تجاهل أنه خرق لاتفاق إطلاق النار الذي ترعاه الأمم المتحدة، الأمر الذي يكرس الصورة التي ترسمها التقارير الأممية لعصابة البوليساريو. والأهم من جميع ما سبق، أنه -وكما حصل سابقا في الكركرات- سيعطي المغرب الذريعة والمبرر لتمشيط كامل المنطقة شرق الجدار الأمني، وإخلاء كامل البؤر الموجودة في تيفاريتي وبئر الحلو والمحبس وغيرها، من النقاط التي كان يسمح سابقا لمرتزقة البوليساريو بالتواجد الرمزي فيها، لتنتهي بذلك خرافة “المناطق المحررة”، وتكتسب الصحراء المغربية كاملة ما يطلقه عليه الصحراويين في مخيمات تندوف “المناطق المحرمة” نكاية في عصابة البوليساريو، وستنتهي معها أسطوانة البطولات العنترية الوهمية لمرتزقة البوليساريو، التي لا تصدقها سوى وكالة الأنباء الجزائرية، وتنتهي أخيرا كذبة فرانس 24 وباقي وسائل الإعلام الغربية، عن سيطرة المغرب على 80% من أقاليمه الصحراوية!

وهنا، يطرح سؤال سيعقب تطهير كامل التراب المغربي: هل فكر جنرالات الجزائر في الثمن الذي سيدفعونه في حال سمحوا لمرتزقة البوليساريو بمهاجمة الأراضي المغربية انطلاقا من الأراضي الجزائرية “رسميا”؟! وكيف سيتعاملون مع الرد القانوني المتوقع للقوات المسلحة المغربية على مصدر النيران؟ هل هي مقدمة لحرب محدودة لن تستطيع الجزائر تحقيق أي فائدة تذكر من ورائها، وقد تكلف جنرالاتها سلطتهم!!

ختاما، ندرك أن اليأس قد يدفع صاحبه إلى ارتكاب حماقات غير مأمونة العواقب. كما ندرك أن الحمق، هي صفة ملاصقة لجنرالات فرنسا في الجزائر منذ الاستقلال الصوري لهذا البلد. أما تصور إمكانية تحويل النزاع إلى نزاع إقليمي أو دولي، من أجل إحياء مخطط الاستفتاء في هذه المنطقة محسومة الانتماء، بحجة أنها بؤرة توتر إقليمي، فلن يؤدي إلا إلى فتح ملف باقي أجزاء الصحراء التي نزعتها فرنسا من انتمائها المغربي ومنحتها لربيبتها الجزائر، بل وتلك التي انتزعت من تونس وليبيا.  وعليه، فالأيام القادمة ستعرفنا على شكل الاستجابة المدروسة والمتزنة للملكة المغربية على هذه الخطوة الحمقاء، وهي الاستجابة التي ستعجل لا محالة في إقفال هذا الملف، مرة وللأبد!!

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

إعلام برازيلي.. الصحراء المغربية تحولت لفضاء للازدهار عكس مخيمات تندوف بالجزائر

كتب الموقع الإخباري البرازيلي “بودير 360” أن الصحراء المغربية تحولت إلى فضاء للتقدم والازدهار، على النقيض تماما مع الوضعية المزرية التي تسود مخيمات تندوف، بجنوب غرب الجزائر. ويسلط كاتب المقال، مارسيلو توغنوزي، الضوء على “التحولات العميقة” الاجتماعية والاقتصادية

مجلس حقوق الإنسان بجنيف

هل يعتبر نظام الجزائر من نتيجة استعراض القوة بين المغرب والبوليساريو في جنيف؟!

أمام توالي الهزائم الدبلوماسية، ومن أجل إبقاء الملف مفتوحا علّه يحفظ بقية من ماء الوجه -إن تبقى منه شيء-، تجدد الجزائر وجنوب أفريقيا عقد ندوة على هامش اجتماعات مجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف، بحضور بعض أعضاء "مجموعة جنيف لدعم الصحراء الغربية"، التي "يقال" أنها تضم 15 عضوا،

تندوف

مجلس حقوق الإنسان الأممي.. منظمات غير حكومية تدعو للضغط على الجزائر لضمان حقوق المحتجزين بتندوف

دعت منظمات غير حكومية، أمس الخميس بجنيف، المجتمع الدولي إلى الضغط على الجزائر من أجل ضمان الحقوق الأساسية للسكان المحتجزين في مخيمات تندوف. وجاء هذا النداء خلال المناقشة العامة للتقرير السنوي لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان