قال منتصر حمادة، مدير مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، في الرباط، في تعليق له على الهجمات الإرهابية، التي شهدتها فرنسا، إن ماري لوبين، زعيمة الحزب اليميني المتطرف، أصبحت اليوم “من أسعد السياسيين الفرنسيين” بسبب تداعيات تلك الأحداث، إذ يفترض “أن يُحقق حزبها أرقاماً قياسية في الاستحقاقات الانتخابية القادمة”.
وأضاف في حديث مع موقع ” مشاهد”، أن ماري لوبين، “سوف تزداد سعادة، على حساب تعاسة الملايين من المسلمين الأبرياء هناك، ممن لا علاقة لهم بهذه الجهالات التي لا زالت مصرة على “اختطاف الإسلام” من أهله،” على حد قوله.
وهذا هو النص الكامل للقاء مع حمادة، الذي سبق له أن أصدر مجموعة من الكتب حول تنظيم القاعدة والتصوف والوهابية والسلفية:
ــ كواحد من متتبعي الحركة الإسلامية، ماهي قراءتكم للهجوم على مقر ” شارلي إيبدو”؟
*بداية، لا بد من التأكيد على أن هناك مجموعة من الأسئلة المعلقة والمرتبطة بأحداث “شارلي إيبدو”، وبالرغم من ذلك، هناك واقع أكبر من الأحداث، نعاينه منذ عقود، يزكي ما حصل (إذا صحت الرواية الرسمية للأحداث)، بل نتوقع المزيد، ليس في فرنسا وحسب، ولكن في بلدان أوروبية أخرى.
علينا التأكيد أيضاً أنه لا يمكن اختزال أسباب الغلو الديني لدى الشباب المسلم، في أنماط متخلفة من التديّن ابتلينا بها، ولكن، يمكن التوقف أيضاً عند أسباب سياسية واجتماعية تمر منها القارة العجوز، ومنها مثلاً، فشل السياسيات الأوروبية في إدماج هؤلاء الشباب اليافع والمندفع، لولا أن الذي يهمنا أكثر هنا، في حادثة باريس صباح الأربعاء الماضي، هو البعد الديني، أو المُحدّد الديني (التديّني) في الواقعة.
لقد حذرنا مراراً من تبعات الغزو السلفي الوهابي للقارة العجوز (فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، بريطانيا….)، ولكن الكل طبق الصمت، لماذا؟ لأن هناك أزمة اقتصادية خانقة، تطلبت صمت الأوروبيين عن تبعات هذا الغزو النفطي: المهم [من وجهة نظر صناع القرار في أوروبا] أن تساعدنا دول الخليج العربي على تجاوز الأزمة، وهذا ما تمَّ في نهاية المطاف، عبر استثمارات خيالية في قطاعات الرياضة والفن والاقتصاد، منذ عقد ونيف، أي مباشرة بعد صدمة اعتداءات نيويورك وواشنطن، التي تطلب انخراط أنظمة الخليج العربي في تقديم “شهادات حسن سيرة وسلوك”، وتلتها، كما سلف الذكر، أزمة اقتصادية في العالم بأسره، وكانت أوروبا إحدى أهم محطات هذه الأزمة.
ــ ما هي التداعيات التي يمكن أن يتسبب فيها الحادث، بخصوص انعكاساته على وضعية الجالية العربية والإسلامية؟
*على غرار ما عايناه في تبعات صدمة اعتداءات ونيويورك وواشنطن، فإن المؤشرات الأولى التي نعاينها حالياً، لا تبعث على التفاؤل، ومن هنا بعض أهم أسباب انخراط أغلب المسلمين هناك في تقديم ما يُشبه شهادات البراءة من الأحداث، وهم صريحون في ذلك، ولكن أجواء العنصرية وتصفية الحسابات وهيمنة لوبيا إعلامية وسياسية على المشهد هناك، تتطلب إبداء هذه المواقف.
ــ تبعا لذلك، ألا ترون أن اليمين المتطرف في فرنسا أو هولندا أو غيرهما، سوف ينتهز الفرصة للترويج أكثر لخطاباته المعادية للعرب والمسلمين؟
*قبل أحداث شارلي إيبدو، عاينا صعوداً لافتاً لليمين السياسي في ألمانيا والسويد وانخراط هذه الاحزاب وغيرها في شيطنة الوجود الإسلامي في القارة الأوروبية، بل وصل الأمر إلى الهجوم على بعض المساجد في السويد، وتنظيم تظاهرات في ألمانيا، ومبادرات من هذا القبيل.
في الحالة الفرنسية، نحسبُ أن اليمينية المتطرفة مارين لوبين، أصبحت اليوم من أسعد السياسيين الفرنسيين بسبب تبعات الحدث، حيث من المفترض أن يُحقق حزبها أرقاماً قياسية في الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
قبل صدمة اليوم، كانت التوقعات تتحدث عن صعود لافت لحزبها اليميني المتطرف، أما مع هذه الأحداث ، فسوف تزداد سعادة، على حساب تعاسة الملايين من المسلمين الأبرياء هناك، ممن لا علاقة لهم بهذه الجهالات التي لا زالت مصرة على “اختطاف الإسلام” من أهله.
ــ أخيرا، ماهي الخطوات التي يتعين القيام بها في الظرفية الراهنة للدفاع عن الإسلام كدين للتسامح والتعايش والتفاهم، بدل الصورة المعكوسة الرائجة عنه حاليا؟
*هذا سؤال كبير يتطلب صراحة وشجاعة لأهل الشرق والغرب على حد سواء.
نحتاج إلى عمل جبار في مجالنا التداولي الإسلامين على الصعيد الديني أولاً، وعلى الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية، وما هو قائم حالياً، متواضع جداً، مقارنة مع ما هو مطلوب.
في الساحة الغربية، وهذا معطى هام جداً، نحتاج إلى نقد ذاتي للعقل الغربين اتجاه تعامله مع أهم القضايا العربية المصيرية، ولعل حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مسيرة باريس التضامنية مع ضحايا أحداث “شارلي إيبدو”، يؤكد أن النقد الذاتي الذي ننتظره، لا زال بعيد المنال.