أكد باحثون عرب ومغاربة، خلال”دورة أكاديمية ابن رشد للحرية والديمقراطية”المنعقدة بضاية الرومي، نواحي الرباط، أن الحريات السياسية والاقتصادية والإعلامية ضرورة لا مفر منها من أجل بناء مجتمعات على أرضية مؤسساتية سليمة.
الدورة التي ينظمها المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية، انطلقت السبت الماضي وتمتد إلى غد الخميس، وتعرف مشاركة عدد من الفعاليات القيادية العربية، ويؤطرها أكاديميون وباحثون وخبراء عرب ومغاربة في سياق سلسلة من الدورات التكوينية التي يعتزم المركز تنظيمها لفائدة فعاليات مدنية وسياسية عربية، وفق بلاغ تلقى موقع” مشاهد” نسخة منه.
وفي سياق إشكالية العلاقة بين الحرية الاقتصادية والسياسية، لاحظ عثمان كاير، أستاذ الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وجود مفارقة واضحة بين مستويات الحرية والديمقراطية بالعالم العربي.
وقال كاير أن بعض الدول العربية التي يمكن وصفها بغير الديمقراطية، تحتل مواقع متقدمة في سلم الحريات الاقتصادية، في حين أن دول متقدمة في سلم الديمقراطية والحكامة تظل متأخرة في سلم الحريات الاقتصادية.
وبخصوص تداعيات هذه المفارقة، اعتبر كاير أن تحقيق شكل من الحرية الاقتصادية بمعزل عن الديمقراطية أسس لمجتمع استهلاكي دون وعي بالحرية في شموليتها. ومن جهة ثانية يساهم انحسار تأثير التحولات السياسية والديمقراطية على منسوب الحرية الاقتصادية بسبب ثقل البيروقراطية وسطوة الإدارة، وتجاوزها أحيانا للسلطة الديمقراطية الناشئة.
ومن جهة أخرى توقفت الباحثة التونسية آمال قرامي عند تحليل جندري لأسباب الاختلافات والتمايزات بين الرجل والمرأة حيث دعت إلى ضرورة دسترة حقوق النساء و المطالبة من خلال حملات المناصرة والضغط بإدماج مقاربة النوع الاجتماعي بالدستور، باعتبارها ضمانة لتفعيل النصوص الدستورية ووضع آليات ناجعة لتحديد التأويلات غير المرغوب فيها تلك التي تعتمد تبعية النساءوفقا لمرجعية تقليدية لا تؤمن بالمساواة بين الرجال والنساء والتي تستعمل الفتاوى وعدد من النصوص الدينية لإبقاء النساء في مرتبة دونية .كما دعت إلى تجسيد مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في الدستور و الشريعات المناسبة الأخرى، وضمان التطبيق العملي لهذا المبدأ من خلال القانون والوسائل المناسبة الأخرى بالإضافة إلى ضرورة تحقيق مبدأ التناصف في المجالس المنتخبة.
وبخصوص الشق الإعلامي، توقف الباحث عزيز مشواط، عند الأسس الفلسفية لحرية الإعلام حيث ضرورة استحضار مختبرين أساسيين عند تناول الموضوع ، الأول مرتبط بالمختبر السياسي والصراع الذي خاضته البشرية للتخلص من الحكم الشمولي والاستبدادي، والمختبر الثاني يتعلق باجتهادات المفكرين والفلاسفة انطلاقا من عصر الأنوار وإرادة تجسيد مركزية الإنسان وتمجيده والبحث عن عقد اجتماعي يستمد شرعيته من داخل المجتمع وليس من أي سلطة أخرى خارجية.
وبخصوص علاقة حرية وسائل الإعلام بالتحول الديمقراطي، استعرض مشواط ثلاث اتجاهات نظرية الأول يقر بهذه العلاقة الإيجابية، في حين يرى الاتجاه الثاني أن التأثير الإيجابي لوسائل الإعلام لا يتم إلا ضمن الديمقراطيات القائمة، أما الاتجاه الثالث فيقر بضرورة الحذر، خاصة يقول الباحث وأن وسائل الإعلام قد تكرس الحكم الديمقراطي كما قد تكرس الحكم الشمولي. لذلك، يضيف ذات المتحدث، لا بد أن تستند وسائل الإعلام إلى حركية وديناميكية المجتمع المدني الذي يمكن أن يشكل حاميا لها عندما تتهددها فرص عودة النظام الشمولي إلى احتكار وسائل الإعلام.