خصصت يومية ” الأخبار” ملفها الأسبوعي في عددها الصادر اليوم السبت، لموضوع ” التعليم العمومي في المغرب”، وذكرت في بدايته بأن التعليم حظي بمكانة خاصة عند سلاطين المغرب وملوكه، حيث كانوا يحرصون على بناء المدارس وتخصيص المساجد للعبادة والتعلم وإعداد دور قرآنية لإيواء الطلبة، مما مكن من ربط التعليم في بدايته بحفظ القرآن وتعلم الفقه واللغة بغرض الحفاظ على الهوية الدينية للدولة والتصدي للغارات الصليبية التي تسعى إلى فصل المغربي عن هويته وعقيدته.
وأضافت اليومية أن ملفها الأسبوعي يزيح الغبار عن التعليم في عهد الحماية، مشيرة إلى تزامن ظهور المدارس النظامية المنفصلة عن المساجد مع قيام الدولة المرينية، حيث شيد السلطان يعقوب بن عبد الحق أول مدرسة سميت الصفارين، في حدود سنة 1271 ميلادية، على الرغم من وجود مَعلمة من قيمة (جامع القرويين) الذي اعتبر أول جامعة في تاريخ المغرب، لتبدأ سلسلة التدشينات التي أسفرت عن إنشاء مدارس عديدة كمدرسة العطارين والمدينة البيضاء والصهريج، وشجع على هذه الطفرة التعليمية نزوح عدد كبير من العلماء المتشبعين بالمذهب المالكي من الأندلس صوب المغرب وتقربهم من السلاطين الذين أسندوا لهم مهام في دواوينهم ومنهم من أوكلت له مهمة القضاء أو تعليم النشء.
توقيت الدراسة في تلك الحقبة التاريخية، كان يبدأ مع طلوع الفجر ويمتد إلى ما بعد صلاة العشاء .
وقبل العصر كان الطلاب ينصرفون عادة إلى الخزانة حيث يطالعون الكتب التي تدخل في منهاج الدرس.
ويخصص يوما الخميس والجمعة لدراسة الحساب، وبعد انتهاء فترة التحصيل يصبح التلميذ أستاذا.
ومن الأمور التي لم يتوقف عندها المؤرخون كثيرا، «مدرسة المهندسين» بدار المخزن بفاس الجديد، والتي شيدها أبو سعيد في المدينة البيضاء. يقول مؤلف كتاب تاريخ الطب أن هذه المدرسة سميت سنة 1844 بمدرسة المهندسين “لأن السلطان أدرج في برامجها إذ ذاك دراسة العلوم”.
ازدهار الحركة التعليمية في المغرب لم يرتبط فقط بالسلاطين بل بالعلماء أيضا، فقد ظهر مفكرون أشداء نذكر منهم، المؤرخ ابن خلدون، والأديب ابن الخطيب ، والعلامة الحضرمي وغيرهم.
إجمالا، تضيف يومية ” الأخبار”، فقد تميز التعليم في فترة ما قبل الحماية، «بطابعه الديني وبالانسجام مع مبادئ الإسلام، وبغض النظر عن مضمون التعليم والبيداغوجية المتبعة فإن قيمة التعليم والتعلم كانت تستمد أساسا من وظيفته الاجتماعية”.
انتبه المستعمر الفرنسي والإسباني لأهمية التعليم فحاول خلال فترة الحماية، الحيلولة دون استمرار المد التعليمي وضرب التعليم العتيق وإبادة مشايخه ومعالمه ومؤسساته.
كما عمل على إفراغ جامع القرويين من حمولته الأكاديمية وتحويله إلى مسجد للعبادة ومزار للمغاربة، إلا أن الملك محمد الخامس تصدى لعمليات طمس الهوية المغربية بجرأة.
حاول المستعمر الاهتمام بتعليم النشء إذ تنص المادة الأولى من عقد الحماية على الإسراع في تكوين جيل عصري والعمل على «فتح آفاق واسعة أمامه في ميدان التربية والتعليم”.
لكن على مستوى الواقع تم إحداث تعليم نخبوي يكرس الطبقية ويقصي البسطاء من التمدرس في سعي مكشوف لخلق تعليم تقليدي للمغاربة وآخر حداثي للفرنسيين وأعيان المغرب.
ملف اليومية المذكورة يكشف عن تفاصيل ومعطيات اخرى جديرة بالتأمل والمتابعة.