بعد أن كانت الدبلوماسية التونسية تدور في فلك قطر وتركيا، الداعمين الرئيسيين للإسلاميين المعتدلين في العالم، جاء الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي ليحول الوجهة هذه المرة نحو السعودية.
فبعد مرحلة حكم حركة “النهضة” والرئيس المنصف المرزوقي ما بين 2011 و2014، جعل السبسي بعد انتخابه رئيسا لتونس من دبلوماسية مجاله المحفوظ وغير بوصلتها باتجاه السعودية بحسب مقال تحليلي لمجلة “جون أفريك” الفرنكفونية.
العام الماضي شهد قيام الرئيس التونسي بزيارات عدة إلى الخليج منها اثنتان إلى الرياض. في نفس الإطار، التحقت تونس في ديسمبر من العام الماضي بالتحالف الإسلامي ضد الإرهاب، والذي يضم 34 بلدا تسعى من خلاله الرياض حسب البعض إلى تكوين حلف سني ضد إيران الشيعية وحلفائها.
قبل ذلك كانت تونس قد أعلنت في مارس من العام الماضي عن دعمها للتدخل الخليجي ضد الحوثيين في اليمن.
توجه الرئيس التونسي لم يمر حسب المجلة دون أن يخلق النقاش حتى داخل محيطه المقرب. فبالرغم من إقرار البعض بضرورة محو الصورة التي ترسخت مع المرزوقي و”النهضة” بسبب طبيعة علاقاتهما مع قطر في إطار سياسة الأخيرة القائمة على دعم الإسلاميين.
وترى “جون أفريك” أن السبسي عمل على إعطاء بعد أكبر للسياسة التي بدأها رئيس الحكومة السابق مهدي جمعة، والذي لم يكن بدوره راض على ما يبدو على سياسة المرزوقي و”النهضة”.
إقرأ أيضا: لوموند: “أزمة نداء تونس تصب في مصلحة إسلاميي النهضة”
بيد أن الانتقاد الموجه إلى الرئيس التونسي مرتبط بالخوف من الانزلاق إلى الدخول في صراع مع إيران، وهو ما لا يخدم مصلحة تونس، مما قد يعني تكرارا لنفس أخطاء عهد المرزوقي في التبعية لقوة خارجية بدل الحفاظ على مبدأ التوازن في العلاقات الخارجية الذي ميز الدبلوماسية التونسية لسنوات.
بيد أن مستشاري الرئيس التونسي يبددون هذه المخاوف بالاستشهاد بتغير موقف البلاد من الملف السوري وعودتها إلى الحياد من خلال إعادة فتح قنصليتها في دمشق. هذا القرار لم يمر مع ذلك دون أن يغضب حلفاء تونس في الخليج.
وبالرغم من كون البعض أن حلفاء تونس التقليديين هم الولايات المتحدة وأوروبا، إلا أن الأكيد أن هؤلاء ليس لديهم نفس هامش الحركة في تقديم المساعدات لتونس، في الوقت الذي وافقت فيه السعودية على تقديم دعم مهم على شكل 48 طائرة مقاتلة من نوع F 15 في ديسمبر من العام المنصرم.
وتبدو تونس أكثر من أي وقت مضى في حاجة للدعم الخليجي. فبالإضافة إلى التحديات الأمنية التي تواجهها، يعيش اقتصاد البلاد أسوأ حالاته مع تراجع إنتاج الفوسفاط وانهيار السياحة وظهور بوادر سنة فلاحية عجفاء، في الوقت الذي عاشت فيه البلاد مع مطلع السنة الجارية على إيقاع الغليان الشعبي بمناطق مختلفة احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية.
أمام هذا الوضع، تبدو تونس في حاجة إلى “قبول اليد الممدودة من طرف الرياض حتى ولو كان على حساب كبريائها”، كما يقول أحد مستشاري الباجي قايد السبسي.