بعد سنوات من الجمود الذي طبع العلاقات المغربية الموريتانية، والصمت المتبادل الذي كانت تتخلله من حين لآخر برقيات تهنئة أو مواساة من الطرفين في مناسبات متفرقة، يبدو أن انفراجا قادما من شأنه الدفع بالعلاقات بين البلدين نحو الأفضل، إذ أن عددا من الخطوات اتخذت في الفترة الأخيرة، خصوصا من طرف المغرب تنبئ أن هناك إرادة حقيقية، لنفض الغبار عن علاقة بين بلدين يجمعها الجوار والدين وأشياء أخرى، فهل تغير المحطات التي سنعرضها حقا مسار العلاقات المغربية الموريتانية؟
أول هذه المحطات التي لابد أن نتحدث عنها لأهميتها، زيارة صلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية والتعاون، لبلاد ”شنقيط”، في أكتوبر 2014، التي التقى خلالها الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وعددا من المسؤولين الموريتانيين.
وتميزت هذه الزيارة، بأنها كانت خطوة ناقش خلالها مزوار سبل تطوير التعاون الاقتصادي، ولم تقتصر المباحثات على الجانب السياسي والديبلوماسي.
المحطة الثانية، لم تكن في خانة الزيارات أو التصريحات، بل جاءت مشاركة في احتفالات بأهم عيد تحتفل به البلدان، وهو عيد الاستقلال، إذ أدت فرقة عسكرية مغربية، استعراضا مميزا ضمن الاستعراضات التي نظمت خلال احتفال موريتانيا بالذكرى الخامسة والخمسين لاستقلالها.
وقد خلفت هذه المشاركة التي جرت في شهر نوفمبر الماضي، صدى طيبا لدى المسؤولين الموريتانيين، حيث إن الرئيس ولد عبد العزيز، أشاد بالاستعراض العالي المستوى الذي قدمته الفرقة التابعة للقوات المسلحة الملكية.
وأكد الحضور الوازن الذي تابع الاستعراض، المتمثل في ضباط سامين من هياة أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية وعبد الرحمان بنعمر سفير المغرب بنواكشوط، وعزيز بوعرصة الملحق العسكري بسفارة المملكة عن الجانب المغربي، والوزير الأول ورئيس مجلس الشيوخ، ورئيس الجمعية الوطنية عن الجانب الموريتاني، أنها محطة ستبصم سجل العلاقات الثنائية.
وبعد أقل من شهر، وبالضبط يوم السبت 12 ديسمبر2015، يؤكد المغرب من جديد على أنه ماض في فتح صفحة جديدة أكثر دينامية، في علاقته بموريتانيا، إذ حل وفد رفيع المستوى من الديبلوماسية المغربية، يتقدمه صلاح الدين مزوار، مرفوقا بياسين المنصوري مدير المديرية العامة للدراسات والمستندات، وبوشعيب عروب المفتش العام للقوات المسلحة المغربية قائد المنطقة الجنوبية.
هذه الزيارة حسب ماذكرت وسائل الإعلام الموريتانية، التي تابعتها بدقة، كانت ”أمنية” بامتياز، إذ تباحث خلالها المسؤولون المغاربة مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز، سبل تعزيز التعاون الأمني، من أجل مواجهة خطر الجماعات المسلحة التي تهدد المنطقة.
بعد هذه المحطات التي صارت مدونة في السجل المغربي الموريتاني، يرجح أن يتم خلال الشهور المقبلة تعيين سفير ل ”شنقيط” في الرباط، وهي الخطوة المنتظرة منذ سنوات، والتي يتفق المتتبعون على أنها ستؤسس لمرحلة جديدة في علاقة المغرب بموريتانيا، فهل يتم ذلك حقا ويتغير مسار العلاقات المغربية الموريتانية نحو الأفضل؟
إقرأ أيضا: مزوار والمنصوري يحلان بموريتانيا لكسر جمود العلاقات