بينما نجح المكتب المركزي للابحاث القضائية، في تفكيك خلية ارهابية بمدينة بني ملال المغربية، يراقب الامن الاسباني في حالة استنفار نتائج العمل الذي يقوم به نظيره المغربي، وما سيسفر عنه التحقيق مع المعتقلين الذين كانوا يستعدون لإلحاق الأذى بالوطن؛ اذ يمكن ان تكون الخلية المفككة حلقة ضمن العنكبوت الارهابي سواء في إسبانيا او المغرب، كنقطتي انطلاق نحو بلدان اوروبية.
وفي ظل الاجواء المشحونة التي خلفتها الاعتداءات الاجرامية الشنيعة على العاصمة الفرنسية واحتمال وجود شركاء في اسبانيا او هروب عناصر اليها ؛قال الوزير الداخلية الاسباني في تصريح صحافي إنه سيكون مجانبا للحقيقة اذا اطمأن الى ان بلاده مؤمنة من اي خطر ارهابي، لكنه اضاف ان مستوى التأهب الامني يوجد في الدرجة الرابعة اي ما قبل الاخيرة وهو مستوى كاف بنظر الوزير في الظروف الحالية.
وبات الامن الاسباني الذي ينسق عملياته مع قوات الحرس المدني، مقتنعا أكثر من ذي قبل بان الخطر الارهابي طال كل المناطق الاسبانية مع تفاوت في درجة الخطورة.
وفي هذا الصدد وجهت صحف اسبانية النقد اللاذع للأحزاب الانفصالية في كاتالونيا التي استمالت الى صفوفها الجاليات المسلمة الكثيرة المقيمة في الاقليم منذ عقود، وذلك بمنحها تسهيلات وحرية الحركة، مقابل التصويت لصالح استقلال الاقليم عن الدولة الاسبانية.
ولا تتوفر احصائيات مدققة بعدد الناخبين من الجالية المسلمة الذين قد يكونوا صوتوا لصالح الاحزاب الانفصالية، ولكن المؤكد ان كثيرين انخدعوا بالنداءات الانفصالية بل ربما خضعوا للابتزاز والخوف من المستقبل في حالة ما اذا نجح المشروع الانفصالي واعلان النظام الجمهوري وتثبيت القطيعة مع المملكة الاسبانية، التي يحق لها ان تعاقب الاقليم المتمرد بتدابير زجرية من قبيل تجميد حقوق المنخرطين في الصناديق الاجتماعية وأنظمة التقاعد.
ولوحظ ان الصحافة تلقي باللوم على الانفصاليين وليس على الذين طاوعوهم مضطرين، علما ان الجاليات المسلمة المقيمة في اسبانيا لا تجد من يؤطرها سوى فقهاء الظلام القادمين من المشرق، يشحنون الصغار والكبار بالفكر الظلامي والتحريض على الكراهية.
اقرأ المزيد: النقل المباشر لوقائع انفجار العاصمة الفرنسية باريس
وتتحمل دول المنشأ وجمعيات المجتمع المدني، جزءا من مسؤولية ترك افراد الجاليات بدون توجيه وارشاد، وخاصة الشباب العاطل الذي اخفق في الدراسة وبناء علاقات وروابط مع المجتمع ليندمج فيه، ما جعله عرضة لقوى الشر، فاصبحوا هم واباؤهم واسرهم ودينهم محل الريبة والشبهة وتحولت كاتالونيا الى مركز بامتياز للجماعات الارهابية تخطط من هناك وترسل المجندين الى بلدان المشرق العربي.
الى ذلك، شددت المراقبة في اليومين الاخيرين على جانبي الحدود بين سبتة المحتلة والمغرب، حيث تواجه قوات البلدين صعوبات وأعباء، بالنظر الى كثافة العابرين في الاتجاهي حيث يقدر العدد اليومي بالألاف، بينهم مآت صغارالمهربين المغاربة الذين يدخلون يوميا الى الاسواق القريبة من المركز الحدودي ويعودون محملين بالبضائع المهربة من سبتة المحتلة، لاعادة بيعها وتسويقها في المغرب وخاصة في مدن الشمال. فهؤلاء يمكن ان يقدموا خدمة للارهاب دون ان يشعروا بذلك لجهلهم وسذاجتهم.
وتواجه قوات الامن والاستخبارات من البلدين، للتأكد من الداخلين والخارجين على اعتبار ان النشاط الارهابي اصبح عابرا للحدود والقارات وبالتالي فانه يمكن ان يضرب في اسبانيا والمغرب، وهذا معطى جديد تاخذه في الاعتبار السياسات الامنية في البلدين الجارين، ما استلزم التنسيق المستمر والمحكم بين الاجهزة الاستخباراتية الذي اعطى نتائجه المعلنة وغير المعلنة في غضون السنوات الماضية، وخاصة منذ الهجوم الارهابي الكبير الذي استهدف العاصمة مدريد وخلف عشرات القتلى والجرحى.
ويبدو ان إسبانيا مقتنعة اكثر من اي وقت مضى بجدوى التنسيق مع المغرب، ولوحظ ان الاعلام الاسباني لم يهتم كثيرا، بوجود زعيم جبهة البوليساريو، فوق التراب الاسباني الى جانب الناشطة الانفصالية أمينتو حيدر،خلافا للسنوات الماضية.