ليس من باب التشاؤم لكنه الحرص والإحساس بمصير الشعب الليبي، الذي تتقاذفه عاتيات الرياح المتمثلة في هذا الانقسام الخطير سياسيا، والذي نتج عنه انقساما اجتماعيا واقتصاديا وماليا!!.. ان الوضع في ليبيا جد خطير، وينذر بحدوث كارثة مالية واقتصادية وشيكة، لا قدرة لليبيا على تجاوزها في الامد القريب!! ولذلك ومن واقع المسئولية الوطنية والأخلاقية وجب تنبيه الليبيين شعبا وقيادات، الى ما ستئول اليه الاوضاع في ليبيا قريبا، اذا ما استمر الحال على ما هو عليه، من انقسام وفرقة وصراع على السلطة. انني هنا انبه الى ان التوقعات الاقتصادية والمالية في ليبيا تشير الى تدهور خطير في الوضع المالي والاقتصادي مع نهاية هذا العام 2015، وان من العوامل المسببة في ذلك ما يلي: 1- انخفاض معدلات تصدير النفط والتي لم تتجاوز ثلث ما كان سابقا حيث لم تتجاوز 500 مليون برميل يوميا. 2- انخفاض سعر النفط والذي يتراوح بين 46-54 دولار للبرميل وتوقعات باستمراره في ذلك لسنوات قادمة. 3- تدني حاد في عائدات الضرائب والجمارك والكهرباء والخدمات يقابله زيادة واقعية كبيرة في حجم الاستهلاك. 4- تآكل البنية التحتية وتعاظم الحاجة الى مصاريف التشغيل والصيانة. 5- حجم الاضرار المادية الكبيرة التي خلفها التقاتل الاهلي في الممتلكات الخاصة والعامة وما يتطلبه من اموال. ان واقع الوضع المالي لليبيا اليوم، بعيدا عن التزييف والخداع والأوهام، الذي تحاول حكومات “الصدفة” تسويقه، يكشف بجلاء عدم قدرة تلك الحكومات على قيادة وإدارة البلد، بل دفعها للبلد الى حافة الانهيار من خلال قرارات عبثية غير مدروسة! وحتى لا يكون الكلام مبهما، فإنني اضع امام الشعب الليبي حقائق الوضع المالي الخطير الذي نعيشه اليوم من خلال لغة الارقام التي تخرس كل مشكك وواهم وهي كما يلي: 1- باعتراف المسئولين أنفسهم، ان معدل تصدير النفط الليبي يوميا في حدود 300 مليون برميل (نفترض انه 500 مليون برميل). 2- يتراوح سعر البرميل حاليا بين 46 و54 دولارا للبرميل، ولنفترض ان السعر يكون 50 دولارا للبرميل الواحد. 3- بعملية حسابية بسيطة : قيمة الانتاج السنوي للنفط = (500 مليون برميل × 30 يوم × 12 شهر × 50 دولار) يساوي = (9 مليار دولار) 4- قيمة عائدات الغاز والاستثمارات حاليا في حدود (1,5 مليار دولار). 5- مجموع ايرادات الضرائب والجمارك في حدود ( 2,5 مليار دينار ما يعادل بالدولار فقط 1 مليار دولار). 6- الميزانية السنوية التقديرية للدولة ستكون حوالي (9 + 1,5 + 1 = 11,5 مليار دولار) وتعادل بالدينار 11,5× 1,3 = 15 مليار دينار تقريبا. الجميع يعلم ان قيمة الرواتب قد وصلت الى حوالي 23 مليار دولار عام 2013-2014، وبعد تفعيل الرقم الوطني تقلّصت الى حوالي 15 مليار دينار ! هذا يعني ان ميزانية الدولة بالكاد تغطي بند الرواتب!! فمن اين لنا بالباقي!؟ الدولة تحتاج الى ميزانية تسييرية وتشغيلية للخدمات في الصحة والتعليم والكهرباء والمرافق والنظافة والمياه ….الخ الخ ..! الدولة تحتاج الى ميزانية لدعم السلع التموينية والوقود والتي كانت تقدر بحوالي 7 مليار دينار..!
المزيد: ليبيا دولة غنية مهددة بالإفلاس
يعني باختصار وقياسا على ميزانية عام 2011 البالغة 43 مليار دينار، سيكون هناك عجز في الميزانية قيمته ( 43 – 15 = 28 مليار دينار). أين المفر وما هو الحل!؟… في نظري يوجد حلان احدهما امثل والآخر تلفيقي: الحل الأمثل: يكمن في تفهم الليبيين وتوحدهم ونبذ خلافهم وذلك بتشكيل حكومة وحدة وطنية واحدة وإلغاء هذا الازدواج العبثي المخزي!..عندها سيكون ممكنا السيطرة على الوضع الامني وبالتالي زيادة القدرات التصديرية للنفط مترافقا مع السيطرة المالية في الصرف وستتعافى البلد تدريجيا وفي فترة قياسية بحول الله. الحل التلفيقي: في حال استمرار الوضع الحالي وتقاسم الحكم من قبل حكومتين في الشرق والغرب، سيستمر الحال كما هو عليه من حيث معدلات التصدير الحالية للنفط وقد ينقص نتيجة الحرب! مترافقا مع ازدواجية الصرف في بنود التسيير والتشغيل مما يفاقم الازمة.. وسيكون امام المسئولين امران لا ثالث لهما للتدبير المالي الطاريء: 1- اما الاقتراض من البنك الدولي وما يعنيه ذلك من رهن للبلد بسياسات البنك وإنهاكها بحجم الفوائد المركبة سنويا. 2- اما بتعويم قيمة الدينار الليبي وإخضاعها للقيمة الحقيقية في السوق الموازية، مما يترتب عليه زيادة كبيرة في معدل التضخم وزيادة معاناة الليبيين، هذا يعني ان قيمة الميزانية ستصبح (11,5 × 2,5 = حوالي 29 ….
*محلل سياسي ليبي/ ليبيا الآن”