لقد ضاق صدر ملايين البشر درعًا من المشكلات التي لا عدّ ولا حصر لها، فالغني يشتكي والفقر يشكو، والرئيس مهموم، والمحكوم مغموم، والشباب تائهون، والكثير من الناس ضائعون في خضم بحر متلاطم الأمواج؛ يقدف بالناس وتراهم حياري وسكاري؛ وما هُم بسكُاري، بل مع كثرة ضغوط الحياة وكبدها وتنغيصها، حتى بلغت القلوب الحناجر، والناس يظنون ببعضهم الظنونا، وتجد اليوم دول متناحرة وأخرى متنازعة وغيرها مُتصارعة؛ ولا تجد صداقات دائمة ولا عدوات دائمة بل مصالح دائمة؛ وأصبح الأخ يقتل أخاه والخل يخون خلُه، والصديق يغدرُ بصديقِهِ! والمرأة تطعنُ في عرض أختها وتلك الفتاة تمكُر بزميلتها، ومنهن من يُجيد الهمز واللمز والغمز، إلا من رحم ربي، وترى الناس حالهم اليوم مختلف فمنهم من يشكو صيفٌ حارق؛ قطعُ للكهرباء، ومنهم مشكلتهُ بردٌ قارص، ومنهم أُبتلي في مرضٍ مجهزاً أو موتًا مُنسيًا، ومنهم مشكلتهُ فقرًا مدقعًا، ومنهم من عندهُ غنًا مُطغيًا، ولكنه يشكو أنه يتمنى أن يُنجب له ولدًا قبل الممات والفقير لديه مدرسة من الأولاد ويتمنى من يأخذهم لأنه يشكو من قلة الزاد؛ كل ما سبق يدلل أن مشكلات العالم كثيرة وكثيرة جدًا؛ فكيف يا ترى حلها؛ وما السبيل وكيف المخرج؟ والحل واحد ووحيد وهو الرجوع لكتاب الله وسنة نبينا محمد صل الله عليه وسلم ومن خلال وسطية وسماحه الاسلام ورحمته للعالمين، واتباع هدى النبي ومنهاجهُ القويم، وليس غلوًا في الدين كما يفعل التكفيرين المجرمين اليوم؛ وأريد هنا أن أستشهد بقول كبار عُلماء الغرب من المفكرين اللذين درسوا عن محمد صلى الله عليه و سلم” وكيف حل المشكلات في زمانهِ، قائلاً: ” لو كان محمد حيًا لحل كل مشاكل العالم وهو يرتشف فنجان قهوة”، وقال المفكر الفرنسي لا مارتين: محمد هو النبي الفيلسوف الخطيب المشـرع المحارب قاهر الأهواء، وبالنظـر إلى مقاييس العظمـة البشرية أود أن أتساءل هل هناك من هو أعظم من النبي محمد ؟! وقد قال الأديب الإنجليزي برنارد شو:”إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد، هذا النبي الذي لو تولى أمر العـالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمـن السلامة والسعــادة التي يرنو العالم إليها؛ وقد قال الزعيم الهندي المهاتما غاندي في حق رسول الله صل الله عليه وسلم ما يلي: “بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني مـن حياة الرسول محمد وجدت نفسي بحاجة للتعرف أكثر على حياته العظيمة، إنه يملك بلا منازع قلوب ملايين البشر”، وأما الكاتب الإنجليزي توماس كارليل قال: إني لأحب محمدًا لبراءة طبعه من الريــاء والتصنع ،إنه يخاطب بقوله الحــر المبيـن قياصرة الروم وأكاسرة العجم ليرشدهم إلى ما يجب عليهم في هذه الحياة الدنيا والآخرة وقال الأديب البريطاني جورج ويلز: “محمد أعظم من قاد دولة للعدل والتسامح؛ وأما مؤلف قصة الحضارة ويل ديورن فقال: “إذا ما حكمنا على العظمة لما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمدًا هو أعظم عظماء التاريخ”، وقد قال مايكل هارت مؤلف كتاب(الخالدون المائة الأوائل ) واختيار مائة شخصية عالمية كأعظم العظماء الذين غيروا حياة العالم على مر التاريخ البشري قاطبة، وقد أثار الكتاب ضجة في الغرب …لأنه يصرح بقوة أن محمدًا أعظم شخصية مرت على العالم على الإطلاق ومن الشخصيات التي وضعها مع الخالدين المائة: (عيسى عليه السلام، ارسطو، موسى عليه السلام، نيوتن ، أنشتاين، عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المرتبة 51 ، مارتن لوثر و جاليليو ..الخ) وواجه الكاتب حرجًا و انتقادًا، لوضعه النبي صلى الله عليه و سلم رقم واحد كأعظم شخصية في العالم لأنه وضعه قبل المسيح عيسى عليه السلام الذي جاء في المرتبة الثالثة، أما ليف تولستوي «1828 ـ 1910» الأديب العالمي الروسي الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية. ) قال: يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة؛ وقال الدكتور شبرك النمساوي: “إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته، وقال(توماس كارليل): القرآن هو الكتاب الذي يقال عنه (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) وأما(الأمريكي مايكل هارت) قال: لا يوجد في تاريخ الرسالات كتاب بقي بحروفه كاملا دون تحوير سوى القرآن الذي نقله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وأردف قائلاً إن التشريع في الغرب ناقص بالنسبة للتعاليم الإسلامية وإننا أهل أوربا بجميع مفاهيمنا لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد؛ في نهاية الحديث إن كان هذا إقرار جزء بسيط من مئات علماء الغرب والشرق والذين توصلوا إلى كيفية حل مشكلات العالم، أفلا ينبغي علينا أن نفيق من سكرات الجهل والتعصب والحزبية والطائفية والجماعات والمذاهب واْلفِرقّ، وحتى حدود الدولة الضيقة والاقليم، ونحب بعضنا البعض، وأن يرحم بعضُنا بعضًا، وأن نعلم أن الرسول جاء رحمةً للعالمين، وأنه لا إكراه في الدين ولا غلو ولا تطرف في الدين، ,أن حل مُشكلات العالم يكمن في تحقيق إعمار الأرض وفق منهج الله عز وجل عن طريق المحبة والوئام والسلام والرحمة والعدل والتسامح والشوري والديمقراطية والرحمة بالإنسانية؛ ولنعلم أن الله عز وجل أسم من اسمائهِ الحُسني السلام، وفي الدعاء للنبي: اللهُم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، وأن تحيتنا السلام، وباب الجنة اسمه السلام، وباب الكعبة السلام، فعلي المؤمن والصالحين والمحترمين السلام؛ فيجب على كل فردٍ في العالم أن يكون رسول سلام ويعمل الصالحات ليعُم السلام ربوع المعمورة، وندخل الجنة بسلام؛ وكما تبُني في عقول بعض البشر الشرور والحروب؛ فيجب أن نبني في عقولهم وافكارهم حصون السلام من رب السلام وعليكم جميعًا السلام، وسلامٌ قولاً من ربٍ رحيم.
* مفكر ومحلل سياسي/ “دنيا الوطن”