تبادل القارات

عندما ترى، تقريبًا كل يوم، تقريبًا في كل نشرة أخبار، مركبًا محملاً باللاجئين الأفارقة الذين لم يغرقوا في الطريق، فيجب أن تعود إلى القرن السادس عشر. من تراهم في الطبقة الفوقية من المركب كانوا يشحنون عبيدًا في الطبقة السفلى منه، مع جميع أنواع البضائع.
حتى القرن الثامن عشر لم تثر تجارة العبيد أي اعتراض من أحد. كانوا يُخطفون في أفريقيا مثلما تصطاد طيرًا أو أرنبًا، ويُشحنون إلى الكاريبي لكي يعملوا – مثل آلات اليوم – في مزارع السكر. وغالبًا، لم تكن أثمانهم تدفع نقدًا، وإنما بمقايضة عينية. كم كان عددهم؟ ملايين. لم تُسجَّل أعداهم إلا في مراحل متأخرة، مثلهم مثل أكياس السكر.
إذا كنت تتساءل من أين أتى الأفارقة إلى دول الكاريبي وأميركا الشمالية والجنوبية، فلأنهم شُحنوا إلى هناك عبر ثلاث قوى استعمارية: بريطانيا، وإسبانيا، والبرتغال.
الآن يطلب فقراء أفريقيا من الرجل الأبيض شيئًا من التعويض غير المباشر. كانوا يأتون عبيدًا، لكن الأشياء لم تتغير كثيرًا بعد خمسة قرون. يأتون هاربين من الجوع، ويعاملون كعبيد، ويتلقون أجورًا أقرب إلى أجور العبيد، ويعيشون أحرارًا ولكن على مستويات الرق.
من ألحقَ الظلم الأكبر بالأفارقة؟ ليس هناك جواب واحد. بعد موجة الاستقلال في الخمسينات والستينات، نكبت أفريقيا بحكام «وطنيين» أشد سوءًا من الاستعمار. ما كان قد بقي من الثروات نهبوه، وما تراكم من التخلف زادوا عليه. ولم يعطوا شعوبهم سوى الأغاني وجوزيف موبوتو مع عصاه. الحقيقة أن أفريقيا لم تتحرر بعد. حل ظلم الرجل الأسود محل ظلم الرجل الأبيض. ولم يعد الأفريقي يموت بالسوط، وإنما بالرصاص. أو خطأ بين انقلاب عسكري وآخر. وقرأت أن في إحدى دول القارة الكبرى يُقصف أحد الأقاليم بالطائرات، كلما تذكر الطيار الموعد. أما القصف فكيفما اتفق. وفي هذا الإقليم المؤلف من نصف مليون إنسان طبيب واحد، يجري جميع العمليات، غالبا من دون تخدير. الأدوية نادرة مثل الأطباء. فقط القصف العشوائي وافر.
تحاول الصين إقامة وجود لها في القارة. مبروك عليها. إذا كانت تؤمّن للناس العمل والرغيف، فلمَ لا؟ والرجل الأبيض، في أي حال، أعطاها الاستقلال وتركها لحالها، إلا من بضعة متطوعين شجعان القلوب. لا مشاريع كبرى ولا مساعدات ولا جامعات. لذلك، بعض القارة لم يخرج من الغابة بعد. 800 ألف قتيل بالسواطير في رواندا لخلاف قبلي. الكونغو، ما أحلى قانون الغابات. وكبرى دول القارة يرفع فيها شعار «بوكو حرام». التعلم جريمة. حقا جريمة، المعرفة تفضح الغابة.

*كاتب وصحفي لبناني/”الشرق الأوسط”

اقرأ أيضا

إسبانيا.. توقيف عنصرين مواليين لـ “داعش” بالتعاون مع “الديستي”

أعلنت الشرطة الوطنية الإسبانية، اليوم الجمعة، عن توقيف شخصين بشمال إسبانيا يشتبه في انتمائهما إلى تنظيم “داعش” الإرهابي، وذلك في عملية تم تنفيذها بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.

وزير الصحة يعد بتخفيض أسعار 169 دواء

قال وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، اليوم الاثنين بمجلس النواب، إن أسعار الأدوية مازالت مرتفعة مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطن. مشيراً إلى أن قائمة من 169 دواء إضافيا سيتم تخفيض أسعارها.

قرار محكمة العدل الأوروبية.. البرتغال: الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب أساسية

أكدت البرتغال، اليوم السبت، على الشراكة الاستراتيجية “الأساسية” بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، مجددة التأكيد على عزمها في العمل مع الشركاء الأوروبيين والمؤسسات الأوروبية “لتعميقها في جميع المجالات”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *