انتخابات في مصر أم استفتاء؟

منذ ما قبل فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية المصرية، طُرحت مجموعة من الأسماء لخوض الانتخابات، ما جعل الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات.
وقد ظهر إجماع لدى مختلف القوى السياسية في مصر، بما فيها تلك التي يمكن ان يخرج منها مرشحون للرئاسة، على أن المرشح صاحب الحظوظ الأعلى في النجاح هو المشير عبد الفتاح السيسي. لذلك، فقد اصبح هذا المؤشر الأكثر تأثيراً في مسيرة الانتخابات الرئاسية، حتى من قبل اكتمال اللائحة الرسمية والنهائية للترشيحات.
وفي رأيي أن هذا الاجماع يشكل منذ الأن نقطة ضعف كبيرة، لانه يطرح تساؤلا عما اذا كان الذي سيجري في مصر، هو انتخابات رئاسية تتعادل فيها كفة كل مرشح مع الآخر تعادلا ديموقراطيا كاملا وسليماً، أم مجرد استفتاء على شعبية المشير عبد الفتاح السيسي، التي يسلم بها الجميع ويعترفون.
ان الاجواء التي بدأ الاعلام الرسمي والخاص في مصر يصنعها منذ مدة، إضافة الى تصرفات بعض اجهزة الدولة التي ستشرف على مسيرة الانتخابات، توحي بأن كفة الاستفتاء هي ارجح من كفة الانتخابات، لأنها تكاد تعامل المشير السيسي كأنه الرئيس الفعلي، وكان هذا قبل ان يستقيل من موقعه العسكري، وأن يقدم ترشيحه الرسمي.
وفي هذا المجال، استمعت الى ملاحظة شديدة الذكاء اطلقها السيد وحيد عبد المجيد، العضو البارز في «جبهة الاتفاق»، وفي لجنة مؤيدي ترشيح حمدين صباحي، يقول فيها إن عدد المرشحين ليس ما يفرق بين حالتي الانتخابات والاستفتاء، فالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الاميركية ليس فيها أكثر من مرشحين متنافسين، ومع ذلك فإن كل ما يحيط بها من ظروف، خاصة من قبل الاجهزة الرسمية للدولة، يوحي بأنها انتخابات تنافسية بنسبة مئة في المئة، ولم يحدث مرة واحدة ان اثيرت شكوك من قبل اي من المتنافسين بهذا الشأن.
من حيث المبدأ، كلما كان عدد المرشحين اوفر، كلما جاءت صورة الانتخابات الرئاسية في العالم كله، وفي مصر اولا، صورة نزيهه لا تشوبها شائبة، فتمنح العهد القادم زخماً من قوة الانطلاق لا تضاهى، وتعمق جذور التنافس الديموقراطي الوليدة في الانتخابات الرئاسية المصرية.
وحتى لو كثر عدد المرشحين المحتملين المنسحبين سلفاً، واقتصرت المنافسة على اثنين فقط، كالمشير السيسي وحمدين صباحي، فإن جواً من النزاهة لا بد ان يصبح معمماً منذ الآن، بحيث لا يقع احد في الحديث عن النتيجة وكأنها مقررة سلفاً، حتى لو كان ذلك لسبب ما يقال عن شعبية واسعة يتمتع بها المشير السيسي.
إن العامل الإهم في تحديد قوة او هشاشة العهد الرئاسي القادم في مصر، يجري تحديده في الصورة الحالية للتنافس الحر في الانتخابات الرئاسية، قبل إجرائها وأثناءه. وكلما كانت عناصر النزاهة والكفة المتعادلة بين المرشحين اوضح، كلما بشر ذلك بعهد ازدهار للديموقراطية الانتخابية الوليدة في جمهورية مصر العربية، حتى إن ذلك قد يفتح الباب منذ الأن امام تعاون ديموقراطي مفتوح وشفاف بين مختلف القوى السياسية المنهمكة في التنافس في الانتخابات الرئاسية.
ولطالما جربت الحياة السياسية في مصر الجمهورية الاستفتاء، وقد آن الأوان بعد ثورتين شعبيتين كاسحتين ان تجرب فوائد الانتخابات المفتوحة، حتى لا تضيع ثمار ثورتي 25 يناير و30 يونيو هباءً.
“السفير”  

اقرأ أيضا

المفتي العام للقدس يشيد بالدعم الذي يقدمه المغرب بقيادة الملك لدعم صمود الشعب الفلسطيني

أشاد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، اليوم الأحد …

المنتدى المغربي الموريتاني يرسم مستقبل تطور العلاقات بين البلدين

أشاد المنتدى المغربي الموريتاني، باللقاء التاريخي بين الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ …

مكسيكو.. مشاركة مغربية في مؤتمر دولي حول حماية البيئة

شارك الأمين العام لحزب الخضر المغربي ورئيس أحزاب الخضر الأفارقة، محمد فارس، مؤخرا بمكسيكو، في مؤتمر دولي حول حماية البيئة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *