بقلم: راجح الخوري*
نتفت الانتخابات التركية ريش الطاووس المتشاوف رجب طيب اردوغان الذي يحاول ان يطرح نفسه سلطان زمانه، وها هو يدفع ثمن سياساته الاستعلائية مرتين، مرة بخسارة حلمه بأخذ تركيا الى نظام رئاسي يجعله الخليفة العثماني رقم ١٧، ومرة ثانية في اضطراره الى الدخول في مساومات وشروط يضطرّ إلى قبولها لقاء أي ائتلاف يساعده على تشكيل حكومة جديدة.
بعد ١٢ عاماً من إمساكه بالسلطة سيجد حزب العدالة والتنمية ان عليه مراجعة حساباته وتذكير أردوغان بأن تراجعه ليس سوى نتيجة لممارساته السياسية التي عمّقت التململ داخل الحزب عينه كما في الشارع التركي، ولن يكون الآن في وسع أردوغان ان يذهب الى نظام رئاسي عبر أكثرية الثلثين ولا حتى الى إجراء استفتاء على هذا النظام عبر الأكثرية المطلقة ولهذا ليس من المستبعد ان تذهب تركيا الى انتخابات مبكّرة جديدة اذا تعسرت عملية تشكيل حكومة إئتلافية.
هذا ليس مفاجئاً للخبراء الذين يقولون إن سياسة اردوغان قفزت من شعار “صفر مشاكل” مع الجيران الى واقع “كل المشاكل” مع الجيران. أضف الى هذا انه على رغم الحديث عن تفاقم الفساد والتسلّط الذي يتصاعد من حوله، يكاد أردوغان المنتفخ من التشاوف ان يحلّق في الهواء، وقد كتب أحد المعلّقين في تركيا “يكفي ان تشاهده وهو يمشي لتعرف مدى انتفاخ أوهامه التي وسّعت دائرة خصومه ومنتقديه”، وحتى وهو في طريقه الى صندوق الإقتراع لم يتردد في وصف زعيم حزب الشعب الديموقراطي المعارض صلاح الدين دميرطاش الذي يلقبونه “أوباما الاكراد”، بأنه “صبي تافه يشكّل واجهة كردية”.
أردوغان لم يكن يتصوّر ان تأتيه الصدمة الكبرى من النتائج التي حققها حزب الشعوب الديموقراطي الكردي والتي تعطيه حصة مرجّحة في مجلس النواب، خصوصاً انه كان قد خاطب الأكراد عشية الإنتخابات بالقول “يستغلّونكم لمصالحهم الشخصية أما نحن فنحبكم في الله ليس لأنكم أكراداً بل لأن الله هو الذي خلقكم”، وهو ما دفع أحد المعلّقين الى التساؤل “هل يظن انه وكيل الله على الارض”؟
عشية الانتخابات رد أردوغان على سخرية منتقدي قصره الذي كلّف ٦١٥ مليون دولار وقيل ان مراحيضه مطلية بالذهب وان فيه 1500 غرفة، بالقول إن السبب الذي دفعه الى تشييد قصره الذي يستعيد تاريخ السلطنة هو “الصراصير التي تنتشر في المقر القديم”. المعارضة فهمت انه يصفها بالصراصير، فردت بهاشتاغ يقول “كارفاتما” وتعني بالتركية صرصور، أما دميرطاش فسأل “هل كان الرسول يعيش في قصر من 1500 غرفة “؟
“النيويورك تايمز” تساءلت من هو الزعيم الذي يفوق قصره حجم البيت الأبيض ثلاثين ضعفاً، قائلة إن الإنتخابات استفتاء على أردوغان، ويبدو ان “الصراصير” هزمت “الطاووس”!
*كاتب صحفي/”النهار” اللبنانية