بقلم: محمد بن امحمد العلوي
تؤكد زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس الحالية إلى ساحل العاج، وهي الثالثة في نحو عامين، عزم المغرب على تعزيز التعاون وتعميق الشراكة الشاملة بين البلدين الممتدة منذ ستينات القرن الماضي.
وهي تكرس في إطار أوسع توجه المغرب إلى عمقه الأفريقي، بهدف اقتسام تجربتها في التنمية الشاملة والمستدامة مع دول القارة. كما أنها تؤكد على أن الاقتصاد محرك استراتيجي ويضمن فرص التعاون في كافة المسارات.
وكان النموذج المغربي سياسيا واقتصاديا ودينيا وحقوقيا وفي مقاربته التنموية، محط إعجاب الايفواريين، ووجود الملك المغربي بالكوت ديفوار فرصة تاريخية للتفكير في تعزيز نقط التلاقي بين البلدين.
ويرتبط البلدان بعشرات الاتفاقات التي تغطي جميع المجالات الاقتصادية والتجارية والصحة والتعليم، ومن المتوقع توقيع مزيد من الاتفاقيات خلال الزيارة الحالية.
وتمكنت أبيدجان على مدى عقود من قطع أشواط طويلة في إرساء السلم والاستقرار، بحثا عن رفاهية شعبها، من خلال تنمية اقتصادية وصناعية تعد بفتح آفاق كبيرة.
ومن المؤكد أن تزداد العلاقات الاقتصادية قوة ومتانة، مع زيارة العاهل المغربي الأخيرة لأبيدجان، لتؤكد النموذج المتميز للعلاقات بين البلدين، واعتماد الاقتصاد كمحرك استراتيجي للتعاون الشامل.
وكان رؤساء 150 شركة من ساحل العاج قد شاركوا في المنتدى الاقتصادي بين البلدين الذي انعقد في مراكش في يناير الماضي تحت شعار “الدينامية المشتركة الصاعدة”، ودعا خلاله الرئيس الحسن وتارا رجال الأعمال في بلاده إلى تطوير شراكات رابح-رابح مع نظرائهم المغاربة.
ورافق الرئيس الايفواري مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين ورؤساء المقاولات، وذلك سعيا من أبيدجان إلى تعزيز علاقتها الاقتصادية بالمغرب وإلى تحقيق طموحها في أن تصبح قوة صاعدة اقتصاديا في غرب أفريقيا.
وتعتبر ساحل العاج من أهم القوى الاقتصادية الصاعدة في غرب أفريقيا، وهي تعد بوابة للاستثمار في دول جنوب الصحراء، حيث توفر للشركات مناخا سياسيا مستقرا وترسانة قانونية محفزة وبنيات تحتية متينة.
وتعتبر الشركات المغربية من أكثر الشركات المؤهلة عمليا وفنيا لتعزيز استثماراتها وتحقيق الأهداف الكبرى في خلق تكامل اقتصادي بين ساحل العاج والمغرب في إطار الرؤية الشاملة لتعاون جنوب جنوب، وهي تتمتع بحضور كبير في كافة الميادين الصناعية والمصرفية والزراعية.
وترى رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، مريم بنصالح شقرون أن البلدين يشكلان نموذجا لبلدان القارة في عزمهما على تحقيق الترابط المالي والاقتصادي، بينما أكد سعد الصفريوي، رئيس مجلس الأعمال المغربي الإيفواري أن حكومة أبيدجان تقوم بتسهيل التعاون مع الشركات والمستثمرين المغاربة.
وتملك ساحل العاج الكثير من الفرص الاستثمارية والثروات الطبيعية والبشرية، في وقت يسعى فيه المغرب لأخذ زمام المبادرة في الاستثمار في أفريقيا وخاصة في مجالات الطاقات المتجددة والصناعة والسياحة والنقل والخدمات المصرفية.
وتؤكد زيارة الملك محمد السادس لساحل العاج على المسيرة الرائدة التي قطعتها العلاقات الثنائية، من خلال التركيز على الجوانب الاقتصادية لبناء المستقبل وتفعيل دبلوماسية الاقتصاد والاستثمارات لتعزيز الشراكة الشاملة خدمة لأفريقيا بكاملها.
ويرافق العاهل المغربي وزراء الاقتصاد والمالية والتجهيز والنقل واللوجستيك والصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة والاقتصاد الرقمي، إلى جانب وزراء الطاقة والمعادن والماء والبيئة والسياحة، ووزيرة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني وعدد كبير من رجال الأعمال.
ويؤكد ذلك الوفد الكبير حجم الملفات الاقتصادية المطروحة والاتفاقيات المزمع توقيعها بين البلدين.
وقد عززت الزيارات المتبادلة بين العاهل المغربي ورئيس ساحل العاج مستوى التفاهم الاستراتيجي بعيد المدى وتؤكد حجم ما تشهده القارة والمنطقة من تحولات بنيوية.
وقد عبر الملك محمد السادس في خطابه العام الماضي بمناسبة افتتاح المنتدى الاقتصادي الإيفواري المغربي في أبيدجان، عن أن المصداقية تقتضي “تسخير الثروات التي تزخر بها قارتنا لصالح الشعوب الأفريقية في المقام الأول. وهو ما يستوجب وضع التعاون جنوب-جنوب، في صلب الشراكات الاقتصادية بين بلدانها”.
“العرب”