رغم التثمين العالمي للتجربة التونسية ونجاح الوفاق الوطني وتنظيم انتخابات حرة شفافة الا أنّ تونس مازالت تعيش وضعا صعبا وهشا يمكن أن يُعيدنا الى مربع الاحتقان والتأزم.
فوضى اجتماعية، وحكومة تحصدُ كل يوم المزيد من الانتقاد والدعوات لتعديلها، وأحزاب تبحث عن توازنها في مواجهة استحقاقات المرحلة القادمة ، يستوي في ذلك المنتصرون في الانتخابات والمنهزمون.
في المقابل تزداد المناورات السياسية من هذا الطرف وذاك، والنخبة تمعن في تجاهل المخاطر الناجمة عن هشاشة الوضع وانعكاسها على الاقتصاد الوطني والسلم الاجتماعية.
لقد حملت الانتخابات التشريعية والرئاسية أملا في فجر جديد ولكن سريعا ما حل الاحباط بل التشاؤم محل الزهو الذي عقب التصريح بالنتائج والتوصل الى توافق حول الصيغة الثانية لحكومة الحبيب الصيد.
ما العمل؟
سؤال يطرحه أكثر من طرف سياسي واجتماعي واقتصادي اضافة الى المواطن العادي ، فالضربات الموجعة التي وجهّت للارهابيين لا يجب أن تخفي عنا المخاطر الاخرى الظاهرة وغير المتوقعة في محيط متقلب، وصعوبة العثور عن اجوبة مقنعة عمّا يشهده الوضع السياسي من ارتباك.
بعض الأصوات أطلقت تحذيرات بسقوط الحكومة وحتى بتنظيم انتخابات مبكرة. ورغم انها تصريحات غير مسؤولة وتصب في خانة بحث الفاشلين عن موقع جديد في دوائر الفعل السياسي الا انها تعكس قلقا متزايدا من عودة ضبابية المشهد السياسي، ووجود اجندات علنية وخفيّة للمرحلة القادمة، خاصة في ضوء الأخطاء المتراكمة من الفريق الرئاسي والحكومي، والتحركات الفوضويّة لبعض قيادات الاحزاب وخاصة في النهضة والنداء للتموقع في منظومة الوفاق التي كانت تجد منهم معارضة شديدة.
نقطة الضوء موجودة بالطبع، من معالمها تحرّر جزء من النخبة من عقدة المناورات والحسابات الفئوية، وتحول «لقاء باريس» بين «الشيخين» الى قوة دفع نحو تغليب المصلحة الوطنية العليا بعيدا عن منطق اقتسام الغنائم أو الاعتبارات السياسيّة الضيّقة.
وتونس تستعدّ بعد أشهر قليلة للاحتفال بالذكرى الثانية لهذا اللقاء التاريخي، مازالت تونس تبحث عن توازنها، ومازال الوفاق الذي طوى صفحة الصراع يبحث عن آليات عملية لإرساء نظام سياسي يعكسُ بحق تطلعات الشعب، ويبعثُ برسالة طمأنة لشركاء تونس حتى يُقبلُوا على الاستثمار ويساهموا في اعادة نسق التنمية الى معدّلاته العادية.
*صحفي تونسي/”الشروق”