عام بلا جماعة في “سنوات” الرئيس

يكون الرئيس قد ختم أمس “سنته” الأولى من “الرابعة” في تقدير الخصوم، و”عامه” الأول في قاموس الموالين، وفق لسان العرب الذي يميز بين السنوات العجاف، والعام الذي فيه يغاث الناس، فعلى لسان منافسه العاثر حظه، السيد بن فليس: هي “سنة” من السنوات العجاف، وصفها بعد أن فكر وقدر بـ “السنة البيضاء” وهو يريد “السنة السوداء”، التي جمع فيها الرئيس بين الآفات الثلاث: “الانسداد السياسي، والفشل الاقتصادي، واستفزاز الجبهة الاجتماعية”.
وهي عند الموالين “عام” كيوم أغواث، قد استشرف لها السيد سعداني ـ قبل نهايتها ـ إقبال غيث بـ “تقطير” التعديل الدستوري، قبل أن تحيط به الحناجر العميقة، تدعوه بلطف إلى الخوض في ما يعنيه، كما علم من قبل السيد سلال: “أن الصمت ـ داخل السرايا ـ حكمة، والكلام ـ عن أسرارها ـ نقمة”.
أحدهم، من الموالاة، لم يستوعب المثل، فخانه اللسان عن أسباب تحليل بيع الخمر بالجملة بفتوى حصرية من المنظمة العالمية للتجارة، ليحصد ما زرع، فأهانه سلال على الملإ بإعادة العقال إلى حصانه الجانح، إلى أن تهدأ النفوس، وينشغل الناس باستقبال ما هو أمرّ من الخمر، لأن السنة الموالية لفاتحة “الرابعة” فيها ما فيها من الكوابيس لا تحتاج لعابر يعبرها بالتأويل: ثلة قليلة قد تسقي فيها ربّها خمرا، وكثير قد تسوقه الفتن إلى أن “يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه”.
السنة لم تكن لا بيضاء من غير سوء، كما تصف ألسنة المتزلفين بالكذب، ولا هي بلون السود الغرابيب، كما يقول من تطيّر من الأسود بالأبيض بغير علم، فهي إلى “الرمادي” أقرب، من جهة مخلفات الحرائق التي أوقدها بعضهم على صخور الغاز، في زمن احترق فيه النصف الأكبر من ريع المحروقات، وهي رمادية من جهة انشغال الحكومة بتقليد رجل المطافئ، الذي يشعل الفتيل سرا، ويقدح الصواعق عن بعد، وهي ثالثا باللون الوحيد الذي يبصر به المبتلى بعمى الألوان، والبلد بحمد الله موبوء بعمى الألوان من الرأس إلى أخمص القدمين، إن صحّ أن له رأساً يتعافى أو يستعفي فيعفى، وأقدام بطونها تتجافى كمن يرقص على الجمر.
وحيث إننا وسط ما يشبه حلم اليقظة، كوابيسه دهنت بلون ليس له ألوان، فقد نحتاج إلى من يعبر لنا رؤيا أحوالنا وأحوال حكامنا بهذا اللون البائس، وهو بإجماع من يفسر الأحلام: “دليل على الحيرة والتشتت، صاحبه قلق، متوتر، متذبذب” دائم الترحال بين المنزلتين، وإن كان رأى اللون على شخص آخر ـ كما نراه على حكامنا ـ فهذا يعني “افتقار الشخص إلى المصداقية، والإخلاص، والجدية”. ونحن كما نحن، قد صدق فينا القول: “كما تكونوا يولّ عليكم” قد خُيّرنا بين واحدة من ثلاث: غض البصر كرها، حتى لا نصاب بكآبة مزمنة، أو زيارة عاجلة إلى طبيب عيون، أو التحرر السريع من أحلام اليقظة، والبحث عن رأس لم تشتعل شيبا، موهوبة، تجيد تأليف الألحان، لأقدام لا تخشى الرقص حتى في السنوات العجاف ولو على بساط من جمر.

*كاتب صحفي/”الشروق” الجزائرية

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *