بكثير من الحذر… وكثير من التساؤلات استقبلت الساحة السياسية تكليف السيد الحبيب الصيد بتشكيل حكومة ما بعد أول انتخابات حرة ومباشرة مارسها الشعب التونسي عبر ثلاث محطات.
الحذر، لأن السيد الحبيب الصيد ليس «كادرا» حزبيا… وليس مسؤولا في أي حزب من الأحزاب الفارطة والحاضرة… فقط هو ابن الادارة… وتقلد مسؤوليات تكشف محطاتها أنه شخصية غير متنطّعة ولا متجاوزة، لمسؤولها الأول…
التساؤلات أيضا، تشابكت وتنوّعت، فمسّت طريقة التكليف، وكيفية الاختيار… وتوقيت هذين المعطيين التكليف والاختيار…
السؤال الصحفي تركّز في عمومه، على مدى قبول الأطراف السياسية المتقابلة أو الملتقية مع الفائز الأول في التشريعية ـ ونقصد نداء تونس ـ في حين نجد أن السؤال الأول والبديهي، هو مدى قبول حركة نداء تونس بهذه الشخصية…
ذلك ان الذي رشَحَ من كأس المفاوضات والمشاورات حول شخصية السيد الحبيب الصيد، يقول ان حزب نداء تونس، وتحديدا الكتلة البرلمانية لهذا الحزب الفائز في التشريعية بالمرتبة الأولى، لم تتداول في شأن المكلف الحبيب الصيد…
ما يقع في المشهد السياسي التونسي اليوم، هو أمر جديد… صحيح ان تونس لها نكهتها في كل ما تطبخه الطبقة السياسية من أجل الوصول بالبلاد إلى المرحلة الديمقراطية في الحكم، بما يعني ذلك الانتخابات والمحاسبة عبر الصندوق وحده، ولكن يبدو أن هناك طبخة أخرى فيها الخارج عن نطاق المجموعة الوطنية، وفيها شيء من روح الديمقراطية…
تونس اليوم تمر بتجربة فريدة… لا علاقة بالنواميس النظرية للديمقراطية، بها…
تونس اليوم تدخل عصر «الوكالة» و«المناولة» ربما في تأمين مرحلة هي من أدق المراحل لتونس وللمنطقة عموما…
فصحيح ان رئيس الجمهورية المنتخب السيد الباجي قائد السبسي كان وظل يردّد أن نداء تونس لن يحكم وحده… إذا ما فاز بالمرتبة الأولى، ولكن لم يكن أحد يعتقد أن رأس الحكومة سيكون من خارج النداء…
هنا لا بدّ من الاشارة إلى أن اختيار السيد الحبيب الصيد لم يكن نزولا عند رغبة الحزب البرلماني الحائز على المرتبة الثانية، فهذا تحليل آلي ولا منطق وراءه، بل جاء نزولا عند رغبة من يريد من كل الأحزاب والفئات السياسية أن تعمل بتوافق، وأن النتائج الانتخابية ما هي إلا عنوان لصورة جميلة، لا تستحق غير إطار من التنويه… والشكر…
أما أن يصل الأمر إلى تفعيل نتائجها، فتلك مهمة أخرى. لا علاقة للتونسيين إرداة وفعلا، بها..!
*باحثة في الإعلام والاتّصال والعلوم السّياسيّة/ ”الشروق” التونسية