وافقت حكومة نيتانياهو فى إسرائيل على قانون يهودية الدولة، وانتقل القرار لمناقشته فى الكنيست الإسرائيلى، هذا بينما تتقدم الدولة الفلسطينية للأمام، وتعقد الأمم المتحدة اجتماعاتها للتضامن مع الشعب الفلسطينى، وتحصل فلسطين كل يوم على اعتراف جديد من برلمانات العالم، فى السويد والمملكة المتحدة وأيرلندا وأسبانيا وفرنسا، وهكذا تتراجع إسرائيل للخلف، وتسعى بإرادتها لوضع نفسها فى زنزانة وأسوار الدولة اليهودية، لتختنق داخل جيتو ضيق صنعته بكامل قواها العقلية لإهلاكها، فى الوقت الذى يحتشد فيه العالم ويتحالف للقضاء على الكيانات الدينية المتطرفة، مثل «داعش» وغيرها ويتهمها بالإرهاب، وهكذا تموت إسرائيل بالبطىء، فى حين تحصل فلسطين على قبلة الحياة من المجتمع الدولى.
والدليل على خطورة يهودية الدولة على إس-رائيل وجود العديد من الأحزاب والهيئات داخل إسرائيل ترفض هذا القانون، مثل حزب العمل وحزب ميرتس، وبعض أحزاب الوسط، كما انطلقت المظاهرات من اليسار وحركة (السلام الآن) احتجاجا على هذا القانون، تحت شعارات أنه «يكرس القومية والعنصرية» و«يهدد بتدمير إسرائيل». فالمجتمع الإسرائيلى لديه مخاوف من أن تؤدى يهودية الدولة لعزل إسرائيل عن العالم بصورة أكبر، وتكريث النظر إلى إسرائيل ككيان عنصرى متعصب يعيش على تشريد وقتل الأبرياء، وكشف القناع الديمقراطى الزائف الذى كثيرا ما تفننت إسرائيل فى ارتدائه ، لأن الديمقراطية وهى الأيقونة التى تتحلى بها إسرائيل دائما، ستسقط عن صدرها فور إعلانها دولة يهودية.
والقانون الذى يلهث اليمين الإسرائيلى المتطرف لإقراره بإعلان يهودية الدولة، معناه الفعلى انتحار إسرائيل، وسقوطها من الداخل مثلما سقط الاتحاد السوفيتى، بإمبراطوريته القوية من داخله فى عصر جورباتشوف، فاختفى الاتحاد السوفيتى بستاره الحديدى وقوته الفولاذية وصواريخه النووية دون أن تطلق أمريكا صاروخا واحدا على عدوها اللدود، وبالمثل سيكون هذا هو مصير إسرائيل اليهودية، لأن هذا القانون سيكون بمثابة البيان الأول لإعلان سقوط إسرائيل، لتعود فلسطين عربية، ولكل الأديان، ودون طلقة رصاص واحدة.
*نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام