لا تبدو في أفق العام الجديد 2016، بوادر تؤشر إلى نهاية سعيدة لمسيرة الحوار الوطني المتعثر في موريتانيا مع تصلب مواقف الطرفين الرئيسيين. وراوحت الأزمة السياسية مكانها في هذا البلد طوال العام الماضي، وساد الجمود وتباعدت المواقف وغابت الثقة بين الفاعلين في الملعب السياسي.
كما شهدت موريتانيا في العام المنصرم تداعيات أزمات جانبية أنهكت كاهلها ومن بين أبرزها قضايا الحريات العامة ومشكلة الرق القديمة المتجددة علاوة على توتر علاقات الجوار خاصة مع المملكة المغربية. وفي المقابل فقد حققت الحكومة نجاحات لافتة في ملف مشاركتها النشطة في جهود مكافحة الإرهاب.
غير أن أكثر ما ميز السياسة الموريتانية خلال العام المنقضي هي معركة الحوار الوطني الذي قسم المعارضة إلى شقين لكنه لم يفلح في المضي قدما في استكمال هياكل متفق عليها أو بنود وقضايا للمناقشات بين الفرقاء.
فالدعوة التي أطلقها الرئيس محمد ولد عبد العزيز في يناير الماضي لحوار شامل يهدف إلى تحقيق مصلحة الوطن العليا، هي امتداد لسلسلة سابقة من المبادرات المماثلة بدأت منذ عام 2009 لكنها لم تحقق إلا نجاحاً محدوداً في جمع الصف الموريتاني حول القضايا الكلية التي تواجه البلاد وتعرقل نهضتها وتطورها.
وأعلنت المعارضة رفضها لدعوة الحوار واصفة إياه بالمناورة والحيلة المتكررة مع اقتراب الانتخابات العامة والرئاسية. وأدت السجالات المتواصلة بين الطرفين إلى انشقاق في صفوف المعارضة ومشاركة الطرف الانشقاقي في لقاء تشاوري مع الحكومة.
غير أن الانشقاق لم يفلح في زحزحة المعارضة عن موقفها الحازم وشروطها الصارمة ومن بينها تسلم رد مكتوب من الحكومة حول هذه الشروط. فالمعارضة تدرك أن وجودها حيوي ولا يمكن تجاوزه وإن أي حوار يطمح لمعالجة الأزمات الكبرى لن يكون له معنى من دون مشاركتها فيه.
إقرأ أيضا: بوعيدة: لاوجود لخلافات بين المغرب وموريتانيا وحذاري من التشويش
وخلال الأسبوع الحالي سجلت لقاءات مهمة بين كبار قادة الكتل والائتلافات المعارضة.
فقد اجتمع مسعود ولد بلخير الرئيس المؤسس لائتلاف المعارضة المعتدلة وزعيم حزب التحالف الشعبي (تحالف الناصريين وحركة حر) مع جميل منصور رئيس حزب تواصل.
كما ناقشت اجتماعات قادة منتدى المعارضة خلال اليومين الماضيين سبل الخروج باستراتيجية عمل موحدة في مواجهة رفض النظام إجراء حوار جدي.
وفي سياق متصل، بدأ “حزب اللقاء” (أنصار الرئيس السابق العقيد ولد فال) التحضير لأول مؤتمر عام للحزب منذ تأسيسه. ومما لا شك فيه أنه ومن دون تقديم تنازلات حقيقية من الطرفين فإن مسيرة الحوار تبقى مجمدة إلى حين ظهور معطيات جديدة يمكن أن تقرب الشقة وتدفع باتجاه مصالحة سياسية تقوم على اقتسام مقبول للسلطة قبل الاستحقاق الانتخابي عام 2019 تاريخ نهاية ولاية الرئيس ولد عبد العزيز.
وفي سياق دعوته إلى الجدية في معالجة الأزمة السياسية الخانقة في البلاد، فقد حذر رئيس المعارضة المتوالية الحسن بن محمد من مخاطر اندلاع اضطرابات سياسية قد تهدد استقرار البلد. وحث الحكومة على تقديم تنازلات من أجل حوار جاد يجمع القوى السياسية.
*كاتب صحفي/”الخليج”