بقلم: سليم قلالة*
تُسارع الكثير من الأوساط الدولية إلى اتهام أي بلد يسعى إلى إقامة شبكة وطنية للإنترنت غير مرتبطة بالشبكة العالمية، بالانغلاق أو الدكتاتورية، أو التضييق على حرية التعبير والديمقراطية، وما إلى ذلك من الصفات، في الوقت الذي أصبحت الوقائع تؤكد يوما بعد يوم حاجتنا إلى مثل هذه الشبكات الوطنية أو الإقليمية أو الموازية إذا أردنا استباق ما تخبئه لنا السنوات القادمة من مفاجآت عبر الإنترنت.
اليوم تأكد لنا، بعد الخلل الذي أصاب “الكابل” الذي يربطنا بالعالم، أن هناك نقطة ضعف قاتلة في منظومتنا الاتصالية التابعة كلية للمنظومة العالمية، يمكننا في أي لحظة، بسبب عمل تخريبي أو عدائي أو عارض، أن نُصبح معزولين عن بعضنا البعض وعن العالم، أن تتوقف مراسلاتنا ولا نتمكن من الاطلاع على بريدنا وتُحجَب مواقعنا، فضلا عن تواصلنا اليومي عبر المواقع المختلفة، أي يمكننا في أي لحظة أن نكتشف أننا من دون هذه “الكوابل” نُصبح غير قادرين على الاتصال مع أنفسنا ومع العالم الخارجي.
للمزيد:ماذا كشفت أزمة انقطاع الإنترنت في الجزائر؟
وتتسارع إلى أذهاننا صورٌ قاتمة عن حقيقة ما نعيشه من تبعية للآخر عبر البواخر التي توصل إلينا المؤونة الغذائية وتلك التي تتسبب خطأ في قطع المؤونة الاتصالية عنا. لا نعرف استقلالا في أي منهما، مصيرنا مرتبط بباخرة، كما يُمكنها أن تُعطِّل وصول القمح يمكنها أن تُعطِّل وصول الإنترنت!
وتتأكد لنا مرة أخرى، وبشكل آخر، مسائل ذات صلة بالسيادة الوطنية؛ إلى أي مدى، هذه السيادة الوطنية، هي في حاجة إلى مزيد من الإجراءات وفي جميع المجالات من سلة الغذاء إلى شبكة الإنترنت؟
لقد انتبهت بعض دول العالم إلى استقلالها الشبكي واستقلالها في مجال المعلومات مثل الصين وإيران وروسيا وغيرها، فأسست الأولى شبكة خاصة بها للإنترنت هي الآن تنافس الشبكة العنكبوتية العالمية، وسارت الثانية على خُطاها منذ الهجوم الإلكتروني على مفاعلاتها النووية في 2010 وأوجدت شبكة بالداخل موازية ومنافسة للشبكة العالمية، وتقود روسيا مع الصين والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا (دول البريكس BRICS) مشروعا عالميا للإنترنت موازيا للمشروع الأمريكي بكابل ثنائي يبلغ طوله أزيد من 34000 كلم لمواجهة الهيمنة الأمريكية والغربية في هذا المجال.
هل فكرنا في أن تكون لنا شبكة إنترنت وطنية مستقلة أو على الأقل أن نشترك مع الدول المغاربية أو دول “البريكس” في شبكتها الجديدة بدل هذا الارتباط الأحادي بكابل يمكنه أن يرهن أمننا القومي وسيادتنا الوطنية في أي لحظة؟
*صحفي جزائري/”الشروق”