جبهة "النصرة"

على خطى داعش.. جبهة “النصرة” تستعد لإقامة إمارتها في سوريا

يبدو أن الغارات المكثفة التي تشنها قوات الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاؤه من جهة، وتوالي الهجمات التي تنفذها المعارضة المسلحة من أجل توسيع رقعة سيطرتها من جهة أخرى، علاوة على عمليات تنظيم الدولة الإسلامية الناشط في المنطقة، تؤكد أن الوضع في الأراضي السورية يسير من سيئ إلى أسوأ.

في آخر تطورات الوضع في البلاد، خرج زعيم “القاعدة”، أيمن الظواهري ليبارك خطة جبهة “النصرة” التي ترمي إلى إقامة “إمارة” تابعة للتنظيم على غرار “داعش” في كل من سوريا والعراق.

خليفة أسامة بن لادن، شدد من خلال تسجيل صوتي نشر مؤخرا، على أهمية “إقامة الحكومة الإسلامية المجاهدة الراشدة” التي تسعى وراءها جبهة “النصرة”، مشيرا إلى أن هذه الدولة ستعمل على بسط الشورى ونصرة المستضعفين في المنطقة وإعادة الخلافة على منهاج النبوة، على حد زعمه.

ووفق تقرير نشرته صحيفة “تليغراف” البريطانية يوم أمس الأحد، فإن الدعوة التي وجهها زعيم “القاعدة” تكشف عن تحول كبير في استراتيجية التنظيم الذي ركز اهتمامه خلال الفترة السابقة على نسج شبكاته وبناء قاعدة دعم واسعة في سوريا.

دولتان إسلاميتان

وأكدت الصحيفة البريطانية أنه، وفي حال تجسدت الخطة على أرض الواقع، سيستفيق الغرب على وجود إمارتين أو دولتين إسلاميتين تتنافسان على السيادة في المنطقة التي تعرف منذ خمس سنوات، حربا أهلية تسببت في تدمير البنى التحتية ومقتل ونزوح مئات الآلاف من المدنيين نحو بلدان الجوار أو دول أوروبا.

وقالت “تلغراف” إن دعوة الظواهري، جاءت في كلمة مسجلة نشرها على شبكة الانترنيت، التي عبر من خلالها عن دعمه لـ “خطة جبهة النصرة”، حيث قال “إذا شكلوا حكومتهم واختاروا أميرهم، فما يختارونه هو اختيارنا أيضاً” في إشارة إلى مباركته لخطة الجماعة الموالية له.

وللإشارة، تعتبر “جبهة النصرة” من الجماعات التي انبثقت من رحم تنظيم “القاعدة”، فبعد أن أعلن “داعش” تمرده على الجماعة الإرهابية “الأم”، ظلت “النصرة” ذراع “القاعدة” في الأراضي السورية، حيث نسجت في هذه الأخيرة عدة تحالفات مع جماعات المعارضة الإسلامية لمواجهة كل من النظام السوري و”داعش”.

سوريا..قاعدة الهجوم على الغرب

ومع الدعوة التي وجهها الظواهري إلى أنصار الجبهة، تتزايد مخاوف الدول الغربية التي وصفهها هذا الأخير بـ ” أكابرُ المجرمين في الدنيا”، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من احتمال تحول الأراضي السورية إلى قاعدة للهجوم على الغرب.

وأوضحت الصحيفة البريطانية أنه، وفي حال وسعت جبهة “النصرة” رقعة سيطرتها في سوريا، وتمكنت من إقامة “إمارة” تابعة لـ “القاعدة”، فعلى الأرجح سيتكرر السيناريو الأفغاني مع أسامة بن لادن لتتحول سوريا بدورها إلى قاعدة تستهدف الدول الغربية.

 داعش..مجرد خوارج

في تسجيله قارن الظواهري بين استراتيجية جماعته وتنظيم “داعش” الذي وصفه بـ “جماعة الخوارج”، مشيرا إلى أن “الأمة الإسلامية في سوريا دعمت جبهة النصرة وأدركت الفارق بين صحة أساليبها وبين أساليب الخوارج”.

وقالت “تلغراف” إن التسجيل الأخير الذي نشره الظواهري يكشف عن تحول جديد في الصراع والتنافس المعقد بين ما يسمى تنظيم “الدولة الإسلامية” وجبهة “النصرة”، التي تعد من أبرز القوى الناشطة في شمال غرب سوريا، والتي تسيطر على جزء من مدينة حلب التي شهدت خلال الأسبوعين الماضيين غارات مكثفة من طرف النظام.

جبهة النصرة..جرعة مضاعفة من العنف

في مقال له في مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أكد تشارلز ليستر محلل في معهد الشرق الأوسط أن تمكن جبهة “النصرة” من إقامة إمارة في سوريا من شأنه أن يزيد من حدة قمع المدنيين في المنطقة.

وأضاف المحلل الذي أجرى عددا من الحوارات مع قادة في الجماعات الإسلامية في سوريا قائلا “في كل الأحوال، إقامة جبهة النصرة لإمارة تابعة لتنظيم القاعدة في سوريا سيزيد من حالات عقوبة الإعدام، إضافة إلى تضييق الخناق أكثر على حريات المدنيين”.

واسترسل ليستر موضحا “تحقيق خطة جبهة النصرة على أرض الواقع سيجعل منها أقل تسامحا مع الجماعات الوطنية غير الدينية وجماعات المعارضة المدنية أيضا”، مشيرا إلى أن قرار جبهة “النصرة” سيدخلها في صراعات جديدة مع الجماعات المعارضة التي تقاتل قوات بشار الأسد.

وفي تصريحات له لصحيفة “تلغراف”، أوضح مايكل هورويتز أحد كبار محللي مركز “Levantine Group” المستقل والمتخصص في أبحاث المخاطر، أن جبهة “النصرة” استطاعت حتى الآن تحقيق تحالفات مع جماعات أخرى في المنطقة من أجل مواجهة النظام السوري.

هذا ووصف هورويتز إنشاء إمارة في سوريا، بالتحول الكبير في إستراتيجية جبهة “النصرة”، مؤكدا أن تحقيق ذلك على أرض الواقع سيضع الجماعات المعارضة للنظام أمام خيارين، إما “دعم الإمارة” أو “قتالها”.

اقرأ أيضا

غزة

غزة.. شهداء وجرحى إثر القصف المتواصل وإسرائيل تبحث بنودا جديدة حول صفقة تبادل الأسرى

لليوم الـ202، يواصل الاحتلال الإسرائيلي حربه على غزة، مخلفا شهداء وجرحى في غارات على رفح ومناطق أخرى، في حين يشهد شمال مخيم النصيرات اشتباكات وقصفا متواصلا، في ظل استعداد إسرائيل لشن عمليات في بيت لاهيا شمالي القطاع.