من الصعب جدا تحقيق تفاهم بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، فالعلاقات بين الطرفين ليست جيدة منذ سنوات، سواء تعلق الأمر برغبة تركيا دخول الاتحاد الأوروبي أو مذابح الأرمن أو مرور المقاتلين الأجانب من الأراضي التركية إلى جبهات القتال في سوريا والعراق.
وبالتالي، فعندما يجتمع الطرفان لمناقشة قضية من المفروض أن توحدهما لأنها تفرض ضغطا كبيرا على الجانبين، كما هو الحال مع قضية اللاجئين، ينتظر أن يسعى الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى إيجاد أرضية للتفاهم.
بيد أن المؤشرات توحي بصعوبة التوصل إلى اتفاق يخص قضية اللاجئين حيث يبدو أن انعدام الثقة هو السائد حاليا.
رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، سارع عند وصوله إلى العاصمة البلجيكية بروكسيل إلى تحذير الطرف الأوربي بأن أنقرة لن ترضخ لأي مساومة، ما يعني أن التوتر على أشده بين أنقرة ودول القارة العجوز.
وذكرت صحيفة La Tribune الفرنسية أن الاتفاق الذي توصل إليه الجانبان التركي والأوربي في 7 مارس الجاري، والذي يجعل من تركيا تقوم بما يشبه المناولة لملف الهجرة يطرح إشكالات أخلاقية وقانونية خصوصا في ما يتعلق بترحيل اللاجئين من أوروبا إلى تركيا، وهو ما يتعارض مع مقتضيات اتفاقية جنيف التي تحظر ترحيل اللاجئين إلى بلدان غير آمنة.
إقرأ أيضا: هل صحيح أن أكراد سوريا مع نظام الأسد؟
كما أن عدم تحديد اتفاق لتفعيل هذه النقطة المتفق بشأنها يزيد المخاوف الأوروبية من وصول أعداد اللاجئين الطامحين للوصول إلى اليونان عن طريق البحر إلى مستويات قياسية خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة.
وتشير أرقام المنظمة الدولية للهجرة لنهاية شهر فبراير الفائت إلى أن عدد اللاجئين الذين عبروا البحر الأبيض المتوسط منذ بداية السنة الجارية وصل إلى أزيد من 100 ألف شخص، ناهيك عن وفاة الكثيرين في محاولتهم للوصول إلى الضفة الأوروبية حيث تحول المتوسط إلى “مقبرة مائية” على حد تعبير الجريدة الفرنسية.
وتشير أرقام المنظمة الدولية للهجرة بهذا الخصوص بأن 3700 شخص قضوا نحبهم في 2015 في حين توفي 413 شخصا لحد الساعة في العام الجاري.
وأكدت La Tribune أن الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي متفقون على ضرورة وقف تدفق الهجرة لكن غياب التنسيق المشترك يجعل كل بلد يقدم ما يراها أجوبة مناسبة للأزمة، وما يجعل تحركاتها عرضة للارتجال.
وفي حين تؤكد فيه تركيا أنها وصلت السقف الذي يمكن أن تتحمله معه عبء اللاجئين، حيث يصل عدد المتواجدين فوق أراضيها إلى 3 ملايين شخص، في الوقت الذي تضغط فيه أوروبا على أنقرة لعدم إغلاق أبوابها في وجه السوريين أو ترحيلهم.
هذا الدرس الأخلاقي الأوروبي يجد صعوبة في الصمود في وجه الحقيقة التي مفادها أن الاتحاد الأوروبي لا يعرف كيف يوزع 160 ألف لاجئ على بلدانه البالغ عددهم 28 وتغلق فيه دول أوروبية حدودها في وجه اللاجئين.