ستكون معركة الموصل المقبلة في العراق محطة حاسمة في الحرب ضد تنظيم “داعش” بحسب ما يؤكده الباحث توم روغان في مقال بمجلة National Review الأمريكية.
تسريع الحكومة العراقية عملية التحضير لاستعادة الموصل راجع في نظر الكاتب من جهة إلى ما تمليه الظروف المناخية، حيث ترتفع درجة الحرارة في المدينة مع حلول شهر ماي ما يجعل من الصعب مواجهة مقاتلي “داعش” في المدينة الآهلة بالسكان خلال هذه الفترة.
ويرى روغان أن عملية استعادة الرمادي من أيدي “داعش” كانت سهلة نسبية بالنظر إلى صغر المدينة مقارنة بالموصل وللحضور الضعيف لمسلحي التنظيم هناك.
ويعتبر كاتب المقال أن الدافع الأول وراء العملية المرتقبة في الموصل سياسي حيث يحتاج رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى انتصار كبير في أسرع وقت. ويتابع توم روغان أن ذلك راجع لما يقول إنها رغبة إيران في تحجيم دور العبادي أو ربما إزاحته من السلطة، مستفيدة من تمويلها لميليشيات تدين لها بالولاء وتستخدم العنف في حق من لا يرضخ لها.
إقرأ أيضا: هل صحيح أن أكراد سوريا مع نظام الأسد؟
وأضاف توم روغان أن ذلك يجعل إيران تخنق العراق وأنها تريد جعل العبادي يفهم أنها تحكم سيطرتها على البلاد، في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الوزراء إلى ضمان استقلالية الجيش عن الميليشيات الشيعية والحكومة عن طهران.
ولكي تتمكن العراق من الإفلات من فوضى الانقسام الطائفي المسيس الذي يذكي العنف الدائر في البلاد، والذي تعد إيران و”داعش” طرفين فيه.
ويستطرد الكاتب بالقول إن العبادي يرى فرصة تحقيق هذه الاستقلالية، خصوصا مع بروز الزعيم الشيعي مقتضى الصدر بمظهر الوطني العراقي بدل التابع الوفي لإيران.
غير أن فشل القوات العراقية في استعادة الموصل أو إحراز نصر عسكري بارز يعني أن حلفاء إيران، ممثلين في الخصوص في هادي العامري و”منظمة بدر” التي يقودها، سيحصلون على نفوذ أكبر.
من شأن هذا الوضع أن يساهم في انزلاق العراق نحو مزيد من الطائفية التي تتبعها إيران، وهو ما قد يعني ارتماء السنة في أحضان متشددين من قبيل تنظيم “داعش”.
أما من الناحية العسكرية، فتبدو عملية تحرير الموصل معقد في نظر توم روغان لاعتبارات عدة، أولها أن تنظيم “داعش” يرى في المدينة مركزا مهما في خلافته، ولا يسبقها من حيث أهميتها سوى مدينة الرقة في سوريا.
وتظهر أهمية الموصل من خلال اختيار زعيم “داعش”، أبو بكر البغدادي، للمدينة في يوليوز 214 ليلقي خطبته، وهو ما يعني أن التنظيم سيحارب بكل ما أوتي من قوة للحفاظ على الموصول لأن خسارتها سيكون ضربة موجعة لصورتها والدعاية التي يروجها.
واعتبر الكاتب الأمريكي أن التنظيم سيسعى إلى تحويل الموصل إلى “متاهة من فخاخ الموت”، مستفيدا من خبرات عدد من العناصر من ذوي الخلفية العسكرية من أجل امتصاص هجوم القوات العراقية.
فشل معركة الموصل المرتقبة في إنهاء سيطرة “داعش” على المدينة سيعني رضوخ حيدر العبادي لخيار تقديم تنازلات لصالح إيران مقابل الحصول على دعم المليشيات المؤيدة لها على الأرض.
فهل تستطيع القوات العراقية، التي خضعت لتدريبات على يد قادة أمريكيين وكنديين، حسم معركة الموصل المقبلة لصالحها أم “داعش” سيحافظ على معقله في العراق والسعي إلى تحقيق مكاسب تنسيه ما فقده في الأشهر الأخيرة.