ما هي الدوافع وراء استعراض بوتين لعضلاته في سوريا؟

جاء التدخل الروسي في سوريا ليعلن بدء مرحلة جديدة من الصراع في الشرق الأوسط وينذر ربما بقلب موازين القوى بداية في هذا البلد الذي أضحى رقعة لحرب الكل ضد الكل، ومن ثم في المنطقة حيث يتدخل فاعلون إقليميون ودوليون كثر.
بعض المتابعين اعتبروا أن هناك دوافع عدة وراء المغامرة الروسية في الشرق الأوسط، لعل من بينها هو تراجع الدور الروسي في المنطقة منذ تفكك الاتحاد السوفياتي الذي قابله تعاظم التأثير الأمريكي والغربي بداية بالحرب ضد العراق في بداية التسعينات وثم احتلالها من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا في 2003، وصولا إلى الربيع العربي وما أعقبه من تغيرات أطاحت برؤساء وفتحت الباب على مصراعيه لتغير الخارطة السياسية للمنطقة بما في ذلك الحدود الجغرافية للدول.
الحملة الروسية التي انطلقت بداية باسم الالتحاق بركب الدول المنخرطة في محاربة تنظيم “داعش”، سرعان ما تحولت إلى استهداف لمقاتلي المعارضة السورية المدعومين من قبل دول حليفة للغرب لطالما نادت برحيل بشار الأسد مثل تركيا وقطر.
التدخل الروسي هو بحث ولربما على بعث الدور الذي لطالما لعبته الإمبراطورية الشرقية في المنطقة العربية سواء في القرون الماضية كحاضنة للديانة المسيحية الأرثوذوكسية أو كموطن للأيديولوجية الشيوعية حيث كان العالم العربي بدوره منقسما بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة في إطار الحرب الباردة بين المعسكرين.
البعض يرى أن روسيا تحاول مزاحمة الخصم الأمريكي لتقديم نفسها كطرف تحكيمي لا يمكن تجاهله على مستوى الصراعات الدولية. من جانب آخر يبدو وقوف موسكو إلى جانب الأسد ضد الجماعات الإسلامية المسلحة محاكاة لما عاشته هي نفسها من صراع ضد المجاهدين الشيشان في سنوات التسعينات وما لقيه الاتحاد السوفياتي في ثمانينات القرن الماضي ضد المجاهدين الأفغان.
المحللون يرون في مغامرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ارتباطا كذلك بدوره في الأزمة الأوكرانية التي جرت على بلاده الدخول في علاقات متوترة مع الدول الأوروبية التي فرضت عقوبات على موسكو.
المتابعون للشأن الروسي يرون أن بوتين يسعى لتوظيف تدخله في سوريا لإنهاء العقوبات الغربية وتأمين ضمه لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، وكذا دغدغة مشاعر العظمة لدى الداخل الروسي من خلال التدخل لإنقاذ سوريا من تهديد “الإرهابيين”.
الصحافة الأمريكية دأبت على تفسير السياسة الخارجية الروسية في السنوات الأخيرة على ضوء شخصية الرئيس بوتين المولع بالترويج لصورة الرجل القوي من خلال الظهور في صور عاري الصدر وبعضلات مفتولة، وهو يقوم بممارسة هوياته مثل الصيد أو رياضة الجيدو.
بالنسبة للإعلام الأمريكي وعدد من الساسة في بلاد العم سام، خصوصا من الحزب الجمهوري، فإن بوتين يسعى لإظهار روسية قوية قادرة على مجابهة الولايات المتحدة والغرب، من خلال مغامراتها المتعددة سواء تعلق الأمر بجورجيا أو أوكرانيا، وهي دول كانت تدور تقليديا في الفلك الروسي قبل أن تغير وجهتها نحو الغرب الليبرالي مع سقوط نظام الثنائية القطبية.
بالنسبة لإعلام الولايات المتحدة، فإن سعي بوتين للظهور بمظهر الرجل القوي يوازيه بحث عن إظهار باراك أوباما بالمقابل بمظهر الرئيس الضعيف.

إقرأ أيضا: لوس أنجلوس تايمز: “بوتين يريد العودة للساحة الدولية عبر سوريا”
في إحدى افتتاحياتها، اعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية ذائعة الصيت أن إنقاذ بشار الأسد من خطر الجماعات المسلحة التي لا تحصى التي تقاتله ما هو إلى أحد الأسباب وراء ما أسمته “مقامرة خطيرة” يقوم بها الرئيس الروسي.
الصحيفة رأت أن بوتين يحاول استعراض عضلاته مرة أخرى أمام رأي عام روسي يتعاظم إحساسه بالقلق جراء سوء تدبير الاقتصاد وتحويل الأنظار عن المطب الأوكراني.
أيا تكن دوافعه، تخشى الصحافة الغربية أن تكون مغامرة بوتين في الأزمة السورية مؤشرا على تعقد الوضع أكثر في بلد ضل طريقه نحو التغيير السلمي وحتى العنيف للسلطة وأصبح رقعة لحرب “هوبزية”.

اقرأ أيضا

سوريا.. مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع يدعو لعملية سياسية شاملة

تبنى مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه الـ15، بمن فيهم روسيا والولايات المتحدة، بيانا بشأن الانتقال السياسي في سوريا، وذلك بعد 10 أيام من الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

بعد سقوط الأسد.. وفود دبلوماسية أوروبية تتقاطر على سوريا لبحث عملية الانتقال السياسي

أجرى دبلوماسيون ألمان محادثات، اليوم الثلاثاء، مع أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، الفصيل الذي قاد تحالفًا معارضًا أطاح بالرئيس السوري بشار الأسد، للتباحث حول “العملية الانتقالية السياسية”، وفق ما ذكرته وكالة "فرانس برس".

سوريا

سوريا.. وفود غربية في دمشق والأمم المتحدة تبحث زيادة المساعدات الإنسانية

كشفت مصادر إعلامية في إدارة الشؤون السياسية في دمشق أن وفدا دبلوماسيا فرنسيا وصل إلى العاصمة السورية دمشق للمرة الأولى منذ 12 عاما، وكان وفد من الخارجية البريطانية

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *