مع بداية كلّ رمضان، تعود من جديد بعض الأصوات المنادية بأحقيتها الإفطار بشكل علني أمام الملإ من دون أي حاجز أو عائق يُثنيها عن ما تعتبره حرية فردية، تصطدم مع غالبية عظمى تستفزّها تلك الأفعال وتصفها بالخارجة والمارقة عن الدين والداعية لفتنة يجب وأدها من جذورها.
جديد هذه السنة من رمضان، ظهور إحدى الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي”فايسبوك”تحت مسمّى”ماصايمينش”، تنادي بأحقية الإفطار في رمضان، نالت إعجاب أزيد من خمسة آلاف معجب على صفحتها، التي تنشر صورا لأعضائها وهو يُفطرون في أيام رمضان المبارك، واضعين السكين والشوكة كشعار لهم، في تحدّ للدين الرسمي للبلاد المعترف به دستوريا وهو الإسلام.
زكرياء أكضيض الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، أكّد ل”مشاهد24″، أن الحريات الفردية في المغرب أضحت تخلق جدلا بين المحافظين والتقدميين، فالجهة الأولى تقول أن أي حق يجب أن يخضع للخصوصية المغربية في حالة أي تناقض، وتعتبر الخصوصة هي المحدّد الأول والأخير.
في حين تطالب الجهة الثانية تماهي المجتمع مع ماهو كوني، كما هو شأن دولة تركيا، وهو الأمر المرفوض من طرف المحافظين الداعين الحفاظ على الخصوصية الوطنية.
وأوضح أكضيض، أن هناك أمرا آخر يتمثل في الوعي الجمعي المُعبّر عنه بمختلف الأحاسيس والقيم التي تحكمنا والتي أصبحت تُلاقي مع حركة التمدن والمستوى الحضاري الذي نعيشه بعض الابتعاد،”سلوكات الوعي الديني الجماعي بدأت تخف وأصبحت لدينا جماعات معزولة مثل تلك التي نادت الإفطار في وقت سابق، أو التعبير على ذلك السلوك في العالم الافتراضي مرفقا بصور أصبحت تعبر عن نفسها رغم أنها مثار جدل”
أكضيض أضاف أن تلك الجماعات المعزولة رغم تنشئتها داخل المغرب في التربة نفسها، إلا أن نمط تنشئتها مختلف”نمط التنشئة داخل المجتمع
المغربي يختلف، فهناك نمط أول يعطي الأولوية للدين وآخر غير مبالي بالدين، فالأول يعتبر رمضان كطقس من الطقوس منسجم مع القيم التي تربّى
عليها داخل الأسرة ويُقبل على شهر رمضان بمعاني روحية، بينما نمط التربية الثاني يجد تناقضا بينه وبين طقس رمضان ويشعر بتوثر داخلي يعتبر أن رمضان لا يعنيه ويشكل له توثرا داخليا” .