شهدت مدن الجنوب الشرقي بالمغرب خلال السنة التي سنودعها أمطارا قوية فاقت 150 ملم، أسفرت عن فيضانات غير مسبوقة، غمرت إقليم طاطا وورزازات وتنغير وزاكورة وغيرها من المناطق المجاورة. وخلّفت هذه الكارثة الطبيعية أثناء وقوعها حزنا عميقا في مواقع التواصل الاجتماعي بالمملكة.
خسائر مادية وبشرية
يوم الـ9 شتنبر 2024، أعلنت السلطات ارتفاع عدد ضحايا فيضانات وسيول اجتاحت مناطق جنوب شرق المملكة إلى 18 وفاة و4 مفقودين، بالإضافة إلى انهيار 56 منزلا، ولم تصدر أي تحديثات للحصيلة الإجمالية لاحقا.
وأدت هذه السيول الجارفة والأمطار القوية غير المسبوقة، في تلك الفترة، إلى انهيار مبانٍ طينية، وغمر أخرى بالمياه، وانسداد قنوات الصرف الصحي وانقطاع طرق رئيسية وفرعية بإقليم طاطا وورزازات وعزلة عدد من القرى والدواوير.
واستنفرت السيول الجارفة السلطات المحلية، التي قامت بتسخير كل الآليات المتاحة لإزالة الأوحال وفتح المجاري المائية المغلقة.
وبسبب سوء الأحوال الجوية، قررت المديريات الإقليمية التابعة لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة آنذاك في أقاليم تنغير وورزازات وزاكورة تعليق الدراسة في جميع المؤسسات، فيما دعت السلطات المحلية المواطنين إلى متابعة النشرات الجوية والتحذيرات الصادرة عن مديرية الأرصاد الجوية.
تساقطات استثنائية
في تلك الفترة، أكدت السلطات المحلية بإقليم طاطا أن التساقطات الرعدية الاستثنائية تسببت في ارتفاع كبير لمنسوب مياه عديد من الأودية بدرجات غير مسبوقة، حيث بلغت حمولة وادي طاطا مثلا أكثر من 2300 متر مكعب في الثانية، وكذا وادي زكيد بالمنطقة نفسها بـ1900 متر مكعب في الثانية.
وفق خبراء، فإن هذه الأمطار النادرة من شأنها، على المستوى المحلي، رفع مستويات المياه في بعض السدود وإعادة تغذية المياه الجوفية، ولكن هذا الأمر يتطلب هطول أمطار لفترات طويلة. بحسبهم.
تدخل ملكي
وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية، أطلقت الحكومة برنامجا لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات في الجنوب الشرقي للمملكة نتيجة التساقطات المطرية الغزيرة والاستثنائية، التي خلفت أضرارا بشرية ومادية، في أقاليم الرشيدية، ميدلت، ورزازات، تنغير، زاكورة، فجيج، جرادة، تارودانت، طاطا، تزنيت، كلميم، وأسا الزاك، وذلك بميزانية توقعية إجمالية مرصودة لتنزيل هذا البرنامج تبلغ حوالي 2,5 مليار درهم.
ويوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024 ترأس رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بالرباط، الاجتماع الأول للجنة البين وزارية المكلفة ببرنامج إعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات في الجنوب الشرقي للمملكة.
وذكر بلاغ لرئاسة الحكومة، حينها، أن هذا الاجتماع خصص لتدارس أهم محاور هذا البرنامج والمشاريع التي يتضمنها وكذا آليات وسبل تنزيلها بشكل سريع وفعال، وبرمجة الاعتمادات المالية اللازمة لتنزيل هذا البرنامج والتي تم تحديدها في 2.5 مليار درهم، حيث سيتم تجميعها في الصندوق الوطني لمكافحة آثار الكوارث الطبيعية.
وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية، وفيما يخص محور تأهيل المساكن المتضررة، قدمت الحكومة مساعدة مالية مباشرة لإعادة تأهيل 1.121 منزلا، 269 منها انهارت بشكل كلي و852 انهارت بشكل جزئي، حيث ستبلغ قيمة المساعدات 80 ألف درهم بالنسبة للمساكن التي انهارت بشكل جزئي، و140 ألف درهم للمساكن التي انهارت بشكل كلي.
كما يتضمن برنامج إعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات في الجنوب الشرقي للمملكة، إعادة تأهيل البنية التحتية الطرقية، وشبكات الاتصال والكهرباء والماء الصالح للشرب والتطهير، إضافة إلى دعم الأنشطة الفلاحية، لاسيما عبر استصلاح الدوائر السقوية الصغيرة والمتوسطة، وتقديم الدعم للكسابة لإعادة تشكيل الثروة الحيوانية في المناطق المتضررة، وكذا إعادة بناء وتأهيل المباني والممتلكات العمومية المتضررة.