سنة 2023، كانت مليئة بالأوراش الاجتماعية الهامة بالمغرب، والتي تروم إحداث تغيير جذري في حياة المواطنين وانتشالهم من براثن الفقر والتهميش.
ورش الحماية الاجتماعية، من بين هذه الأوراش الملكية حيث تعزز هذه السنة بشكل أكبر منذ إطلاقه؛ ويروم إرساء منظومة تضامنية إجبارية تحقق الحماية للجميع وتيسر ولوجهم إلى الخدمات الاجتماعية والصحية على نحو متكافئ، وتضمن رعاية صحية مستدامة للجميع ضد الأمراض والمخاطر الصحية بمختلف أنواعها.
ويتماشى ذلك مع ما أقره دستور 2011، الذي كرّس في فصله الـ31 الحق في الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية.
ويعد هذا المشروع المجتمعي الطموح، إحدى دعامات نموذج الدولة الاجتماعية الذي باتت معالمه تتشكل منذ جائحة كورونا.
للتخفيف من حدة الفجوة الاجتماعية التي ازدادت اتساعا عقب جائحة كوفيد 19 وبغية مأسسة شبكات الأمان الاجتماعية شرعت الدولة في صياغة تصور جديد للحماية الاجتماعية عبر القانون الإطار رقم 09.21 الذي تم التصويت عليه في البرلمان في شهر مارس 2021 بهدف تحسين الولوج لخدمات الضمان الاجتماعي، إلى جانب إصلاحات أخرى مرتبطة بتقنين التدخل الاجتماعي عبر تطوير منظومة الاستهداف.
وتتابع الحكومة عن كثب مراحل تقدم هذا الورش الملكي، حيث سبق لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن ترأس يوم الإثنين 10 أبريل 2023 بالرباط، اجتماعا للجنة الاستراتيجية للحماية الاجتماعية، خصص لاستعراض حصيلة مختلف البرامج المنجزة، والإجراءات العملية لتعميم نظام الحماية الاجتماعية، في احترام تام للأجندة التي حددها الملك محمد السادس.
وجرى خلال هذا الاجتماع، تتبع الأجرأة الفعلية لتعميم التغطية الصحية على أرض الواقع، سواء التغطية الصحية الإجبارية، أو AMO تضامن، ومدى تقدم تنزيل السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد المبرمجين خلال سنة 2023، باعتبارهما آليتين لإصلاح وتجميع أنظمة المساعدة الاجتماعية، والإجراءات العملية لتعميم نظام المساعدة الاجتماعية خلال سنة 2024، في أفق تنفيذ إصلاح نظام فقدان الشغل سنة 2025.
بلغة الأرقام، استفاد حوالي 5 ملايين شخص من المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء من التغطية الصحية إلى حدود أبريل 2023.
أما بالنسبة للأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك والخاضعين سابقا إلى نظام المساعدة الطبية، فقد تم فتح باب الاستفادة من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بهذه الفئة ابتداء من فاتح دجنبر 2022 إلى غاية أبريل 2023، وبلغ عدد المستفيدين 9.6 ملايين مؤمن، بما في ذلك ذوي الحقوق.
ويبلغ إجمالي تحملات الدولة لاشتراكات هذه الفئة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 9.5 مليار درهم.
من جهته، يلتزم البنك الدولي بتخصيص ملايين الدولارات لدعم الحكومة في القيام بالإصلاحات المنهجية لنظام الحماية الاجتماعية.
وفي هذا الإطار، وافق البنك الدولي، قبل أيام فقط، على قرض جديد بقيمة 500 مليون دولار للمغرب يهدف بالأساس إلى تحسين حماية الفئات السكانية الأكثر ضعفا من المخاطر الصحية والمناخية، وتوسيع نطاق نظام الحماية الاجتماعية.
وأوضح بيان للمؤسسة المالية الدولية، أن هذا التمويل هو الثاني في سلسلة من ثلاث عمليات تساند برنامج الإصلاح الحكومي.
وبما أن مردودية وأثر هذا الإصلاح الجذري على المستوى الميداني تستلزم وجود بنية استشفائية قادرة على مواكبة هذا التحول الاجتماعي، فقد انخرط المغرب في توجه استراتيجي يقوم على تطوير هذه البنيات من أجل تعزيز ولوج الساكنة للخدمات الصحية في أفضل الظروف، وعلى نحو متكافئ.