تصدرت فرنسا، منذ عدة أشهر، قائمة الدول الغربية التي تحذر من تدهور الوضع في ليبيا وتداعياته على المنطقة. وإن كانت الأزمة قد تعمقت في ليبيا ولا شك وتحتاج لاهتمام دولي عاجل، إلا أن حديث فرنسا وكأنها مهتمة حقا بمصير ليبيا والليبيين يعكس حالة من النفاق الذي تتبعه باريس بخصوص هذا الملف.
آخر الخرجات الإعلامية لكبار المسؤولين الفرنسيين بخصوص الأزمة الليبية جاءت على لسان وزير الدفاع جون إيف لودريان، الذي قال يوم أمس الأربعاء بالعاصمة التشادية إن ما يقع في ليبيا “غير مقبول” وأن “البلاد تعيش فوضى سياسة وأمنية” وأصبحت ملاذا للتنظيمات الإرهابية التي تشكل خطرا على أوروبا.
الوزير الفرنسي أكد أن دول جوار ليبيا لها مسؤولية بخصوص دعم جهود عودة الاستقرار إلى البلاد وأن بلاده ستكون لها مساهمة في هذا الجانب.
النفاق الفرنسي يتجلى في كونه البلد الذي قاد العملية العسكرية الداعمة للانتفاضة المسلحة ضد نظام القذافي عام 2011، بدعوى حماية المدنيين الليبيين من بطش قوات العقيد.
واقع الحال يؤكد أن فرنسا تدخلت في ليبيا لاعتبارات عدة، حيث أنه كان من السهل إسقاط نظام القذافي الذي لم يكن يتوفر على جيش قوي حيث عمل بنفسه على إضعاف هاته المؤسسة.
باريس انقلبت على القذافي بالرغم من التقارب الذي حصل بينها وبين الزعيم اللليبي الراحل الذي ظهر فيما بعد أنه كان وراء تمويل حملة نيكولا ساركوزي الرئاسية عام 2007.
في شهر سبتمبر 2011 استقبل الرئيس الفرنسي السابق، إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، استقبال الفاتحين من قبل الليبيين الحالمين بمستقبل أفضل لهم ولبلادهم.
حينها، وفي خطابه الذي لم يتجاوز ثلاثة دقائق، عرض ساركوزي على الليبيين صداقة بلاده وتعهد أمامهم بأن “فرنسا وبريطانيا وأوروبا سيظلون دائما إلى جانب الشعب الليبي”.
يومها قال ساركوزي “نؤمن بليبيا موحدة وليس بليبيا منقسمة. أيها الشعب الليبي، لقد أظهرت شجاعتك. اليوم، عليك أن تظهر شجاعة من نوع آخر. شجاعة الصفح والمصالحة. فلتحيا بنغازي، فلتحيا ليبيا، ولتحيا الصداقة بين فرنسا وليبيا”.
هاته الوعود المرتبطة بالوقوف إلى جانب ليبيا سرعان ما تبخرت، حيث تركت البلاد فريسة لانقساماتها التي عصفت بأحلام الديمقراطية والاستقرار والغد المشرق.
ما تبقى هو الخطاب الفرنسي المتكرر على لسان كبار المسؤولين، سواء تعلق الأمر بالرئيس فرانسوا هولاند أو وزير خارجيته لوران فابيوس أو وزير الدفاع جون إيف لودريان أو كبار قادة الجيش، بخصوص تدهور الوضع في ليبيا والحديث أحيانا عن ضرورة التدخل العسكري.
العديد من المراقبين والصحفيين الغربيين يؤكدون أن الغرب، وعلى رأسه فرنسا وبريطانيا، مسؤول عن تدهور الوضع في ليبيا إلى جانب دول عربية وإسلامية عملت على إذكاء الصراع الحاصل من خلال دعم طرف ضد آخر.
احتمالية تدخل عسكري جديد هو أمر مستبعد، على الأقل في القريب المنظور، لأن الغرب يعي جيدا أنه سيكون مكلفا وسيصعب إقناع الرأي العام هناك بجدواه، ولانقسام الليبيين بشأنه أيضا.
بيد أن الظاهر أنه حتى الجهود الديبلوماسية لا تبدلها الدول الغربية بما فيه الكفاية من أجل السعي إلى جل الأزمة في ليبيا مع ظهور ملفات آخر على قائمة الأولويات ومنها ما يرتبط بمحاربة التنظيمات المتطرفة مثل “داعش” وانخراط الآلاف من مسلمي الغرب ضمن صفوفها.
الدول الغرب وفي مقدمتها فرنسا ترى أن ليبيا صارت حاضنة للإرهاب والجماعات المتطرفة التي تهدد أوروبا، لكنها لا تقوم بخطوات عملية من أجل إنهاء الأزمة التي تهدد بتمزيق البلاد أكثر فأكثر.
ومع استمرار الأزمة الليبية يستمر النفاق الفرنسي بخصوص إيجاد حل للأزمة الليبية بالرغم من أن باريس تتحمل مسؤولية أخلاقية تجاه الليبيين بعدما قدمت وعودا بمواكبة بلادهم بعد مساعدتها في إسقاط نظام القذافي، في حين تركت ليبيا فريسة لانقسامات كان الغرب يعي جيدا أنها موجودة وأنها ستعصف لا محالة بمستقبل بلد كان يفتقد لمؤسسات دولة ونخب سياسة تقود مرحلة ما بعد سقوط نظام العقيد.
اقرأ أيضا
أخنوش يستقبل رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية
استقبل رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الخميس بالرباط، رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية، يائيل برون بيفي، التي تقوم بزيارة عمل إلى المملكة، تندرج في إطار تعزيز آليات التعاون البرلماني بين البلدين.
بعد أن بات في عزلة تامة.. النظام الجزائري يحلم بالتقارب مع فرنسا
بعد أن أغرق النظام العسكري الجزائري البلاد في عزلة تامة بسبب حربه القذرة ضد الوحدة الترابية للمملكة، لم يعد أمام الكابرانات إلى العودة للتودد لباريس، كما فعلوا مع مدريد،
بعد غياب طويل.. صفاء وهناء تستعدان لطرح عمل فني جديد “سكر”
تستعد الفنانتان المغربيتان صفاء وهناء لطرح عمل غنائي جديد بعنوان “سكر”، وذلك بعد فترة من …