لم يعد يخفى على أحد أن وضع اقتصاد الجزائر لا يبشر بخير. وبرغم تطمينات الحكومة التي يقودها عبد المالك سلال سابقا ولاحقا، بداية حول عدم وجود أزمة ومن ثم الحديث عن احتواءها، إلى أن المؤسسات الدولية لها رأي آخر، على رأسها صندوق النقد الدولي، الذي قدم توصياته لخروج البلاد من ضائقتها الاقتصادية.
صندوق النقد الدولي اعتبر في تقرير له أن “الاقتصاد الجزائي تواجه صدمة خارجية كبيرة ربما تطول”، مضيفا أن “انهيار أسعار البترول كشفت عن نقاط الضعف المتواجدة منذ مدة في هذا الاقتصاد الذي تديره الدولة والذي يعتمد بصورة كبيرة على المحروقات”.
وتابع تقرير صندوق النقد الدولي الصادر يوم أمس الخميس أن “صدمة أسعار البترول كان لها أثر محدود على النمو الاقتصادي”، لكنها بالمقابل أضرت بشكل كبير بالنفقات مقابل المداخيل وأثرت على الميزان التجاري.
مع ذلك اعتبر صندوق النقد أن الجزائر يمكنها أن تواجه هذا الوضع من خلال إعادة تشكيل نموذجها التنموي بصورة تدريجية بفضل ما راكمته من احتياطي يوفر لها هامشا من المناورة.
إعادة التوازن الماكرو اقتصادي للجزائر يمر عبر إعادة النظر في التمويلات العمومية على المدى القصير، وكذا بدء إصلاحات بنيوية رامية إلى تنويع اقتصاد البلاد.
على المستوى النقدي دعت المؤسسة الدولية إلى مزيد من تخفيض قيمة الدينار، معتبرة أن عملية خفض القيمة التي تمت في 2015 ليست كافية، داعية في نفس الوقت البنك المركزي لضبط سياسته النقدية تفاديا “للضغوطات المحتملة للتضخم”.
من جانب الآخر يرى صندوق النقد الدولي أن استمرار نفاد المخزون الاحتياطي للجزائر يحتم عليها اللجوء للدين الخارجي من أجل تعويض العجز المستقبلي، بالإضافة إلى الاستعانة أيضا بالدين الوطني وخوصصة بعض الشركات العمومية.
في الوقت نفسه حذرت المؤسسة الدولية من محدودية أثر القيود المفروضة اليوم في الجزائر على الاستيراد معتبرة أنه لا يمكن أن يكون بديلا عن الإصلاحات التي يجب أن تتم للدفع بعجلة التصدير.
الصندوق دعا كذلك إلى مواصلة الإصلاحات المرتبطة بسياسة الدعم، داعيا في ذات الآن إلى حماية الفقراء والتحكم في المصاريف العمومية وتعبئة العائدات التي يتم جلبها بفضل قطاعات أخرى غير المحروقات.
وفي حين أوضح صندوق النقد الدولي أن هذه الإصلاحات البنيوية ستتطلب بعض الوقت لكي تأتي أكلها، ملحا في الوقت نفسه على ضرورة الإسراع في مباشرتها من دون تأخير.
وفي حين من المتوقع أن تتم معارضة وصفة صندوق النقد الدولي لعلاج أعطاب الاقتصادي الجزائري لدواع مختلفة، من بينها عدم الاتفاق مع سياسة المؤسسات الدولية التي يعتبر كثيرون أنها تستهدف الطبقات الفقيرة، تبقى الكرة في ملعب الدولة الجزائرية لمباشرة إصلاحات جدية وعميقة تجنب البلاد أي هزات اجتماعية وسياسية ناجمة تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد.