هل دقت ساعة لجوء الجزائر إلى الاستدانة؟ بالنسبة للبعض، لم يعد السؤال هو “هل” بل “متى”، ما يعني أنه أمر محسوم.
فهذا البلد المغاربي ذو المساحة الشاسعة والثروات الباطنية المهمة أصبح يئن تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي دخلها بفعل تراجع أسعار النفط عالميا، وهو ما وضع حكام الجزائر في مأزق في الوقت الذي كثرت فيه التساؤلات حول كيف يمكن إخراج البلد من عنق الزجاجة.
وفي الوقت الذي ظلت فيه حكومة عبد المالك سلال تؤكد أن الوضع ليس كارثيا وأنه يمكن التحكم في آثار الأزمة وأنه لن يتم اللجوء إلى الاستدانة من الخارج، ظهرت مؤشرات تكذب الوزير الأول وتؤكد أن الجزائر مقبلة على هذا السيناريو.
أبرز البوادر هي تلك المرتبطة بإعلان الشركتين النفطيتين الوطنيتين، “سوناطراك” و”سونالغاز” رغبتهما في اللجوء إلى الدين الخارجي لتمويل نفقات الاستثمار.
إقرأ أيضا: كيف يمكن لتونس أن تواجه معضلة البطالة؟
نائب رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي بالجزائر، مصطفى مقديش، قال إن وضع الجزائر يفرض اللجوء إلى “بقية العالم” من أجل تمويل بعض المشاريع، وبالتالي فإن اللجوء إلى الاستدانة هي مجرد مسألة وقت.
إعلان “سونالغاز” عن حاجتها إلى الاستدانة اعتبره مقديش خطوة شجاعة، لأنه أمر ضروري بغية الحفاظ على الاستثمار وتوفير الأمن الطاقي للبلاد في أفق 2025.
وأضاف مقديش في حوار مع موقع TSA الناطق بالفرنسية أنه يمكن اللجوء إلى ديون على الأمد البعيد وبنسب فائدة منخفضة وأيضا الهبات التي تدخل في إطار التعاون كما هو الحال بالنسبة لتمويل مشروع ميناء المتوسط من قبل الصين.
وبالنسبة لنائب رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، فإنه يبدو من الأسلم اللجوء إلى الممولين الآسيويين من أجل الحصول على الدين خصوصا في ظل قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة.
لجوء الجزائر إلى الاستدانة من الخارج، والذي أصبح أمرا محسوما بالنسبة للبعض، يرتبط في نظر رئيس الحكومة الجزائرية السابق، أحمد بن بيتور، بكيفية تدبير الثروة النفطية التي تعد من أسباب الوضع الدقيق الذي تعيشه البلاد اليوم.
وقال بن بيتور في حديث مع نفس الموقع الجزائري إن التدبير السيئ للثروة الطبيعية يجعل الأجيال القادمة رهينة دين خارجي تصبح مع السياسات التقشفية ضرورية من أجل سداده.
من جانبه، اعتبر محافظ بنك الجزائر سابقا، عبد الرحمان حاج ناصر، أن اللجوء إلى الدين ليس المشكل بحد ذاته بل إن الأمر يرتبط بالدوافع وراء الاستدانة وبالأهداف المتوخاة من وراء أموال الغير.
عودة الجزائر إلى دوامة الاستدانة يبدو ملحا في ظل سياق مالي يتسم بقرب نفاذ الاحتياطات النقدية للبلاد خصوصا في حال استمرار مستويات الإنفاق على حالها وتواصل انخفاض أسعار البترول ما دون 50 دولار للبرميل.
وبالتالي، يبقى السؤال هو متى ستقدم الجزائر على الاقتراض من الخارج للصمود في وجه أزمتها الاقتصادية؟