خصصت مجلة “جون أفريك” المعروفة مقالا حول الأزمة التي تعيشها، بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، متسائلة حول الأطراف التي قد تستفيد من الوضع الحالي.
أول المستفيدين يبدو أنه حزب “النهضة” الإسلامي الذي ساهمت الأزمة التي عاشها حليفه الحالي وغريمه السابق، “نداء تونس”، في ترجيح كفته داخل قبة البرلمان.
الصراع الذي دار على زعامة “نداء تونس”، الذي تأسس في يونيو 2012 على يد الرئيس الباجي قايد السبسي، قاد إلى إضعافه وانقسامه بين تيار حافظ السبسي، نجل الرئيس، والأمين العام السابق للحزب محسن مرزوق.
استقالة 22 نائبا برلمانيا من النداء وتشكيلهم لتيار مستقل أفقد الحزب ريادته داخل مجلس نواب الشعب، بعدما كان عدد نوابه 86، لتنتقل الصدارة إلى “النهضة” التي تتوفر على 69 نائبا بالمجلس.
إقرأ أيضا: كيف يمكن لتونس أن تواجه معضلة البطالة؟
في حال استقالة رئيس الحكومة الحالي، الحبيب الصيد، تصبح “النهضة” آنذاك مخولة بتشكيل حكومة جديدة.
وحتى إن بدا هذا السيناريو مستبعدا بالنسبة للبعض، إلا أن رياح الاحتجاجات الشعبية التي تهب على البلاد تزيد من هشاشة التوازنات السياسية القائمة وتخلط الأوراق في أفق إجراء الانتخابات التشريعية في 2019.
في ظل التحولات الجارية، يطرح التساؤل حول ما إذا كان “نداء تونس” سيفقد مزيدا من شعبيته في حين ستظل قواعد “النهضة” مرتبطة بالحزب، وهو ما يقود إلى توقع توزع أصوات الحداثيين بين الحزبين وربما تكرار سيناريو 2011 حين كان الإسلاميون هم المرشحون البارزون للفوز بالانتخابات.
بالإضافة إلى إسلاميي النهضة، يبرز التساؤل حول ما إذا كان محسن مرزوق، الأمين العام السابق لنداء تونس، ورئيس الحكومة السابق، مهدي جمعة، سيستفيدان بدورهما من الوضع الحالي ويستغلانه للرفع من أسهمهما.
نفس التساؤل ينطبق على أحزاب اليسار التي فشلت في استمالة الناخبين من غير الموالين للنهضة في 2014 ، حيث فضل هؤلاء إعطاء أصواتهم لنداء تونس.
فأعين كل من محسن مرزوق ومهدي جمعة على رئاسة الجمهورية على ما يبدو. كلا الرجلين يمثلان الجيل الجديد الذي تقلد مناصب المسؤولية في فترة ما بعد الثورة.
مرزوق خرج من صراعه مع حافظ السبسي على زعامة “نداء تونس” زعيما لحزب جديد سيرى النور قريبا، على أن تظل التشكيلة السياسية الجديدة وفية للمبادئ التي تأسس من أجل النداء على حد قوله.
أما مهدي جمعة، التكنوقراطي الذي قاد الحكومة في ديسمبر 2013 إلى غاية انتخابات 2014، فليست لديه ولاءات حزبية ويحسب له أن قاد البلاد إلى الانتخابات وفق خريطة الطريق التي قدمها الرباعي الراعي للحوار الوطني.
الهزيمة المدوية التي منيت أحزاب اليسار ويسار الوسط في الانتخابات التشريعية الماضية وضعتها أمام محك حقيقي، وأظهرت ضعف امتدادها الشعبي وكون جزء مهم من الطبقة الوسطى في المدن فضلت منح صوتها لنداء تونس لقطع الطريق على الإسلاميين بدل التصويت لصالح اليسار.
بالمقابل، يطرح التساؤل ما إذا كان تفكك “نداء تونس” سيعطي فرصة لليسار لكي يستعيد عافيته. للقيام بذلك، ينبغي على اليسار تغيير الصورة التي التصقت به عند الشعب وهي كون هذه الأحزاب لا تؤخذ على محمل الجد ولا يعتقد أنها قادرة على الحكم.
اليسار يواجه أيضا صعوبة في تمرير خطابه الذي يحتاج حسب البعض لأن يتم تبسيطه، كما أن أيديولوجيته المدافعة عن الحريات الفردية والداعية لأخذ مسافة مع الدين لا تجد لها صدى عن شرائح واسعة من المجتمع.