عاد الحديث عن تدخل عسكري محتمل في ليبيا، بدعوى التصدي للنفوذ “المتنامي” لتنظيم “داعش” ليثير عددا من التساؤلات.
من بين هاته الأسئلة ما يرتبط بجدية المنتظم الدولي في القيام بتدخل مماثل في الوقت الذي يحذر فيه كثيرون من أي عملية عسكرية غربية في ليبيا قد تكون كارثة ولها نتائج عكس تلك المتوخاة.
حسب الباحث ماتيا توالدو، عن “المعهد الأوروبي للعلاقات الخارجية”، فإن التدخل العسكري أصبح محتملا أكثر من أي وقت مضى بالنظر إلى فشل مسار التسوية السياسية في ليبيا وخشية الأطراف الغربية من تمدد “داعش” وتعاظم نفوذه كما تقول.
وتروج الأوساط الدولية إلى كونها ضرورة في ليبيا قبل فوات الأوان بعد أن تتحول البلاد مركز لمن تسميهم “الجهاديين”.
وبينما تتوزع المواقف الغربية بين الحديث عن اتخاذ تدابير عسكرية والتراجع مبدئيا عن تلميحات سابقة بقرب التدخل العسكري، يبدو مع ذلك جليا أن اللجوء إلى السلاح أصبح خيارا مطروحا من قبل الأطراف الدولية التي يحملها كثيرون مسؤولية الفوضى في ليبيا.
“إنهم هناك، على بعد 300 كلم من السواحل الأوروبية”، قال وزير الدفاع الفرنسي جون إيفل ودريان نهاية شهر يناير المنصرم محذرا من خطر “داعش” ومن إمكانية تسلل مقاتليه.
إقرأ أيضا: دبلوماسي فرنسي: “أي تدخل عسكري في ليبيا سيكون كارثيا”
خطاب التخويف الذي تتبناه أوروبا انتقل إلى الدول الإفريقية جنوب الصحراء ممن تشترك مع ليبيا الحدود، وهو ما أكده أيضا المبعوث الأممي مارتن كوبلر.
وفي حين كان الاتفاق السياسي وتشكيل حكومة الوفاق الوطني هو الأمل الأخير المتبقي أمام ليبيا حسب الأوساط الدولية، يطرح تعثر المسار السياسي تساؤلا حول ما إذا كانت البلاد دخلت مرحلة اللاعودة ما يعني أنها ماضية في سيناريو الحرب والاقتتال.
هذا الاقتتال الداخلي هو ما يجعل الالتفات إلى مواجهة “داعش” خيارا غير قائم بقوة بحكم أن معسكري “الجيش الوطني الليبي” بقيادة خليفة حفتر و”فجر ليبيا” والميليشيات المؤيدة لها يريان في بعضهما البعض الخطر الأكبر.
انهيار مسار التسوية السياسية يعني استمرار المواجهة بين الطرفين بدعم من أطراف سلطات سياسية في طبرق وطرابلس ودول خارجية.
هذا الوضع يطرح تساؤلا بخصوص خيار دعم قوات محلية لمواجهة تنظيم “داعش”، والذي كان البعض يدعو إلى تبنيه في حال تم الاتفاق على تشكيل قوات مركزية موحدة خاضعة لسلطة حكومة الوفاق.
الخيار الجديد قد يصبح دعم “الجيش الوطني الليبي” لأنه يحظى بتأييد سلطات برلمان طبرق وحكومة البيضاء المعترف بهما دوليا، ما يعني ربما رفض الحظر المفروض على بيع السلاح لهذا المعسكر بعكس منافسه في طرابلس.
ويبقى التساؤل أيضا عن الخيارات الأخرى الممكنة في هذا الخصوص، حيث يؤكد المراقبون أن احتمال توجيه ضربات جوية يبقى قائما، في حين يستبعد أن يتم نشر قوات على الأرض، يقول مدير برنامج شمال إفريقيا بمجموعة تدبير الأزمان International Crisis Group، إسندر العمراني.
بالنسبة لماتيا توالدو، يبقى الاحتمال الأبرز هو توجيه ضربات جوية على شاكلة ما يقع في سوريا مع نشر قوات خاصة محدودة على الأرض.
بيد أن السؤال الأبرز، هو ما يتعلق بمستقبل ليبيا في حال تم المضي في خيار التدخل العسكري الغربي وما إذا كان سيساهم في تقوية المتطرفين بدل إضعافهم وهو ما يخشاه عدد من العارفين بالملف الليبي.