شكلت هجمات باريس فرصة للصحافة الفرنسية للعودة إلى لازمة التحذير من خطر الفرع الليبية لتنظيم “داعش”.
وجددت منابر مختلفة ما تقول إنه استغلال من التنظيم لحالة الانقسام السائدة في البلاد والفوضى التي تغرق فيها ليبيا من أجل تعزيز حضوره في شرق البلاد.
مثل هاته المنابر تتلقف عادة تصريحات محمد الدايري وزير خارجية حكومة البيضاء، المؤيدة لأحد طرفي النزاع المسلح في حين تدعم حكومة طرابلس الطرف الآخر، بخصوص تعاظم نفوذ الفرع الليبي لداعش في بلاده.
طبعا تصريحات الدايري قد يتم تأويلها على نحوين مختلفين, فهي إما محاولة لإقناع المنتظم الدولي برفع حظر السلاح المفروض على ليبيا، والذي خرقته وتخرقه دول عدة من بينها فرنسا من خلال بيع أسلحة لطرفي الصراع، أو أنه ترويج لكون ليبيا في حاجة مجددة إلى تدخل عسكري أجني يحذر كثيرون من أنه لن يساهم سوى جعل الأمور أكثر سوءا مما هي عليه.
مهما تكن صدق النوايا الفرنسية، سواء الرسمية أو الإعلامية، بخصوص الوضع في ليبيا والخطر الداعشي فيها صادقا، يبقى الإشكال الكبير هو أن باريس ساهمت بشكل أو بآخر، عن عمد أو عن غير قصد، في الوضع الذي تعيشه ليبيا من خلال قيادتها لحملة حلف “الناتو” لإسقاط نظام معمر القذافي دون الوفاء بالتزاماته بمواكبة البلاد في مرحلة نجاح ما بعد الانتفاضة المسلحة.
تخلي الدول الغربية عن ليبيا، وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا اللتان قادتا الحرب ضد القذافي، بالرغم من الإجماع على كون البلاد تفتقد لتقاليد سياسية وبأنها كانت في حاجة إلى الدعم من أجل بناء مؤسسات الدولة، يجعلها مسؤولة عن الوضع الكارثي السائد في ليبيا اليوم.
كما أن شكوى الدول الغربية من الهجرة السرية القادمة من ليبيا يضعها مرة أخرى محل مساءلة لأنها سمحت بتسلل الفوضى إلى ليبيا، وهو ما يعني أنه كان من المتوقع أن تخرج الحدود في البلاد عن السيطرة.
المواقع الفرنسية أكدت أن ”داعش” قامت بتوجيه مجنديها نحو ليبيا بدلا من سوريا لتعزيز حضورها في الجبهة الشمال إفريقية.
أيا تكن حقيقة الأوضاع هناك، يبدو خطر “داعش” في ليبيا أكثر قابلية على الاحتواء منه مقارنة بسوريا أو العراق، شريطة أن تتحرك الدول الغربية للدفاع باتفاق سلام وتشكيل حكومة ليبية مركزية تقول قادرة على مواجهة الإرهاب والفوضى الأمنية التي تقول أوروبا إنها تعاني من تبعاتها، متناسية أن الليبيين هم أكبر ضحايا منذ أربع سنوات.
إقرأ أيضا: صوصي علوي: “الناتو يسعى إلى إطالة الفوضى في ليبيا خدمة لداعش” (1)