بقلم: ياسر عبد الحسين
مقدمة
إن مفهوم الأمن القومي أصبح يرتكز على اتجاهات سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية معتمدًا على التحولات العالمية الجارية، فقد سعت الولايات المتحدة إلى إيجاد خطط وإستراتيجيات جديدة لدورها، ووضع تصورات لقضايا التسلح، وأنظمة الفضاء، والحرب الإلكترونية، والمتغيرات المناخية، فضلًا عن التحديات التي يواجهها الأمن القومي الأمريكي، ووضع صيغ وحل للنزاعات الدولية والإقليمية، من أجل تحديد الخطط والبرامج ذات الطابع الإستراتيجي في مجالات الدفاع والسياسة الخارجية، وكذلك الأدوار الاقتصادية الأمريكية، في العالم، وصياغة الخطوط العامة للقرارات ذات الطابع الإستراتيجي، والعسكري، والاقتصادي، والسياسي، ولا سيما بعد ظهور الفواعل من غير الدول.
فقد تولى (مجلس الأمن القومي) تجسيد هذه المفاهيم في صيغة خطط إستراتيجية، منذ تأسيسه في عهد الرئيس الأمريكي هاري ترومان عام 1947، وعمل عبر برامج ذات المدى البعيد والقريب، وسعت كل الإدارات الأمريكية إلى تطوير هذا الجهاز المهم منذ تأسيسه بعد الحرب العالمية الثانية عن طريق إعادة بناء هياكل وأجهزة الدولة المعنية بالشئون العسكرية والسياسة الخارجية بما يتلاءم مع المتغيرات الدولية، ونظرًا للدور المهم الذي يسهم فيه هذا الجهاز في تحديد الاتجاهات الإستراتيجية الأمريكية الخارجية، وسنحاول عبر هذه الدراسة هذا تسليط الضوء على أدوار هذا المجلس من خلال قراءة مواقف المجلس في حقبتي جورج دبليو بوش وإدارة الرئيس باراك أوباما.
أولا- المجلس خلال عهد بوش الابن
لقد توسع نفوذ مجلس الأمن القومي بعد انتهاء الحرب الباردة، فقد رفعت القيود الأساسية عن عملياتها، وتقلصت على أقل تقدير، ففي الـ 45 سنة الأولى من تأسيسه، كان كل قرار يتخذه المجلس تقريبًا خاضعًا لتأثير حسابات ردة فعل الاتحاد السوفيتي، أما بعد الحرب، الباردة فإنّ الولايات المتحدة كقوة أحادية لا تثقلها أعباء، مثل هذه الحسابات، فصناع القرار لم يعودوا قلقين من عواقب أفعالهم، بل تطورت في ظل أحداث الحادي عشر من سبتمبر(1)، فقد كان جورج بوش(2) ميالًا في البداية إلى تفويض صنع السياسة الخارجية إلى شخصية وطنية مميزة، ولكن ذلك لم يستمر طويلًا فقد هزت أحداث 11 سبتمبر في السنة الأولى، وانتقلت السياسة إلى البيت الأبيض لا تهيمن عليها مستشارة الأمن القومي، وإنما نائب الرئيس، ومجموعة من المسئولين ذوي الدوافع العالمية في البيت الأبيض ووزارة الدفاع، وقـد لقوا أذنا صـاغية في إعادة تعريفه: بأنه القائد الأعلى لأمة في حالة حرب(3)، وإذ كان بوش قد أكد طيلة حملته الانتخابية في العام 2000، أنه سيقود سياسة خارجية متواضعة، ولكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر خلقت سياسة مغايرة، فقد تلقى الدعم غير المشروط من الرأي العام الأمريكي على إثر الحرب ضد الإرهاب، لكن غزو العراق في العام 2003، جعل هذا الدعم يتبخر، وفي الوقت نفسه، فإنّ لجنة التحقيق حول أحداث 11 سبتمبر، أشارت بشكل واضح إلى العجز الخطير في آلية القرار، وسوء الأداء للأجهزة المنظمة(4)، ولهذا أصبح هناك التحول بتحريك بيروقراطي حقيقي، وبنظام مجلس الأمن القومي الذي هو غير فاعل من أجل تطويق الأخطاء في عملية صنع القرار(5)، لأن هذا المجلس يبدو، وكأنه خاضع للتحزب، ولرغبات وطموحات بعض المتنفذين من صناع القرار(6).
ومهما كانت النظرة للنظام الأمريكي، فإنّه يتطلب من الرئيس خبرة في الشئون الخارجية، ولكن بوش قليل الاهتمام بالشئون الخارجية(7)، وفي هذا المناخ السياسي برزت كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي، ومع هذا المركز الحيوي الذي احتلته رايس، الذي يعد أقرب إلى الرئيس الأمريكي من أسلافها الستة عشر الذين تقلدوا هذا المنصب، فقد خصصت رايس نفسها لملء مركزها، حيث كانت تقضي على (وفق تقديرها) ما بين ست إلى سبع ساعات يوميًا إلى جانب الرئيس، وهي أيضا فرد غير رسمي من عائلة بوش، حيث أفردت لها حجرة خاصة في كامب ديفيد تحل فيها ضيفة دائمة على أسرة بوش(8).
واستمدت رايس رؤيتها حول الطريقة التي يجب أن يعمل على أساسها الفرع التنفيذي في المجلس، كما هي الحال العديد من أعضاء فريق عمل بوش الابن، ومن خبراتها كعضو في مجلس الأمن القومي إبان إدارة بوش الأب، إذ تدرجت على يد سكوكروفت، مستشار الأمن القومي آنذاك، ويعد مجلس الأمن القومي في أيامه أنموذجا للتنظيم والإدارة الناجحة في مناهج التعليم العالي في عملية صنع القرار(9)، فحين تتكلم رايس عن الرئيس، فإنك لا تلمس في كلامها أية إشارة واضحة إلى ازدواجية أو تضارب، فهي شديدة الولاء له، وهما يتبادلان التقدير والإعجاب، ويقول وزير الخارجية في ولايته الأولى كولن باول (إدارة الرئيس بوش الابن تشبه إدارة الرئيس بوش الأب، في كون الاثنين على استعداد إلى أخذ المبادرة والتصرف، إلاّ أنه في إدارة بوش الابن كانت الأمور تتم بتشاور وتأنٍّ، في حين أن إدارة الرئيس بوش الابن تسودها دراسة المعطيات، وتحليلها، ومقارنتها بالمعلومات الموجودة أكثر مما تعتمد على الذكاء، لكون الرئيس الابن يعرف ما يريد أن يفعله، وما يريد أن يسمعه، وكيف يتم إنجازه)(10)، في حين يشير سكوكروفت مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس بوش الأب، إلى موضوع عقيدة صانع القرار بالقول؛ إن التحول الذي حدث في شخصية الرئيس قد نتج عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فالرئيس بوش هو متدين جدًا، ويعتقد أن هناك شيئًا فريدًا، إن لم نقل مقدسًا في كارثة مثل تلك التي حدثت في التاريخ، حيث كان هو في سدة الرئاسة، إذ يعتقد بشكل أو آخر إنما حدث هو مقصود أن يحدث وهو رسالة موضوع (الحرب على الإرهاب)(11). لكن ما حدث من مفارقة صارخة بين الإيمان، وما يؤمن به بوش، وبين ما حصل في العراق من أحداث (سجن أبو غريب) لا يلتقيان أبدًا(12)، فكثيرون هم الرؤساء الأمريكيون الذين أكدوا تعلقهم بجذورهم الدينية، فاستشهدوا في خطاباتهم باقتباسات من الكتاب المقدس، إلاّ أن الدين لم يفرض يومًا وجوده في الحياة السياسية الأمريكية قبل أن يطأ جورج بوش الابن عتبة البيت الأبيض(13)، هذا ما انعكس على مجلس الأمن في الانقسام الحاصل في كواليسه بين اختلاف الشخصيات، وأسلوب إدارة المؤثرين فيه، فقد صرحت رايس حينما كانت مستشارة الأمن القومي: (لقد أردت بالفعل أن يكون مجلس الأمن القومي كما كان عليه في عهد برنت سكوكروفت، وهو مجلس صغير يلتزم بقيود محددة وآلية التعاون فيه معززة من الناحية العملية)(14)، ولأجل أن تصل إلى هذه النتيجة حاولت رايس أن ترسي ثقافة أن يكون المساعدون على أهبة الاستعداد لتنفيذ أوامر الرئيس عندما تقول: (أمضي كثيرًا من الوقت حين التقي بكل مدير جديد، وهؤلاء يقولون لكم: إنّني كنت أردد دائمًا على مسامعهم: إن مسئوليتكم الأولى هي تلبية طلبات الرئيس، فلو أن الرئيس كانت بين يديه ورقة من قياس 10، وهو يطلبها من قياس 12، فإنّ واجبكم أن تعملوا على تعديلها كما يريد)(15). وبسبب تأثير أيديولوجية المحافظين الجدد وبدون أدنى شك، فقد أثرت في عملية صنع القرار في فريق الرئيس بوش، وبالأخص منذ الحادي عشر من سبتمبر أكثر من كل الإدارات الحديثة، وقد عرف نظام مجلس الأمن القومي في هذا الإطار ثلاثة تطورات هي(16):
أولا: المنتدى القراري (اللجان ما بين الوزارات المكلفة بمسائل الأمن القومي)، وقد أدت دورًا فاعلًا جدًا تطابقًا مع المفهوم الأساسي لمجلس الأمن القومي كآلية من آليات التنسيق.
ثانيًا: أن كونداليزا رايس قد تخلت عن التقليد لدور مستشار الأمن القومي كموجه خفي للرئيس تقريبًا، كما فعل ماك جورج بندي في ظل إدارة الرئيس كيندي، لتصبح أكثر تحيزًا وأكثر نفوذًا من صناع القرار الآخرين مثل ديك تشيني، وهنالك ضمن حدود المعلومات المتاحة كل الأسباب للاعتقاد أن كونداليزا رايس قد عملت على طمأنة الرئيس بوش حول معتقداته وأفكاره.
ثالثًا: في إطار صياغة السياسة الخارجية، فإنّ إدارة مجلس الأمن القومي قد اختفت تدريجيًا لمصلحة هيكل منافس في صلب مكتب نائب الرئيس، وهكذا رأت إدارة الرئيس بوش نفسها مع جهازين لإدارة السياسة الخارجية، وهـو ما يفسر بشكل واسع علـى المستوى البيروقراطـي، والصراعات في اتخاذ القرار، كالحالة مع احتلال العراق في العام 2003(17). وكانت رؤية كونداليزا رايس بعد أحداث 11 سبتمبر من العام 2001: (أن الولايات المتحدة بوصفها الدولة الأقوى في العالم تقع مسئوليتها في العمل على جعل العالم أكثر أمنا، ولم يكن ثمة أي شرط أخلاقي أو حقوقي يلزم بلدًا معينًا بانتظار التعرض للهجوم قبل أن يصبح قادرًا على التعامل مع تهديدات وجودية)(18)، وعلى الرغم من اختيار الرئيس بوش لفريق يتفوق عليه بالأسبقية والخبرة، وقد ركز الفريق الجديد في البداية في الأمور التي لم تنجز في عهد بوش الأب الدفاع الصاروخي، والتحول العسكري، والعلاقات بين القوى الكبرى، ولم يكن الإرهاب، ولا الانتشار النووي يحظيان بأولوية كبيرة، بل إن مستشارة الأمن القومي، كونداليزا رايس استبعدت معلومات استخبارية مبكرة تحذر من ضربات إرهابية محتملة بوصفها دراسة (تاريخية) إلى حد كبير(19).
والحق أن أحداث 11 سبتمبر قد نالت من مفهوم بعض الدوائر الأمريكية بأنها تستطيع أن تتصرف بشكل منفرد فيما سمّته بالحرب على الإرهاب(20). ومع أن رايس تقف لتوفير دعم مع الرئيس، إلاّ أنها تنتقد لأنها حولت المجلس إلى أداة لخدمة متطلبات الرئيس الخاصة على حساب المصالح القومية، ويشير سكوكروفت إلى أن هناك أنموذجين لمستشاري الأمن القومي أحدهما يخدم الرئيس، والآخر يدير المؤسسة، والقوة تكمن في خدمة الهدفين معًا، فالكثير من العاملين داخل الإدارة ما زالوا يعملون في المجلس أو في الوكالات التابعة له، وأن رايس كمستشارة للأمن القومي كانت دائمًا مشغولة بالوقوف إلى جانب الرئيس في كل لحظة، وبالأسرار له، ومحط ثقته فيما يتعلق بأمور السياسة الخارجية، مما دفعها إلى إضعاف دور مجلس الأمن القومي كجسم تنسيقي(21). ويقول أحدهم إنها سعت إلى أن تؤدي دور الوسيط الصادق، وهي ذكية جدًا، ولكن لا يمكنها أن تكون في مكانين في الوقت نفسه، فالفرق في هذا المجلس هم لاعبون قدامى، ومن ذوي الخبرة(22)، بل إن أحد المسئولين الذين لهم علاقة بالهيئة غير الحزبية المكلفة بالتحقيق في أحداث 11 سبتمبر، كان أكثر وضوحًا حين قال: (كمجموعة توصلنا إلى نتيجة مفادها أن مجلس الأمن القومي كان غير ذي فاعلية)(23)، وفي المقابل تقلص دور باول حين كان وزيرًا للخارجية بسبب تركه المجال فسيحًا قبالة تحكم البيروقراطية في وزارة الخارجية في عالم يتطلب استجابة سريعة للأزمات، وبهذا الصدد يقول مارك غروسمان وكيل وزارة الخارجية للعلاقات السياسية (دورة القرار أصبحت سريعة جدًا لدرجة أصبحت معها الطريقة التي نعمل عن طريقها في وزارة الخارجية بطيئة جدًا)(24).
والحق، أن العائق الذي يزعج ويمنع باول والخارجية من الأداء هو: الشراكة بين ديك تشيني ورامسفيلد، وقد وصف كيسنجر الأخير بأنه الرجل الأكثر انعدامًا للشفقة(25). لكن علاقته المميزة مع أحد أقوى نواب الرئيس الأمريكي في التاريخ جعلت مركز الثقل في المكان الذي يقف الرجلان فيه معًا، بل يعتقد أن أعضاء مجلس الأمن القومي: أن دونالد رامسفيلد يمتلك أربعة مداخل إلى البيت الأبيض، فهو يلجأ إلى رايس في الأمور السهلة، وإلى كبير موظفي البيت الأبيض آندي كارد حين تصعب الأمور، والى تشيني حين تكون الأمور صعبة فعلًا، وإذا اقتضت الضرورة يذهب إلى الرئيس مباشرة، فغالبًا ما يحضر الاجتماعات، ويعمل عن طريق قنوات خلفية، وقد اشتكى أحد أعضاء مجلس الأمن القومي من أنه يمضي نصف وقته في تصحيح ما أفسدته وزارة الدفاع، وإعادة الأمور إلى نصابها، إذ يحاول تهدئة الخواطر للقيادات العسكرية التي يتخطاها رامسفيلد(26).
ويقول أحد المساعدين السابقين في البيت الأبيض: (كثيرة هي المرات التي صنع فيها البنتاجون ما يريد، أيا تكن توصيات مجلس الأمن القومي)(27)، وعلى إثر الانتقادات العديدة التي أطلقت في ظل إدارة كلينتون بأن جهاز مجلس الأمن القومي قد تحول نوعًا من أنواع الوزارة، عوضًا عن كونه جهازًا استشاريًّا قرر مستشارو بوش إجراء علاجات لمجلس الأمن القومي عبر استحداث منتدى صناعة القرار داخل المجلس، وأصبح ذا أهمية من جديد، وضم الرئيس بوش، ونائب الرئيس ديك تشيني، وباول، ورامسفيلد، ورايس، وانضم إليه جورج تينت مدير CIA، ورئيس الأركان الجنرال هو شيلتون، وكذلك ضم بانتظام مساعد كونوليزا (رايس ستيفان هادلي)، ومساعد رامسفيلد (بول وولفوفيتز)، والسفير الأمريكي في الأمم المتحدة جون نيجروبونتي(28)، وحسب المحاضر الموجودة، فإنّ مجلس الأمن القومي قد انعقدت جلساته 42 مرة بين11/9، والثالث عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر في العام 2001، فضلًا عن 16 لقاءً يبين أهم صناع القرار في ظل غياب الرئيس، وهناك انطباع واضح: أن جدول أعمال هذه المحاضر يتم بشكل منسق بين تشيني ورايس(29). كما اختفت اللجان ما بين الوزارات في جهاز الأمن القومي ـ والتي تشكل أحد مرتكزاته ـ أنها لا تؤدي علمها، لكونها تجهل آلية التنسيق في المجلس، ومن ثم ليس هناك مكان تتوحد فيه الآراء، ومن ثم أصبح جهاز مجلس الأمن القومي غير قادر على تنسيق وجهات النظر بين الوزارات من أجل صياغة وتنفيذ القرارات، وهذا ما أكده ريتشارد أرميتاج مساعد وزير الخارجية(30): (أن مجلس الأمن القومي لا يؤدي عمله، ولجنة المساعدين لا تقوم بعملها، فالسياسة يتم تنسيقها بشكل سيئ، ولا تناقش بشكل كاف ومنظم، ومن أجل أن تكون مستشارة جيدة للأمن القومي، يجب أن تكون أكثر صدامية، ومستعدة لفرض النظام)(31).
وهكذا فإنّ علاقة رامسفيلد ونائب الرئيس ديك تشيني الذي يعد في واقع الأمر مستشار الرئيس الحقيقي لشئون الأمن القومي، فقد كان رامسفيلد معلم ديك تشيني قبل أن يصبح نائب الرئيس، وما عبر عنه إزاء ذلك أن كوندي في غاية الضعف، حسب موظف سابق في مجلس الأمن القومي: وبأنها كانت تبدو قريبة من الرئيس، لكن ذلك لم يترجم في الحقيقة إلى إمساك بمفاصل العملية، فقد تميزت عملية مجلس الأمن القومي في هذه الإدارة بخلل وظيفي(32)، وكذلك فإنّ مسئولا كبيرًا في CIA صرح قائلًا: (أظن أن رايس لم تنجح حقًا في تحقيق أي شيء، وهي ستذكر في التاريخ ربما على أنها أسوأ مستشار للأمن القومي على الإطلاق، أظن أن المستشار الحقيقي للأمن القومي هو تشيني)(33).
واعترفت كوندي أن رؤيتها المثلى محافظة للسياسة الخارجية، ولم تكن التوجه الذي قدمت منه لكن تلك الرؤية تكونت نتيجة لتركيز الرئيس في قيم خاصة، وأن الرئيس يمتلك بوصلة بكل ما يتعلق بالسياسة الخارجية(34)، فيما يذهب باول بأن الأوامر والتوجيهات تأتي متضاربة من البيت الأبيض، وكانت الأوامر تعكس مدى الخلط، وتشويش الرؤى في واشنطن كالحالة مع رفض تشيني الاجتماع مع عرفات في فلسطين، في حين يرى رامسفيلد ضرورة الاتصال به(35). ولكن الحدث الأبرز في صياغة القرار هو: أن ديك تشيني نائب الرئيس يمتلك أكبر فريق أمن قومي اجتمع لنائب رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، حتى إن عدده يفوق مجلس الأمن القومي الذي كان أيام جون كيندي، كما أن له شبكة من المساعدين على امتداد الإدارة الأمريكية ممن يقدمون التقارير له أو لكبير الموظفين لويس ليبي(36)، الذي يوازي منصبه منصب مستشار الأمن القومي، ويقدر عدد أعضاء فريق عمله ومستشاريه، وممن تم نقلهم من وكالات أخرى للعمل في مكتب نائب الرئيس بنحو (15 – 35) شخصًا(37)، وفي هذا السياق يقول ريتشارد هاس، الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس العلاقات الخارجية، بأن ديك تشيني يمسك بزمام الأمور من ثلاث جهات، فهو يحضر فريق عمله معه في كل اجتماع، ثم يحضر اجتماعات مجلس المدراء، وبعد ذلك يجتمع بشكل فردي مع الرئيس، فلا غرو أن تشهد القرارات الرئاسية تحيزًا(38)، وربما تشكل أحداث الحادي عشر من سبتمبر العامل الذي أسهم في كشف وجهات النظر الأساسية أو السمات التي تميز أعضاء مجلس الأمن القومي، فالتقليديون ـ على حد تعبير سكوكروفت ـ يؤمنون بأن السياسة الخارجية التي يجب العمل بها هي نفسها في القرن العشرين عن طريق التعاون مع الأصدقاء، والحلفاء، والمنظمات الدولية، والبعض يرى أن الأحداث العالمية بعد 11 سبتمبر في حالة اضطراب، وضرورة استغلال الفرصة لإيجاد حالة التوازن في الشرق الأوسط(39). كما أن رايس قد عملت على اختزال العديد من ملاكات إدارة مجلس الأمن القومي عن طريق تخفيض الملاك إلى الثلث، إذ اقتصر على قرابة (70 موظفًا)، وتم إنشاء ودمج المكاتب القطاعية أو الجغرافية في إدارة المجلس، في حين تم إنشاء مركز جديد لمساعد مستشار الأمن القومي للسياسات الاقتصادية(40)، وضمت إدارة المجلس العديد من الشخصيات من الفريق الأساسي للصقور(41).
كما قدمت كونوليزا رايس شهادتها قُبالة أعضاء اللجنة المتابعة في تحقيق أحداث 11 سبتمبر في جلسات مغلقة، وبعد بدء جلسات الاستماع طالب الرأي العام أن تشهد كوندليزا رايس علنًا، ولكنها رفضت على أساس أن السلطة الدستورية المفتوحة لها تمنعها من ذلك قانونًا، وعدّت أن هناك مبدأ قديمًا: يقول بعدم استطاعة مستشاري الأمن القومي الإدلاء بشهادتهم قُبالة الكونجرس ما دامو في مناصبهم، لكن كوندي صرحت فيما بعد: إنّ الولايات المتحدة كانت بطيئة في رد فعلها على التهديدات التي كانت تتحضر قبل وقت طويل من الهجمات(42). وتغير دور مجلس الأمن القومي تبعًا للأوضاع والمتغيرات، إذ قل دور المجلس عما كان عليه، مع انتقال كوندليزا رايس التكتيكي إلى وزارة الخارجية، وحل محلها مساعدها ستيفن هادلي(43). وأصبح بوش يفضل اللجوء إلى المداولة المباشرة مع أعضاء الوزارة دون المرور عبر جهاز مجلس الأمن القومي، ولذلك لا يجتمع المجلس نادرًا إلاّ على مستوى مسئولي المرتبة الوزارية أو المعادلة لها، في حين كانت هذه التركيبة تتكون من المجلس الرئيس لمجلس الأمن القومي (NSC/PC) منذ العام 1989، ونادرًا ما يلتقي أعضاء المجلس بالرئيس، وستيفن هادلي من رجال تشيني، وسبق أن عمل مساعدًا لكوندليزا رايس، وهو من المتأثرين بثقافة الحرب الباردة، وبواقعية إدارة بوش الأب (الذي عمل معه في وزارة الدفاع) لكنه انتقل مثل رايس إلى الأفكار المحافظة(44)، ولكن المجلس وصف في تلك المرحلة أن الروتين في عمل الأمن القومي بطيء إلى درجة تبعث على الجنون، ويفتقر إلى الروح الخلاقة ويبغض المجازفة، ومن ثم فهو غير مهيأ لأي مفاجأة.
وبالفعل فإنّ أحداث 11 سبتمبر، ودخول العراق، وتحول رايس إلى الخارجية، فلن يثقلها التنافس القائم بين مستشاري الأمن القومي ووزارة الخارجية بعد أن خلفها نائبها السابق ستيفن هادلي، لكن بقي الصوت الحاسم لديك تشيني، فمجلس الأمن القومي مؤسَّس بطريقة تختلف جذريًا عن بقية أجزاء الإدارة، لأن المؤسسات الأخرى يحكمها الدستور الذي كان لتطهير المؤسسات أكثر مما يؤثر فيها نفوذ أي فرد، فإذا اختار الرئيس أن يستخدم المجلس كنظام يتمكن عن طريقه الاطلاع على كل الآراء، واختبارها قبل التأكد على تنفيذها، فإنّ المجلس يعمل بشكل جيد، فضلا عن ترابط، وتركيب المجموعة، والأفراد، والشخصيات التي تؤدي دورًا أساسيا فيها سوف تحدد دورًا وظيفيًا(45)، وعند البحث عن دور المجلس في الحرب على العراق في العام 2003، نرى أنّه منذ تولي بوش الرئاسة، لم يكن العراق ضمن السياسة الأولوية لفريق السياسة الخارجية، لكن مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وفي أثناء اجتماع مجلس الأمن القومي في 15 سبتمبر، رفض بوش جعل العراق الهدف الأوَّلِي العسكري، مشددًا على أن تكون أفغانستان الهدف الأول(46)، وفي اليوم التالي أخبر مستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس بأنه يريد أن تعد الخطط لاعتمادها في حال تبين تورط العراق بأحداث 11 سبتمبر، وفي اليوم التالي، أي 17/11 قال: أنا مقتنع بتورط العراق(47). ونشبت الخلافات بشأن أسلحة الدمار الشامل في العراق، وخاضت مستشارة الأمن القومي السباق ضد أولئك الذين عارضوا اجتياح العراق(48)، وساندها الرئيس بوش: بأن النظام في العراق أصبح يمتلك أخطر سلاح في العالم، وهذا أمر لا ريب فيه(49)، وفي أكتوبر 2002، اتصل وزير الخارجية كولين باول بمستشارة الأمن القومي رايس، وأكد لها أنّه يشعر بأزمة تضارب ولاءات بين الإدارات، وداخل مجلس الأمن القومي(50)، وقد عبّأ تينت المجتمع الاستخباراتي برمته، وطلب من فريق العمل الإسراع في تحضير الوثيقة التي كانت تحت عنوان: (العراق يواصل برنامج أسلحة الدمار الشامل)(51). ولكن المفاجأة الكبرى التي كشفها بوب ودورد: إنّ بوش كان يخشى أن تتسرب الأخبار حول الحرب قبل القيام بها، وأنه أمر رامسفيلد في 21 نوفمبر من العام 2001، عندما كانت القوات الأمريكية تسيطر على نصف أفغانستان، وسأله عن نوعية خطة الحرب بالنسبة للعراق، وعندما قال رامسفيلد: إنّها خطة قديمة، قال له بوش: أن يبدأ في إعداد خطة جديدة(52). وأكد بوش لرامسفيلد: أن يحتفظ بالأمر سرًا، وعندما طلب رامسفيلد إشراك جورج تينت مدير CIA في الخطة، قال له الرئيس: ألاّ يفعل ذلك، ومن الواضح حتى إن كوندليزا رايس، مستشارة الأمن القومي لم تكن على علم تام، وقال ودورد: إن بوش قال لها ذلك الصباح: إنّه طلب من رامسفيلد القيام بعمل بخصوص العراق، ولكنه لم يقدم تفصيلات(53). وهنا يظهر الضعف الواضح في مجلس الأمن القومي لعدم علم مستشارة الأمن القومي بتفاصيل الحرب على العراق. فيما أكد الجنرال توم فرانك: أن الإستراتيجية الموضوعة لهزيمة العراق كانت متضمنة في خطة عمليات معقدة وطموح بعد جهد كبير بمشاركة رامسفيلد(54).
واتضح عن طريق قرار الحرب على العراق في العام 2003، فإنّ مجلس الأمن القومي الذي كان له من المقرر تقديم خلاصة دقيقة للرئيس عن المعلومات التي يتم جمعها من محل الإدارات والوكالات، فقد أخفق في مهمته، وكذلك كوندليزا رايس لم تتحمل مسئولية عملها داخل المجلس كوسيط محايد، مع قيادتها للمجلس إلى منطق مغاير للمبادئ التي عملت على نشأة هذه المؤسسة، وهكذا فإنّ أعضاء مجلس الأمن القومي لم يعملوا على تنقية المعلومات المغلوطة، فقد سمحوا بتمرير معلومات يدركون خطورتها جيدًا (55). والحق أن مجلس الأمن القومي قد عمل بعد هيمنة الأيديولوجية المحاذية في تغذية هذه السياسة، وليس تطويقها(56)، وفشلت إدارة بوش في الاستفادة من تجارب السابقة، وكررت العديد من الأخطاء في عمليات بناء الأمة(57). وقد خضعت السياسات الأمريكية في العراق لكثير من التعديلات بعد العام 2003، على الرغم من بطء الإدارة بالإقرار بالأخطاء المرتكبة، ومنذ تسلم هادلي مسئولية مستشار الأمن القومي فلم يكن له دور يذكر في عملية صنع القرار بعد سيطرة رايس على الخارجية .
ثانيا- مجلس الأمن القومي والرئيس أوباما
كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما ينوي إجراء إصلاحات شاملة ومتعددة لأجهزة الأمن القومي(58)، ومنها: مجلس الأمن القومي عبر توسيع دائرته وعضويته، وزيادة سلطاته لوضع إستراتيجيات لعدد كبير من القضايا الدولية والداخلية(59). ومن ثمّ سوف يكون هناك مجلس أمن قومي (مختلف كليًا) عن ذلك الذي شكله الرئيس بوش، أو أي من سابقيه منذ أن تم إنشاؤه بعد أعقاب الحرب العالمية الثانية لتقديم المشورة بشأن القضايا الدبلوماسية والعسكرية حسب ما صرح به جيمس جونز مستشار الأمن القومي في الإدارة الجديدة، مؤكدًا أنّ العالم يتغير بصورة دراماتيكية لدرجة أن المؤسسات التي أنشأت لم تعدّ تُعنَى إلى حد بعيد بالأغراض التي أوكلت لها.
وإن اختيار باراك أوباما في الولاية الأولى لشخصية (جيمس جونز)(60)، يُعدّ توافقًا مع رؤيته للسياسة الخارجية، واتفقا على تكوين ما سمّوه بـ(مجلس الأمن القومي للقرن الحادي والعشرين). ولعل هذا ما تبناه الرئيس باراك أوباما في اختياره الجنرال جيمس جونز الذي قال عنه أوباما سيأتي إلى مهمته بخبرة مزدوجة من الخدمة في الجندية وكدبلوماسي(61)، على اعتبار أن جونز هو أول عسكري يتولى هذا المنصب منذ العام 1987، ولعل الهدف من هذا التعيين رغبة أوباما في أن يساعده جونز على كسب ثقة المؤسسة العسكرية، وإعادة تحديثها، فضلًا عن خبرة جونز في مجالات التعاون الأطلسي والعسكري، وقبوله لدى الأوربيين، مما قد يساعد على تعزيز التعاون بين ضفتي الأطلسي مرة أخرى، والتعاون الذي قد يبديه أوباما مع مستشاره للأمن القومي، لا سيما على صعيد السياسة الخارجية، والاستفادة من خبرة جونز لتعويض نقص خبرته في القضايا الدولية.
وسعى أن يقوم مجلس الأمن القومي في عهد أوباما، بأن يتطابق مع تحديات الأمن القومي، وتوسيع سلطات المجلس خارج حدود قضايا شئون السياسة الخارجية التقليدية، وتحويله إلى هيئة أكثر مرونة بإشراك عدد من الوزراء ـ الذي لم يكن يضم في السابق سوى وزيري: الخارجية والدفاع ـ وحسب رؤية جونز: (الفكرة كلها فيما تمثله عضوية مجتمع الأمن القومي، والتي كانت مقصورة بصورة تاريخية على وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي، فإنّه فضلًا عن نذر يسير من وزارة الخارجية مع إقصاء وزارات الطاقة، والتجارة، والخزانة، وهيئات تطبيق القانون، وأطر مكافحة المخدرات ـ وكل هذه الأشياء ـ خاصة في المدة الراهنة، والتي يجب أن تتعامل مع قضايا القرن الحادي والعشرين والمستجدات كموضوع الطاقة، وتغير المناخ، مثل الاحتباس الحراري، وموضوع بناء الدولة، والبنية التحتية، فضلًا عن الأزمة الاقتصادية العالمية(62).
وربما تكون من الضرورة أن نقف عند اهتمامات مجلس الأمن القومي الداخلية، فيما أن أساس بناء المجلس وتشكيله هو تقديم الرؤية في مجال السياسة الخارجية، والحق أن هذا يؤكد الحقيقة القائلة: على أنه لا يمكن فصل السياسة الداخلية عن الخارجية(63)، بل إن مجلس الأمن الداخلي، وهي المؤسسة المستقلة التي تم إنشاؤها في العام 2001، عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر سيتم إدراجها ضمن سلطات مجلس الأمن القومي(64)، وهنا يبقى التساؤل: كيفية تجنب تداخل المصالح بين مجلس الأمن الداخلي، ومجلس الأمن القومي الجديد، وفي الوقت نفسه ضمان المزيد من الاهتمام بقضايا الداخلية كما وعد بذلك أوباما، وهكذا فإنّ توضيح نقاط عمل مفاصل الإدارة سوف تكبح عملية التنافس بين تلك الإدارات، فوزارة الخارجية على سبيل المثال سوف تتعامل مع باكستان، والهند، وأفغانستان بالاشتراك مع القيادة المركزية، وقيادة المحيط الهادي، أما باقي منطقة الشرق الأوسط، فستقع تحت القيادة المركزية، وستضم وزارة الخارجية الدول العربية من مكتب الشرق الأدنى، وهذا ما أكده جـونز بأنه سوف يعرض داخل مجلس الأمن القومي كل أقاليم العالم، وربما سوف تكون خطوة مستشار الأمن القومي جونز بأن تضع كل وزارة شخص يراقب سير المجلس، حيث يمكن لمسئولي الإدارة الكبار التعرف إلى نشاطات المجلس، وحسب قوله: (لا يعني ذلك تجزئة الإدارة أو الإشراف، ولكن علينا التأكد، خاصة فيما إذا كان الأمر يتعلق بالرئيس، وحرصه على متابعة سير الأمور)(65).
وربما تكون الصورة الأولية لإدارة أوباما قبالة الشخصيات الفاعلة في الإدارة في الولاية الأولى مثل: هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية، وروبرت جيتس، وزير الدفاع – مزدحمة على قمة عمل المجلس، ومليئة بالمسئولين العسكريين، ومن بينهم مستشار الأمن القومي جيمس جونز، والأدميرال البحري المتقاعد دنيس بلير مدير الاستخبارات الوطنية، وكذلك المبعوث الخاص لمناطق الصراع ريتشارد هولبروك، الدبلوماسي السابق، والمبعوث إلى أفغانستان وباكستان، قد أعطوا سلطات رئاسية موسعة، وهنا التحدي الأبرز في عدم تدخل الصلاحيات، التي كما رأينا كما تؤدي إلى تعطيل عمل المجلس، كما أنه لا بد من أن تصبح هناك شخصية منسقة داخل الإدارة تعمل على ترتيب الأوراق، ويمكن أن يكون ذلك من نصيب جوزيف بايدن نائب الرئيس دون أن يتحول إلى (مجلس أمن قومي) كشخصية ديك تشيني، ولكن هل استطاعت شخصية جونز العسكرية أن تترك، فضلًا عن الشخصيات العسكرية، داخل الإدارة تأثيرها في سلوك المجلس، لأن جونز أكد على أن الرئيس أوباما بارع في إخفاء قوانين شبه عسكرية داخل مجلس الأمن القومي، وأنه قبل أن يكون مستشارًا قال خضت لقاء مع الرئيس حول وجهة نظري بشأن مجلس الأمن القومي. وقد كان الرئيس لديه رؤية واضحة تجاه عمل المجلس، وأنه (جونز) قد ترأس الجلسات بنفسه(66)، وكما أن طريقة العمل داخل المجلس ستكون على حالها كبقية المجالس عبر آلية اللجان، لكن عمل هذه اللجان يختلف حسب طبيعة المواضيع، ويبدو أنه تم التركيز في مراجعة الإستراتيجية الأمريكية تجاه أفغانستان.
وحدد جونز عددًا من المواضيع التي يراها إنما تشكل تحديًا لإدارة الرئيس باراك أوباما، والتي تواجهه مصالح الأمن القومي الأمريكي، وأهمها: الإرهاب: يؤكد جونز ربما تكون المشكلة الأكبر التي تواجهها الإدارة، ومجلس الأمن القومي هي مشكلة أفغانستان وباكستان، حيث يشبه مسئولو الأمن القومي التدهور في أفغانستان: بأنها تمثل الحرب الحقيقية على السلام في العالم، مع ضرورة أن يتخذ الجيش الباكستاني خطوات حاسمة ضد طالبان وتنظيم القاعدة هناك.
فضلًا عن أن جيمس جونز قد ترأس بنفسه لجنة دراسة أوضاع قوات الأمن العراقية، إذ أشارت اللجنة في تقريرها الذي نشر إلى الفساد المنتشر بين صفوف القوات الأمنية العراقية، وأوصت بتسريح 25 ألف جندي كانوا يشكلون قوة الشرطة، وضرب التقرير من الإدارة السابقة، التي قالت: إنها دربت تلك القوات جيدًا، فضلًا عن مشاركته في إعداد تقرير عن السلوك الأمريكي في أفغانستان، وعن موقف مجلس الأمن القومي في العراق مع التحديات الأخرى التي تواجه الإدارة قال جونز (إن الاستمرارية) شيء جيد، ونخوض حربين، وتحديات اقتصادية هي الأكبر في نوعها منذ حقبة الفساد الكبيـر (ثلاثينيات القـرن الماضي، وهنـاك أمـور مهولة)، وعلى اعتبار أن جونز قد عمل مستشارًا لكبريات شركات الطاقة العالمية. لكن التحدي الجديد الذي بدأ جيمس جونز الحديث عنه هو: موضوع (الحرب الإلكترونية)، إذ باتت قضية الأمن الإلكتروني، وحرب المعلومات يشكلان هاجسًا متزايدًا لدى دوائر صنع القرار الأمريكي عامة، والأمن القومي الأمريكي خاصة بعد أن تعرضت مصالح وهيئات حكومية الكترونية لخروقات ومحاولات للسيطرة، وأخرى للعبث، وتلك العمليات كان آخرها في العشرين من يونيو من العام 2009، من مجهولين للسيطرة على شبكة المعلومات داخل البيت الأبيض، لكن البداية الأكثر عنفًا كانت مع تعرض موقع وزارة الأمن القومي، والدفاع، والخارجية، والتجارة، فضلًا عن وكالة (ناسا)، وجامعة الدفاع الوطني إلى الاختراق في العام 2007. وكذلك اختراق البريد الإلكتروني لوزير الدفاع الأمريكي (روبرت جيتس)، وعن دور الحرب الإلكترونية تحدث الصينيون بأنها سوف تكون ركنًا مهمًا من أركان الحرب في المستقبل، وكما جاء في التقارير بأن جيش التحرير الشعبي الصيني (PLA) قد شن هجمات إلكترونية متكررة على شبكة عسكرية أمريكية هي (Cuisr Network)(3)، فضلًا عن تقرير البنتاجون حول القدرات العسكرية للصين الشعبية في العام 2006، بأن الجيش الصيني يحاول ضمان توفير المعدات والخبرات المدنية في أجهزة الكومبيوتر لتساعده في تدريباته وعملياته، كما يستعين الجيش الصيني بمعاهد الشركات الخاصة بتكنولوجيا المعلومات لدمج موظفيها من أجل لدعم الجيش، حيث أصبحت للصين إمكانية القدرة على ضرب أقمار صناعية، وسفن متحركة من دون خسائر في الفضاء والبحر، وعلى الرغم من إنفاق الولايات المتحدة على برامج الفضاء العسكري، وهو 90% من إجمالي ما ينفقه العالم، لذا فإنّ قبالة مجلس الأمن القومي، وإدارة أوباما مجموعة من الخطوات المهمة تجاه حفظ الأمن القومي الخاص بالمعلومات، وحدد جيمس جونز تحويل هذه المهمة تحديدًا إلى مجلس الأمن القومي قبالة الحرب الجديدة، فضلًا عن ثمة متغيرات أخرى كالاحتباس الحراري، وتغير المناخ، وإصابة بأمراض وأوبئة عالمية.
مع الحراك العربي في المنطقة، وعقب الولاية الثانية لأوباما، برز إلى العلن تباين في وجهات النظر داخل فريق أوباما الرئاسي على خلفية وجهة السياسة الخارجية الأمريكية نحو مصر، اعتبرها البعض أنها تشكل انعطافا في السياسة الرسمية ليمضي ويبني عليها فرضيات مفرطة في التفاؤل، سيما وأن وزير الخارجية وصف تنظيم الإخوان المسلمين بأنه سرق الثورة المصرية من أصحابها الحقيقيين، وكانت بداية، تباين وجهات النظر بين فريقي وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي ليس جديدا أو مقصورا على الإدارة الراهنة، ولا ينبغي النظر إلى جزئية محددة في مجمل الإستراتيجية تناسب بعض الأطراف لتمعن في تعميم الظاهر من الخلاف وإسقاطه على السياسة الخارجية برمتها، وأصبح مجلس الأمن القومي يحتكم إلى التوازنات والاصطفاف الداخلية ويميل عادة إلى النهج المتشدد، كما شهدت على ذلك الإدارات الرئاسية المتعاقبة، وليست هي المرة الأولى التي ينتصر فيها الرئيس الأمريكي لصالح فريق على آخر، وفق ما يرتئيه من ميول سياسية واعتبارات داخلية تعزز أجندته، أما الرئيس أوباما فقد أرجأ دور وزارة الخارجية إلى المرتبة الثانية في ولايته الرئاسية الأولى، واستنبط عددا من المناصب الموازية لدور وزير الخارجية (كلينتون) لإدارة ملفات محددة، أي تهميش دور الخارجية لصالح فريقه الجديد المنتقى بعناية. يذكر ان جون كيري لم يكن المرشح الأول لأوباما في إدارة دفة وزارة الخارجية، إذ روج لسوزان رايس، سفيرته في الأمم المتحدة، لتولي المنصب لحين مواجهتها معارضة شديدة داخل مجلس الشيوخ على خلفية تصريحاتها المغايرة لوقائع ما جرى في حادثة الهجوم على البعثة الدبلوماسية الأمريكية في بنغازي(67).
وينظر إلى سجل وزير الخارجية جون كيري أنه يتحلى بالواقعية والبراجماتية مقارنة بسوزان رايس، وكما أن لسوزان رايس وجون كيري أسلوبهما المستقل عن الآخر، سيما وأن تجربة كيري الطويلة في أروقة الكونجرس استندت إلى التوصل لأرضية مشتركة مع الأطراف الأخرى والاستئناس والتآلف معها، والتحلي بالكياسة الدبلوماسية. أما رايس فتشتهر بشخصية صدامية مع الآخرين دون اعتبار لمواقعهم، منهم على سبيل المثال مشاحنتها مع المبعوث الرئاسي الخاص للسودان سكوت غريشن. بل تتميز رايس بمزاج حاد بحاجة إلى ترويض، كما وصفها رئيس مجلس العلاقات الخارجية ليسلي غيلب، وأضاف أنها سريعة الانفعال وإطلاق الأحكام، مما يترتب عليها التمترس خلف مواقفها، ويتعين عليها العد للمائة – بل للألف – قبل توصلها لقرار معين، وفي ذات الوقت يتعين عليها الإصغاء بعناية إلى آراء الآخرين.
بالنسبة للرئيس أوباما فإن سوزان رايس شديدة الولاء له، إذ كانت خياره الأول لمنصب مستشار الشئون السياسية منذ حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2008، فضلا عن علاقتها الحميمة الخاصة مع أوباما وعقيلته ميشيل. لذا يمكن اعتبار رايس من ضمن الدائرة الخاصة بالرئيس أوباما، تحظى بصداقة شخصية معه، وليس لامتلاكها خبرات بارزة في مجال السياسة الخارجية، خلال فترة خدمتها في منصب سفير الولايات المتحدة في الهيئة الدولية حافظت على متانة علاقتها مع الرئيس، واستطاعت أن تمضي فترات زمنية في واشنطن بالقرب منه أطول من أسلافها السابقين، في ظل إدارة الرئيس أوباما، تعاظم دور مجلس الأمن القومي في ملف السياسة الخارجية على حساب طاقم وزارة الخارجية، مما دفع البعض إلى توصيفها بتركيز القوة بين يديها، أي أن كل القضايا تمر عبر قناة مجلس الأمن القومي(68).
ولذلك يعد مجلس الأمن القومي الأمريكي الجهة المناط بها رسم السياسات الأمنية الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، ولكن في عهد أوباما كانت الأمور عكس ذلك، حيث طغت آراء وأفكار أوباما على المجلس، فقرر انسحاب أمريكا من العراق ورفض التدخل في سوريا، وقاد بهدوء تام عملية انفصال جنوب السودان، أخيرًا أتي أوباما بسوزان رايس الواجهة في مجلس الأمن القومي وسامنثا باور لتحل محلها في مجلس الأمن، والمعروف أن رايس وسمانثا تعتبران من الدائرة المقربة جدا من أوباما، وأسهمتا بشكل أساسي في صعود نجمه منذ أن كان في مجلس الشيوخ، فهل تستطيع سوزان وسامنثا باور تغيير وجهة السياسة الأمريكية والتأثير على أوباما وهذا ربما سيدفع بالمجلس لاتخاذ قرارات في المستقبل القريب تتناسب مع حجم تلك التحديات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط .
المصادر
(1) Divid Rothkopf, (inside the committee that runs the world) foreign policy. April 2005,P. 292.
(2) ولد في العام 1946، في غرب ولاية تكساس، تم انتخابه في العام 2001، من الحزب الجمهوري، وكان يميل إلى أفكار الأصولية المسيحية، انظر: عادل المعلم، مقدمة في الأصولية المسيحية في أمريكا والرئيس الذي استدعاه اللـه وانتخبه الشعب مرتين، ط3، دار الشرق الدولية، القاهرة، 2005، ص32. لقد نصب الرئيس الثالث والأربعين للولايات المتحدة، إثر حملة انتخابية كانت الأكثر جدلًا بعد أن جمع 337576 صوتًا أقل من منافسه الديمقراطي، ومتقاربة جدًا، انظر: د. رأفت غنيمي الشيخ، أمريكا والعالم في التاريخ الحديث المعاصر، عين الدراسات والبحوث الاجتماعية والإنسانية، القاهرة،2006 ، ص339.
(3) زبينغو بريجنسكي، الفرصة الثانية: ثلاثة رؤساء وأزمة القوة العظمى الأمريكية، ترجمة: عمر الأيوبي، دار الكتاب العربي، بيروت، 2007 ، ص16 – 17.
بدأ بوش حياته السياسية كمتطوع لإعداد الحملة الانتخابية الرئاسية لرئاسة والده، بصفته مستشاره وكاتب خطاباته الخاص، وفي العام 1978، خاض حملته الانتخابية الشخصية للفوز بمقعد داخل الكونجرس عن ولاية تكساس، لكنه لم يحالفه الحظ برغم الميزانية والتبرعات التي جمعتها له العائلة، والأنصار الفاعلون في حقل البترول، وفي العام 1993، ترشح ثانية عن مقعد حاكمة تكساس، إذ رأت والدته باربرا، حينها أن شقيقه جيب أو فر منة حظًا في ولاية فلوريدا، ولكنه بعد عام واحد أعلن ترشحه لمنصب الرئاسة، والتي جمع لها مبلغ 100 ألف دولار للترويج لها وحقق فوزه على منافسه آن ريتشارد الذي سبق أن هزمه في العام 1993، وفي العام 1998، فاز بترؤس ولاية تكساس بأغلبية ساحقة بلغت نسبتها 69%، وقد جاء هذا الفوز على خليقة تحوله نحو ما سمّاه بـ(الولادة الثانية) حيث احتل الالتزام الديني جزءًا من حياته وصل لدرجة التعصب والتطرف، وفي العام 1999، راودته فكرة الترشح لمنصب الرئيس التي كشف عنها والدته باربرا في أثناء توجهها إلى الكنيسة، فقالت عن شخصيته: بأنها تشبه شخصية موسى، فاز بوش بالمنصب الجديد، وبعد 8 أشهر من توليه منصبه حدثت تفجيرات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر العام 2001، وهي أعنف ضربة في التاريخ الأمريكي تمثلت بتفجيرات برجي التجارة العالمية والبنتاجون، التحق بجامعة هارفارد، حيث نال الماجستير في إدارة الأعمال، ثم درس بعد ذلك علم الإدارة، كما شارك في نشاطات تجارية، وعمل مع شركات تنقيب، للمزيد انظر: شادي فقيه، من يحكم أمريكا: اللوبيات الحاكمة واليات صنع القرار، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، (بلا) ، ص63 – 65، 70 – 72.
د. محمد عارف زكاء اللـه، الدين والسياسة في أمريكا: صعود المسيحيين الإنجيليين وإثرهم، ترجمة: امل علياني، مركز الزيتونة للدراسات والاستثمارات، بيروت، 2007.، ص142 – 143. وكذلك: أحمد أبو مطر، أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، كما يراها كتّاب ومفكرون عرب، دار الكرمل للنشر والتوزيع، عمان، 2007، ص43.
(4) عبد الحميد العيد الموساوي، (عملية صناعة واتخاذ القرار في السياسة الخارجية للرئيس جورج والكر بوش)، مجلة العلوم السياسية، العدد(3)، بغداد، تموز 2005، ص193.
(5) معتز سلامة، الأمن القومي الأمريكي، التحولات الجديدة في ظل إدارة بوش الثانية، كراسات الإستراتيجية، مركز الأهرام للدراسات، العدد (162)، مايو 2006، ص6.
(6) المصدر نفسه، ص7.
(7) Divid Rothkopf, op. cit., P. 295.
(8) Ibid, P. 297.
(9) أنطونيا فيلكس، ، كوندي: قصة نجاح كوندوليزا رايس، ترجمة: سعيد الحسيني، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2007، ص219.
(10) نفس المصدر 213.
(11) سيمور هيرش، القيادة الأمريكية العمياء: الطريق من 11 أيلول إلى سجن أبو غريب، ترجمة: مركز التعريب والترجمة، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2005، ص15.
(12) المصدر نفسه، ص321.
(13) إريك لوران، عالم بوش السري: الديانة والمعتقدات الأعمال والشبكات الخفية، ترجمة: سوزان قازان، دار الزهراء، بيروت،( بلا)، ص6.
(14) معتز سلامة، مصدر سبق ذكره، ص9.
(15) Divid Rothkopf, op. cit., P. 212.
(16) د. عبد الحميد العيد الموساوي، (عملية صناعة واتخاذ القرار)، مصدر سبق ذكره، ص206.
(17) يقول برنت سكوكروفت في معرض حديثه عن السياسة الخارجية الأمريكية بعد أحداث التفجيرات 11/9: (إننا نحمل لواء تصدير الديمقراطية إلى العالم، ولكننا نرى في الوقت نفسه ألأنفسنا متمسكين بعدد من القادة الذين هم أبعد ما يكون عن الديمقراطية، ومن ثم فإنهم غير قادرين على تحسين وتطوير سياسات الآخرين، أو حتى نشر الديمقراطية في أماكن أخرى من العالم، انظر: حوار مع برنت سكوكروفت، الشرق الأوسط، العدد (9272)، 17 إبريل 2007.
(18) كوندليزا رايس، إستراتيجية الأمن القومي لدى الرئيس، عن: أرون سلزر، المحافظون الجدد، ترجمة: فاضل جكتر، العبيكان للنشر، الرياض، 2005، ص127.
(19) زبينجو بريجنسكي، الفرصة الثانية، مصدر سبق ذكره، ص28.
(20) د. أمين شلبي، أمريكا والعالم: متابعات في السياسة الخارجية الأمريكية (2000 – 2005)، عالم الكتب، القاهرة، 2005، ص79.
(21) Divid Rothkopf, op. cit., P. 231.
(22) Ibid, P. 237.
(23) نعوم تشومسكي، الصدمة، 9/11 أيلول، ترجمة: سعيد الجعفر، دار الكتاب العربي، دمشق – القاهرة، 2002، ص72.
(24) Divid Rothkopf, op. cit., P. 242
(25) جيمس ريزن، حالة الحرب: التاريخ السري للسي أي إيه وإدارة جورج بوش، ترجمة: سامي الكعكي، دار الكتاب العربي، بيروت، 2006، ص80.
(26) المصدر نفسه، ص81.
(27) نفسه، ص80.
(28) ibid, P. 301
(29) جيمس ريزن، مصدر سبق ذكره، ص81.
بعد أحد اجتماعات مجلس الأمن القومي، طلب أحد المسئولين في البنتاجون من نائب مستشار الأمن القومي (ستيفن هادلي) أن يغير محضر الاجتماع حتى يصل إلى خلاصة معدلة، ثم ووجه هادلي بمسئول آخر قائلا له (هذه ليست روسيا الستالينية، ولا يمكنك إعادة كتابة التاريخ)، كما أن رامسفيلد يقول: (أنا لا أعُير اهتمام لما يقوله مجلس الأمن القومي، فأنا سوف أقوم بما أراه حقًا لي تحت إمرة الرئيس)، للمزيد انظر: Divid Rothkopf, op. cit., P. 236.
(30) ريتشارد إرميتاج: هو مساعد وزير الدفاع المكلف بشرق آسيا في إدارة ريجان، وأنجز العديد من المهام الدبلوماسية برئاسة بوش الأب، ثم تسلم منصب مساعد وزير الخارجية، وكان وسيطًا بين وزارتي الدفاع والخارجية، وهو مرتبط بشكل هامشي مع المحافظين الجدد. انظر: د. شادي فقيه، مصدر سبق ذكره، ص88.
(31) لقد ذهب وزير الدفاع إلى حد الحصول من رايس على وعد بعدم السماح لأي من موظفي مجلس الأمن القومي مناقشة المسائل العسكرية مباشرة مع الرئيس، وهذا يدل على تقليل الدور المركزي لمجلس الأمن القومي.
(32) جيمس ريزن، مصدر سبق ذكره، ص80.
(33) المصدر نفسه، ص82.
(34) أنطونيا فيليكس، مصدر سبق ذكره، ص221.
(35) بوب وودوارد، حرب بوش، ترجمة: حسين عبد الواحد، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2003، ص125.
(36) لويس ليبي: يؤدي دور كبير موظفي نائب الرئيس ديك تشيني، ومن الذين تعتمد عليهم الإدارة، وفي مقدمة المحافظين الجدد.لقد انتدب ليبي شخصيات عدة ومؤثرة، وقد أصبح وبكل سرعة مجلس الأمن القومي البديل ملاذ المحافظين الجُدد في الإدارة الأمريكية، وكان ليبي تلميذًا سابقًا لولفوفيتز الذي ساعده في العام 1992، بمعية خليل زاده في تحرير البرنامج السياسي لوزارة الدفاع. Ibid, P. 312.
(37) Divid Rothkopf, op. cit., P. 242.
(38) سول لاندوا، الإمبراطورية الاستباقية: الدليل إلى مملكة بوش، تعريب: ليلى النابلسي، الحوار الثقافي، بيروت، 2005، ص180.
(39) Divid Rothkopf, op. cit., P. 266.
يقول مستشار الأمن القومي السابق زبيغنيو بريجنسكي (لم تكن رايس فعالة جدًا كمستشارة للأمن القومي في تنسيق نظام اتخاذ القرارات، لأن وزيري الخارجية والدفاع اقدم منها، وغير ميالين للانقياد لها، ومع إنشاء نائب الرئيس مجلس أمن قومي مصغر خاص به، انظر: زبيغنو بريجنسكي، الفرصة الثانية، مصدر سبق ذكره، ص145.
كانت رايس لا تعطي وجهة نظرها، فقط عندما يطلب الرئيس ذلك منها، ففي هذه الأثناء يحصل تعارض أحكام الرئيس، أو تشجعه على إعادة تقييم أهدافه، وإعادة تعريف مقارباته وعلى سبيل المثال عندما تعلق الأمر بالتدخل العسكري في أفغانستان، وعندما طلب الرئيس رأيها في كانون الأول/ ديسمبر من العام 2002، كررت رايس دعمها لاجتياح العراق، وفي نهاية المطاف انحازت إلى موقف ديك تشيني، ودونالد رامسفيلد. Ibid, P. 268.
(40) Divid Rothkopf, op. cit., P. 272.
(41) ضم ستيفن هادلي (مساعد كوندليزا رايس)، وفرانكلين ميللر (المسائل الدفاعية)، وروبرت جوزيف (عين من قبل تشيني)، وزلماي خليل زاده (2001 – 2002)، وإليوت إبراهامز (مدير شئون الشرق الأوسط، والأخير عمل في مجلس الأمن القومي في عهد ريجان، وكان متهما في قضية (إيران – كونترا)، ومنذ بداية تعيينه تخلص من المسئولين الثلاثة عن ملف العراق في مجلس الأمن القومي، وبذلك خسر المجلس خبرة كبيرة عن العراق، انظر: المصدر نفسه.
(42) أنطونيا فيليكس، مصدر سبق ذكره، ص230 – 232.
(43) ستيفن هادلي: هو مستشار الأمن القومي الأمريكي في الولاية الثانية لإدارة بوش الابن، وكان النائب السابق لكوندليزا رايس، وهو مقرب من نائب الرئيس تشيني، ومن معسكر المحافظين الجدد، وكان من أعضاء مجموعة تعرف باسم (الفولكينز/Vulcans) التي كانت تتولى الاستشارة للرئيس بوش الابن في حملته الانتخابية للعام 2000، وكانت تضم: تشيني، وباول، ورامسفيلد، وريتشارد بيرل، وولفوتيز، وقد عمل هادلي طوال حياته في مجال الأمن القومي، بدءًا من علمه بوزارة الدفاع في العام 1972، كما أمضى زمنًا في العمل مع الشركة التي يديرها سكوكروفت في مجال الاستشارات الدولية، ويُعدّ من مؤيدي أن تسعى الولايات المتحدة نحو تحديث تسليحها النووي وبرنامج التسلح الفضائي، وقد تحمل هادلي المسئولية عن فضيحة المعلومات الكاذبة حول محاولات العراق للحصول على اليورانيوم من النيجر، وهو خريج جامعة كورنيل في العام 1969، وحصل على إجازة في القانون بعدها في العام 1972، من جامعة بيل، انظر:
حنان البدري، (اللاعبون الجُدد في مجلس الأمن القومي الأمريكي)، -(اللاعبون الجدد في مجلس الأمن القومي الأمريكي)، ملف الأهرام الإستراتيجي، 2001، ص10.
(44) جيمس ريزن، مصدر سبق ذكره، ص79.
(45) Ibid, P. 281.
(46) دنيس روس، فن الحكم: كيف نستعيد أمريكا مكانتها في العالم؟ ترجمة: هاني تابري، دار الكتاب العربي، لبنان، 2008.، ص131.
(47) المصدر نفسه، ص132 – 133.
كتب مستشار الأمن القومي السابق سكوكروفت في صحيفة (وال ستريت جورنال)، حذر فيه: ان التحرك العسكري الأمريكي في العراق من شأنه الهاء الولايات المتحدة عن حربها على الإرهاب، وسيعزز لها عن المجتمع الدولي، الذي لا يوافق على توجيه مثل هذه الضربة، فضلًا عن زعزعة منطقة الشرق الأوسط. انظر: أنطونيا فليكيس، مصدر سبق ذكره، ص219.
(48) جايمس بوفارد، خيانة بوش: سحق الحرية والعدالة والسلام بحجة تخليص العالم من الإرهاب والاستبداد، ترجمة: مركز التعريب والترجمة، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2006، ص353.
(49) محمد حسنين هيكل، الإمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق، ط3، دار الشروق، القاهرة، ص214.
(50) ميلان رأي، خطة غزو العراق، دار الكتاب العربي، بيروت، 2003، ص172.
(51) فرانك دانينو، CIA حكاية سياسية 1947- 2007 ، ترجمة: عبد المنذر، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت،2009، ص302 ، 303.
لملاحظة دور فكر المحافظين الجدد في الحرب على العراق في العام 2003، انظر: كنث آر وأنيشتان، الجذور الفلسفية، دور ليو شتراوس والحرب على العراق عن أرون سلزر، مصدر سبق ذكره، ص299. ونرى أن كولن باول العسكري السابق الذي أعاد إلى وزارة الخارجية دورها الصحيح كنصير للحلول الدبلوماسية، وكان قد رأى: أن الحرب على العراق يجب أن تكون تحت مظلة دولية. انظر: مصدر سبق ذكره ، ص230.
(52) بوب ودورد، خطة الهجوم، تعريب: فاضل جنكر، دار عبيكان للنشر والتوزيع، الرياض، 2004، ص11.
(53) تومي فرانكس، مالكوم ماك كونيل، جندي أمريكي: سيرة حياة القائد العام للجيش الأمريكي مع اهتمام بتكوين الجيش وتدريبه ومعاركه الأخيرة، ترجمة: محمد محمود التوبة، العبيكان للنشر والتوزيع، الرياض، 2006، ص15.
إن حرب الرئيس بوش في العراق قد تم تنسيقها بتحريك من تشيني، ورامسفيلد، وولفوفيتز بمساعدة المحافظين الجدد وقد نجحوا في ثني كولن باول، والعسكريين قُبالة الأيديولوجية المهيمنة، انظر: ألون سلزر، مصدر سبق ذكره، ص221.
(54) معتز سلامة، مرجع سابق، ص8 ، 9.
(55) المصدر نفسه، ص10.
(56) فرانسيس فوكوياما، بناء الدولة: النظام العالمي ومشكلة الحكم والإدارة في القرن الحادي والعشرين، ترجمة، مجاب القُبالة، دار العبيكان للنشر، الرياض، 2007، ص178.
(57) لقد ألغى أوباما بهذا الصدد الفصل بين موظفي الأمن القومي، وموظفي الأمن الداخلي في البيت الأبيض، لأن ذلك سوف يعزز باعتقاده حماية الأمن القومي الولايات المتحدة ومواجهة التحديات. تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض http://www.alsumria.tv
(58) تصريح جيمس جونز مستشار الأمن القومي لصحيفة واشنطن بوست نقلًا عن صحيفة الشرق الأوسط، 9 آيار/مايو 2009، العدد (11031).
(59) جيمس جونز: اسمه الكامل جيمس لوجان جوينز، من مواليد 19 كانون الأول/يناير 1943، في مدينة كانساس سيتي (ولاية ميسوري)، عمل والده ضابطًا وقائدًا لإحدى وحدات الضفادع البشرية الاستطلاعية في الحرب العالمية الثانية، وقد قضى طفولته وصباه في فرنسا، التحق جيمس جونز في العام 1967، بمشاة البحرية الأمريكية (مارينز) برتبة ملازم، وبعد تخرجه تم إرساله إلى فيتنام، حيث أدى مهامه العسكرية.
(60) IVOH. Daalder,and I.M.Destler,(In The shadow of the oval office: the next National security Adviser) Foreign Affairs , Feb. 2009 .P. 101.
(61) Ibid, P. 101 – 102.
(63) حول هذا الموضوع، انظر: د. أحمد نوري النعيمي ، السياسية الخارجية، الدار الجامعية للطباعة والنشر والترجمة:، بغداد، 2009، ص112.
(64) تيري ل. دييل، إسراتيجية الشئون الخارجية: منطق الحكم الأمريكي، ترجمة: د. وليد شحادة، دار الكتاب العربي، بيروت، 2009، ص233.
(65) كارين دي. ينج، مستشار الأمن القومي جونز وتوسيع الصلاحيات، الشرق الأوسط، العدد (41616)، 17 شباط 2009.
(66) سوزان رايس من الأصول الجامايكية نشأت فى العاصمة واشنطن وكان والدها أستاذ الاقتصاد بجامعة كورنل والرئيس السابق لنظام الاحتياط الفيدرالي وتزوجت من منتج أمريكي صاحب أصول كندية ولديهما طفلان، وقد بدأت رايس العمل في الحياة السياسية عقب دراستها التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة ستانفورد، ففي عام 1988 عملت كمستشارة للمرشح الديمقراطي مايكل دوكاكيس، الذي مُنِي بهزيمة قاسية أمام المرشح الجمهوري جورج بوش الأب. (67) إبراهيم الجبين، سوزان رايس.. الرئيسة الأمريكية القادمة.. المرأة الشجاعة، صحيفة العرب، العدد، 9417، 22/12/2013، لندن ، ص 8 .
(68) سوزان رايس. ورقة أوباما الرابحة! المصدر: الأهرام اليومي بقلم: هدير الزهار
المركز العربي للبحوث والدراسات