يعتبر كثيرون أن الجدل والمال هما أبرز عناصر ازدهار الولايات المتحدة، ويبدو ان الملاكم الاميركي فلويد مايويذر الملقب بـ«المال» اتقن صنعة اثارة الجدل وجني المال الوفير، فازدهرت اعماله. وقبل ايام، حقق مايويذر (36 عاماً) فوزه الـ44 متغلباً على مواطنه روبرتو غيريرو (30 عاما) باجماع الحكام (117 – 111) في بطولة العالم لوزن المتوسط. ويتحضر لمواجهة المكسيكي سول الفاريز (20 عاما والفائز في 42 مباراة) في سبتمبر المقبل.
مايويذر (1.73م، 66.224 كلغ) هو الرياضي الاعلى دخلاً في العالم خلال موسم 2011 -2012. كما صنفته مجلة «رينغ» المتخصصة افضل ملاكم لمختلف الاوزان. وتصدى مايويذر لغيريرو في لاس فيغاس امام 15880 متفرجاً برشاقة وسرعة، وقارنه بعضهم بـ«الكبير» راي روبنسون بطل العالم لوزن المتوسط (1940 – 1950)، خصوصاً من ناحية دقة التصويب. فقد حقق ماني 195 لكمة ناجحة من اصل 467 محاولة في مباراته الاخيرة.
مايويذر الذي درج على خوض نزال واحد سنوياً منذ 2009، بارع على الحلبات كبراعته في صفقات الاعمال والرعاية. ففي فبراير الماضي، وقع عقداً لخوض ست مباريات خلال 30 شهراً مقابل 154 مليون يورو ستدفعها شبكتا «سي بي إس» و«شوتايم». وكان جنى اكثر من 21 مليون دولار من عائدات البث التلفزيوني بـ«الكابل»، وبلغ رسم الاشتراك لمباراته الاخيرة 45 يورو.
ومايويذر المتهم بتعنيف خطيبته تحت انظار اثنين من اولادهما، محكوم بالسجن 90 يوماً، لكن محاميه ريتشار ورايت نجح في تأجيل تنفيذ الحكم كي يتسنى لموكله الاستعداد للمباراة التي فاز بها على غيريرو، وحفاظاً على مكتسبات مالية لاطراف عدة تقدر بـ75 مليون يورو. وحققت المباراة امام غيريرو عائدات للفنادق والكازينوهات في لاس فيغاس بلغت 100 مليون دولار. وقدّر مدخول مايويذر من كل دقيقة امضاها على الحلبة 15987 يورو. وفي مجمل اللقاء المتضمن 12 جولة، حقق ماني 34.5 مليون يورو.
وهذه الارقام تغري مايويذر للصمود اكثر في صدارة لائحة الرياضيين الاكثر دخلاً، وفق تصنيف مجلة فوربس. فقد تقدم العام الماضي على الملاكم الفلبيني ماني باكايو، ولاعب الغولف الاميركي تايغر وودز، ونجم كرة السلة مواطنه لوبرون جيمس، ونجم التنس السويسري روجيه فيدرر، اذ قدر مدخوله بـ65 مليون يورو.
ويعتبر مايويذر اول ملاكم من خارج خانة ابطال الوزن الثقيل يتصدر قائمة الرياضيين الاعلى دخلاً، حتى من مباراة واحدة. وحطم رقم مباراة مواطنيه مايك تايسون وايفاندر هوليفيلد (23 مليون يورو عام 1997). ويفاخر مايويذر، ولقبه السابق برتي بوي، بانه يحقق الحلم الاميركي، اي حصد الكثير من المال. فقد انشأ شركته الخاصة مايويذر بروموشنز، لادارة اعماله وتنظيم مبارياته من «الالف الى الياء»، والترويج لها، قاضياً على المروجين السارقين، «الذين يعطوننا ثلث الجوائز وعلينا دفع نسبة 10٪ للمديرين وتسديد الضرائب، وبالتالي يتبخر 50٪ من حصتنا». ويحدد مايويذر دوره «انا رجل اعمال ملاكم، أعتلي الحلبة وألاكم».
وفي السنوات الـ10 الاولى من مسيرة مايويذر الاحترافية، كان بوب اروم يدير اعماله، وقد حصد خلالها اللقب العالمي في أربعة اوزان مختلفة. وفي عام 1999، عرض عليه اروم مبلغ 9.5 ملايين يورو لقاء خوض ست مباريات، فوصف الملاكم ذلك بانه عقد عبودية، وبلغ به الاحتجاج حد مقاطعته للمؤتمرات الصحافية المقررة للمباريات. وراح يطالب بان يعامل كالملاكمين الكبار، بحيث تبث مبارياته عبر «الكابل»، اي التلفزيون المدفوع سلفاً.
ويقول مايويذر عن ثروته: أنا أعيش في جبال الألب بولاية نيوجيرسي الأمريكية، ومنزلي يتكلف الملايين من الدولارات، وجيراني من مشاهير العالم في كل المجالات الفنية والرياضية، وهو ما يكلفني الكثير من المال.
ويتقن مايويذر، الفائز ببرونزية دورة اتنلانتا الاولمبية 1996، اطلاق التصريحات الصحافية المثيرة، إذ يردد أن «محمد علي كان ملاكماً عظيماً» وانا افضل منه. والامر ذاته بالمقارنة مع راي روبنسون. ويقول انه يكد ويبذل الجهد ويتصبب عرقاً «لاني اقدم من ذاتي، اقدم ما انا عليه حقيقة»، مضيفاً: «انا لا أمثل، تشاهدون طوم كروز يؤدي ادواراً خطرة في افلامه. بعض المشاهد هي من اختصاص بديل محترف. انا اقوم بالدور كاملاً. وظهر مايويذر في المنازل الاميركية كلها من خلال برامج تلفزيون الواقع، والمتابعة الكثيفة عبر المواقع الاجتماعية. وفي عام 2007، اشتهر عبر برنامج الرقص مع النجوم. وقبل مباراته مع غيريرو بث وثائقي «24/7» من اربع حلقات يتابع خطواته ويحصي انفاسه، ما جذب 4.6 ملايين مشاهد. كما بثت «شوتايم» حلقة حملت عنوان «30 يوما في مايو»، ولم تغفل خلالها الحكم عليه بالسجن. ووصفته مجلة «أو إس بي إن ماغازين» بانه ماكينة تكديس للاموال، حتى انه محظوظ في المراهنات الرياضية، وقد درت عليه 1.5 مليون دولار ارباحاً. يأمل عشاق الملاكمة في أن تجمع قريبا مباراة بين مايويذر وباكاياو. وكان الاميركي اقترح اقامتها لقاء 200 مليون دولار، لكنه اختلف ومنافسه على نسبة الحصص.
الغريب أن الملاكم الأمريكي رغم تلك الثروات الطائلة إلا أنه قضى بعض الفترات من حياته في السجن بسبب اتهامه في أكثر من مرة بالاعتداء على النساء وهم صديقاته السابقات خلال أعوام 2001، 2003، 2010 ، حتى أنه كان معرضا لحظر ممارسة الرياضة طيلة حياته، وامضى 90 يوما في السجن عام 2012 بعد اتهامه بالعنف الزوجي.
واستطاع مايويذر فرض وجوده، خصوصا بعد فوزه على مواطنه، المكسيكي الاصل، اوسكار دولاهويا عام 2007، اذ تابع المباراة عبر الكابل 2.4 مليون شخص، دفع كل منهم 42 يورو، فحقق 14.5 مليون يورو عائدات.
وهذا التطور جعل مايويذر يفسخ عقده مع اروم لقاء 575 الف يورو فقط. وبدأ العمل لحسابه الخاص عبر شركته التي كانت تتكفل ايضا بحصة خصمه.