يبدو أن فيدرالية اليسار، التي كانت أمل الكثيرين،كمشروع سياسي وحزبي،في إعادة الوهج إلى الصف اليساري بالمغرب، وتقوية بنيانه على أسس جديدة، بدأت تعيش مرحلة لم تكن متوقعة، بالنسبة لأقطابها، ولربما تنذر بتشتت شملها، وكأن نهاية هذا الحلم الذي لم يعمر طويلا، أصبحت وشيكة.
وبالعودة إلى التاريخ القريب، فإن ميلاد هذا التحالف اليساري الذي يضم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، والحزب الاشتراكي الموحد،تم بعد نقاش وحوار بين زعماء هذه الأطياف السياسية والحزبية، يوم 30 يناير سنة 2014،بمعنى أن الفكرة لم تكن ارتجالية بل جاءت نتيجة نضوجها على نار هادئة، قبل أن تتبلور في شكل كيان موحد أثار اهتمام الطبقة السياسية في المملكة.
وفي الوقت الذي كان فيه المراقبون يتوقعون أن تخضع فيدرالية اليسار تجربة مشاركتها في الانتخابات التشريعية لأول مرة،بشكل موحد،للتقييم بغية استخراج بعض الخلاصات، وتدارك بعض العثرات، وتجديد الخطاب السياسي وغيره، استعدادا للمحطات القادمة في المستقبل، فوجئوا بسماع بعض الأخبار التي تفيد أن هناك نوعا من الارتباك يهيمن على ردود أفعال بعض قادتها،عقب ظهور نتائج 7 أكتوبر التي لم تسفر سوى عن الفوز بمقعدين بمجلس النواب، لعمر بلافريج ومصطفى الشناوي.
وتجلت هذه المؤشرات في التردد في الحسم في مسألة الرد على دعوة عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، المكلف من طرف الملك محمد السادس بتكوين الحكومة، وخاصة على مستوى التصريحات الواردة على لسان نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، التي بدت في بعض الأحيان متناقضة مع أقوالها.
للمزيد من التفاصيل: فيدرالية اليسار..هل أخطأت التصرف إزاء دعوة بنكيران؟
ولاشك أن ينكيران نفسه لم يكن يدرك، وهو يوجه الدعوة إلى فيدرالية اليسار الديمقراطي للتشاور معها، كغيرها من مكونات المشهد الحزبي في المغرب، أنه سوف يتسبب في خلق بعض الخلافات بين قادتها الذين عجزوا عن تدبير هذه المرحلة، بما يلزم من الهدوء والنضج، ولم يتوصلوا إلى اتفاق موحد بشأن معالجة بعض الإشكاليات.
والنتيجة أن عبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب المؤنمر الوطني الإتحادي، سارع إلى تقديم استقالته من مهمته كمنسق لفيدرالية اليسار الديمقراطي، كشكل احتجاجي حول بعض الممارسات، ومنها أن هناك مواقف وتصريحات يتم التعبير عنها دون الاستشارة أو اللجوء إلى بقية المكونات، في تلميح إلى منيب وانفرادها بالخرجات الإعلامية.
ومما عمق الأزمة بين مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي التي تحمل رمز الرسالة، أن عبد السلام العزيز قاطع اجتماعها الأسبوعي الأخير، مكتفيا فقط بإرسال استقالته، التي لم يتم قبولها، لكنها تجسد حالة حقيقية من سوء التفاهم الذي لاأحد يعرف كيف سينتهي، هل بتطويق الموضوع وإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي،حتى لاتتطور إلى ما هو أخطر، أم أن هذه هي نقطة النهاية لمشروع لم يعمر طويلا، ومات في المهد؟
وفي محاولة للاستماع إلى وجهة نظر المعني بالأمر، عبد السلام العزيز، أجرى موقع “مشاهد24” أكثر من اتصال هاتفي به،صباح اليوم الثلاثاء،لكن دون جدوى، ويبدو أن الرجل أغلق تلفونه فعلا، كما يقول بعض المقربين منه، ريثما تهدأ الأوضاع وتتضح الرؤية.
إقرأ أيضا: بعد تجميد عضويته.. فيدرالية اليسار تتشبث بالعزيز كمنسق لها