الرئيسية / إضاءات / لماذا فشل الانقلاب في تركيا ؟
فشل الانقلاب في تركيا
المواطنون الأتراك عند تصديهم للانقلاب العسكري

لماذا فشل الانقلاب في تركيا ؟

في تحليله لأسباب فشل الانقلاب في تركيا ، والذي قاده جزء من العسكر للإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان، قال الكاتب إدوارد لوتواك في مقال نشره موقع مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، إن قادة الانقلاب خرقوا القاعدة الثانية لنجاح أي انقلاب عسكري.

هذه القاعدة تقول أنه يجب إبعاد القوات غير المشاركة في المخطط الانقلابي، والموالية للسلطة، لكي تضمن عدم تدخلها لإفشال الخطة. هذا ما جعل أن الانقلابيين صاروا محاصرين مع مرور الوقت. لكن ذلك لم يكن له تأثير حينها، لأن قادة الانقلاب قاموا أصلا بخرق أول قاعدة، وهي الوصول إلى رأس الدولة والقبض عليه أو قتله.

لكن ما وقع في تركيا أن أردوغان ترك حرا لمخاطبة أنصاره ودعوتهم لمقاومة الانقلاب. سخرية الأقدار حسب الكاتب جعلت أن دعوة أردوغان جاءت من مطار إسطنبول بينما كانت صورة مصطفى كمال أتاتورك معلقة فوق رأسه، في الوقت الذي يسعى فيه أردوغان إلى إقامة دولة إسلامية، حسب زعم صاحب المقال.

هذا ما يفسر في نظره كون من خرجوا لمناصرة أردوغان كانوا من “أصحاب الشوارب” (أي غير العلمانيين)، ولم تكن امرأة واحدة بينهم، والذين صدحوا بشعارات دينية وليست وطنية وهتفوا “الله أكبر” ورددوا الشهادتين.

الكاتب انتقل بعد ذلك للحديث عن تجاوزات أردوغان ، سواء السياسية من خلال فرضه لنظام رئاسي وجعله أمرا واقعا في مخالفة واضحة للدستور، واختياره لرئيس حكومة طيع هو بن علي يلدريم بدلا من داود أوغلو الذي كان مخلصا ولكن ليس “عبدا” للرئيس على حد قول لوتواك.

تجاوزات أردوغان حسب الكاتب تتمثل أيضا في استقراره بإقامة تبلغ تكلفتها 3.2 مليون دولار وتحوله إلى ملياردير بعد أن كان مجرد شاب فقير يعيش في مدن الصفيح، وأيضا قيامه بإغلاق صحيفة “زمان” المعارضة وعزل 350 شرطيا وكل القضاة الذين انخرطوا في عملية التحقيق الخاصة بملايين الدولارات التي في حوزة أبنائه بلال وبراق وشركائهم.

من الطبيعي حسب إدوارد لوتواك أن يلقي أردوغان اللائمة على الآخرين كلما ساءت الأمور، بما في ذلك فتح الله غولن، حليفه السابق، من خلال اتهامه بالوقوف وراء الانقلاب القضائي بداية، ثم الانقلاب العسكري الأخير.

وفي حين اعتبر صاحب المقال أن الاتهامات الموجهة إلى غولن قد يكون فيها بعض الشيء من الصحة، استطرد قائلا إن الضباط الأتراك لديهم ما يكفي من الأسباب للتحرك ضد أردوغان الذي يتهمونه هو وحزبه “العدالة والتنمية” بتقويض دعائم تركيا العلمانية وتشكيل الجماعات الإسلامية المسلحة في سوريا التي أصبحت تقوم بعمليات انتحارية في تركيا، وبدء الحرب ضد الأكراد في 2015 لأسباب سياسية رخيصة، وهي الحرب التي تكلف كل يوم حياة الجنود الأتراك وتهدد وجود تركيا في ظل حدودها الحالية.

وبالعودة إلى أسباب فشل الانقلاب في تركيا ، أوضح الكاتب أن منفذي الانقلاب لم يكونوا بالضرورة في حاجة إلى الكثير من الجنود أو الطيارين للنجاح في مسعاهم لو كانوا ضمنوا عزل كبار قادة الجيش.

لذلك، كان من السهل أن تتم محاصرة الجنود المشاركين في الانقلاب (أقل من 2000 عنصر)، من قبل عشرات الآلاف من مناصري الرئيس الذين خرجوا إلى شوارع إسطنبول.

وبالرغم من كون أحزاب المعارضة كانت صادقة في معارضتها للانقلاب، فإن كاتب المقال اعتبر أنها لا يمكنها التعويل على شعور بالامتنان من قبل أردوغان الذي سيمضي في نظره، بصورة أسرع، في مسار إقامة نظام سلطوي في تركيا.