الرئيسية / إضاءات / في دلالات عودة المغرب المتوقعة إلى الاتحاد الإفريقي
الالحاد الإفريقي

في دلالات عودة المغرب المتوقعة إلى الاتحاد الإفريقي

يبدو أن المغرب في طريقه إلى العودة لشغل مقعده في الاتحاد الإفريقي ، بعد غياب دام أزيد من 32 عاما لأسباب يعلمها القاضي والداني، ويبدو أن الوقت قد حان لهذا البلد المؤسس للاتحاد والفاعل في القارة اإفريقية لأن يعود إلى مكانه الطبيعي، رغم أن المغرب لم يغب يوما عن أشقائه الأفارقة، وكان من أوائل المنضمين إلى “تجمع دول الساحل والصحراء” الذي يضم في عضويته 28 دولة، ناهيك عن علاقاته التاريخية والمتشعبة مع دول غرب إفريقيا خاصة وعموم القارة السمراء.

الحديث عن عودة المغرب التي لا تزال مطروحة كتكهن في انتظار صدور بلاغ رسمي عن وزارة الخارجية المغربية، سواء تمت أم لم تتم، وأيا كان الإخراج الذي ستتخذه هذه العودة، فإنه يتزامن مع حركة دبلوماسية نشطة قام بها كبار المسؤولين المغاربية في الخارجية، ونعني الوزيرين مزوار وبوريطة، وعكست المكانة التي يتمتع بها المغرب وسط دول القارة، وأثبتت بعد نظر العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي تعددت زياراته الإفريقية واستقباله لمختلف الرؤساء الأفارقة، مراهنا على صنع أمر واقع تكون فيه العودة المغربية إلى حضن قارتها الأم مجرد تحصيل حاصل، وكنتيجة منطقية لتشابك المصالح الجاري، لاسيما على الواجهتين السياسية والاقتصادية.

وحتى يعطي لهذه العلاقات السياسية والاقتصادية بعدا اجتماعيا وإنسانيا هاما، حرص المغرب على تنويع علاقاته ومبادراته الإفريقية، من خلال تقنين أوضاع المهاجرين من أبناء القارة السمراء، وفتح جامعاته للطلبة الأفارقة المبتعثين من بلدانهم، بموازاة انخراطه في تكوين الأئمة الأفارقة من أجل نشر قيم الوسطية والاعتدال في أوساط الدول الإفريقية التي تكتوي بنار الإرهاب الذي يستمد حضوره من خلال فهم متشدد ومنحرف للإسلام وقيمه السمحة. حرب على الإرهاب يسهم من خلالها المغرب كذلك في حماية جيرانه وأشقائه الأفارقة، وذلك عبر وضع خبراته الأمنية المشهودة، وكذا قواته المسلحة في خدمة محاربة هذه الآفة إفريقيا، وفي نطاق مهام حفظ السلام الأممية، التي تتغيا إطفاء نار الحروب الأهلية في أكثر من بلد إفريقي.

اللافت للانتباه أن المغرب الذي يقاطع الاتحاد الإفريقي منذ 1984 ردا على اعترافه بالجمهورية الصحراوية الموهومة، لا يتخذ موقفا مماثلا من الدول الإفريقية التي تتخذ نفس الموقف. فمن بين 16 دولة إفريقية تعترف بجمهورية البوليساريو، يوجد للمغرب علاقات دبلوماسية مع سبعة من أهمها، ونقصد: الجزائر، موريتانيا، جنوب إفريقيا، إثيوبيا، نيجيريا، أنغولا، وغانا. أما الدول التسعة الباقية، وكلها بالمناسبة من دول شرق وجنوب القارة، فمعظمها لا تحظى بأهمية كبيرة، وإن كان على المغرب أن ينفتح في علاقته الدبلوماسية عليها، منعا لاستفراد البوليساريو باللعب في ملاعب فارغة.

وعليه، تبدو الخطوة المتوقعة إلى حد كبير منطقية، وتستجيب لتطلعات أزيد من 36 دولة إفريقية لا تعترف بجمهورية الوهم. كما أن هذا النشاط الدبلوماسي المغربي المحموم، على الواجهة الإفريقية، ربما ينبئ بقرب حذو دول إفريقية هامة حذو الخطوة الأخيرة لزامبيا، ومراجعة مسألة اعترافها بجمهورية البوليساريو، لاسيما من بين تلك التي تحتفظ مع المغرب بعلاقات دبلوماسية عريقة. ومن شأن عودة المغرب لشغل مقعده في الاتحاد الإفريقي أن يسهم في مزيد من تعرية خصوم الوحدة الترابية، وتجريد الراعي الرسمي الجزائري من الكثير من الأوراق التي كان يستغل الغياب المغربي من أجل تحريكها، واتخاذها سابقة في جلب الدعم من خارج القارة السمراء لهذه القضية المفتعلة.

إن انتقال المغرب من الدفاع إلى الهجوم على صعيد قضية وحدته الترابية، كفيل بأن يدفع العديد من الدول الإفريقية لمراجعة مواقفها، وبالتالي يسهم في دفع ما تبقى من دول أمريكا اللاتينية إلى القيام بخطوات مماثلة، ويفقد بالتالي هذه القضية مبرر البقاء في اللجنة الأممية الرابعة الخاصة بإنهاء الاستعمار، بعد أن تنتهي خرافة بحث المغاربة المحتجزين في مخيمات تيندوف عن الاستقلال وتقرير المصير.

وأيا كانت الأخبار التي ستحملها لنا وكالات الأنباء من العاصمة الرواندية خلال نهاية الأسبوع، فالمؤكد أن الدبلوماسية المغربية تسجل النقاط وتحقق الاختراقات يوميا على الصعيد الإفريقي، وما مسألة عودتها إلى مكانها الطبيعي سوى مسألة وقت لا أكثر، استجابة للمنطق السليم للأمور.