إبراهيم عمر ” رصيف22″
يثير الانتباه في الهبّة الفلسطينية الحالية ضد الجيش الإسرائيلي، هو مشاركة الشابات والفتيات في المواجهات. فقد شهدت الضفة الغربية والقدس، وأيضاً قطاع غزة الذي يعتبر سكانه محافظين أكثر من غيرهم، خروج الفتيات إلى ساحات المواجهة.
“لا أخرج مع رفيقاتي للتظاهر فقط، بل نرشق جنود الاحتلال بالحجارة، ونصنع زجاجات المولوتوف ونوزّع المنشورات”. بهذه الكلمات وصفت ياسمين لرصيف22 طبيعة مشاركتها في المواجهات بالقرب من مستوطنة “بيت إيل” الإسرائيلية في رام الله.
وأضافت الفتاة التي تبلغ من العمر 18 عاماً أنها لم تتردد قبل الخروج مع رفيقاتها للمشاركة في المواجهات، ولم تخف ولم تقلق، مؤكدةً أن لا شيء يمنعها من ذلك، خصوصاً أن بإمكان الشابات “فعل الكثير، وزيادة الزخم النضالي في مواجهة الاحتلال الذي لا يفرّق في إجرامه بين ذكر وأنثى” بحسب تعبيرها. تخرج ياسمين باكراً إلى نقاط المواجهة مع الجيش الإسرائيلي، وينحصر دورها كما تقول في إعداد زجاجات المولوتوف وإمداد الشباب بها. هذا في حين تهيئ رفيقاتها علب الخميرة التي تُستخدم لتخفيف آثار الغاز المسيل للدموع الذي يلقيه الجنود باتجاه المتظاهرين.
وعن نظرة المجتمع لها وللفتيات اللواتي يشاركن في المواجهة مع الاحتلال، أكّدت ياسمين أن “ثمة تفهماً واضحاً من الجميع لضرورة أن يكون للشابات دور إلى جانب الشباب، برغم تحفظ البعض على ذلك، خشية تعرضهن للأذى”.
مشاركة الفتيات ليست جديدة :
أما سمر، فتستغرب اعتبار وجود المرأة الفلسطينية في ساحات النضال ضد الاحتلال أمراً غريباً. وقالت إن النساء لعبن دوراً بارزاً في جميع محطات القضية الفلسطينية، وإنْ حاول البعض فرض الطابع الذكوري على المقاومة الفلسطينية بأشكالها المتعددة.
وأضافت الشابة الجامعية: “المجتمع الفلسطيني عموماً أصبح أكثر وعياً لأهمية المشاركة الجماعية في العمل المقاوم”. وتابعت: “شخصياً أعتبر الوجود في نقاط التماس وإلقاء الحجارة وتحدّي جنود الاحتلال المدججين بأعتى الأسلحة، من أكثر أساليب النضال فعالية”. الدور الذي تلعبه سمر يبدو مختلفاً عن أدوار الكثيرات. ذكرت أنه “لوجستي بالدرجة الأولى”. فهي توزع القبعات والكوفيات ومياه الشرب على الشباب المشاركين في الصفوف الأولى، وتقوم في بعض الأحيان بأداء الإسعافات الأولية للمصابين، في انتظار وصول الطواقم المختصة.
فتيات الداخل ينتفضن أيضاً الأمر يبدو أكثر تعقيداً بالنسبة للفتيات اللواتي يشاركن في المواجهات والاحتجاجات داخل الأراضي المحتلة عام 1948، على اعتبار أن العقاب الذي قد يتعرضن له في حال اعتقالهن أو حتى معرفة أسمائهن سيكون شديداً من قبل سلطات الاحتلال.
“الفلسطينيات لم يعدن يخفن من الاحتلال”:
كثيرات منهن تعرضن للاعتقال والضرب المبرح. وإذا أُطلق سراحهن فإن قيوداً شديدة تُفرض عليهن، كالحبس المنزلي، أو منعهن من دخول المدينة التي يقطنّ فيها لفترة من الزمن. وقد وصل الأمر إلى اعتقال ذوي بعض الفتيات واقتحام منازلهن بطريقة عنيفة. برغم ذلك، قالت فاطمة، وهي فتاة شاركت في الفعاليات التي نُظّمت في مدينة الناصرة، إن “ثمة ارتفاعاً في أعداد الفتيات اللواتي يذهبن يوماً بعد آخر في الميدان، ويحرصن على تغطية وجوههن بالكوفية الفلسطينية لضمان عدم تعرّف السلطات الإسرائيلية عليهن”.
ولعل أكثر ما يؤكد أن “الفلسطينيات لم يعدن يخفن من الاحتلال أو يحسبن له أي حساب”، كما تقول فاطمة، هو أن مَن تُعتقل منهنّ تبتسم أمام عدسات الكاميرات، في رسالة ذات مغزى قد لا يدرك أثره سوى من يعيش بين الإسرائيليين.