في سن الـ18 عاماً، ركبت مريم بورجة صهوة التحدي وتسلّقت أعلى قمة في المغرب، وهي جبل توبقال (4167 متراً) خلال مشاركتها في رحلة مدرسية.
مريم، المولودة في مدينة سطات (جنوب الدار البيضاء)، قالت لـرصيف22 إنّ صعودها عام 1998 إلى جبل توبقال الذي يُعدّ ثاني أعلى قمة في القارة الإفريقية، حمّسها للانخراط في مغامرة تسلق المرتفعات.
وأضافت أنها منذ تلك اللحظة وهي تفكر جدياً في تحقيق أحلامها بالصعود إلى أعلى القمم الجبلية في العالم. بعد ذلك، قامت بجولات استكشافية في بعض المناطق الجبلية في المغرب، وواصلت في الوقت نفسه مسارها الدراسي في مجال التدبير والتسويق المقاولاتي، في انتظار توفر الدعم لتحقيق حلم الصعود إلى القمم العالمية السبع. توضح مريم أن لقاءاتها ببعض الأجانب خلال جولاتها الاستكشافية المغربية، شجّعها على التفكير في تسلّق أعلى القمم في العالم. فانطلقت عام 2008 وتسلقت أعلى قمة في إفريقيا هي جبل كليمنجارو (5895 متراً). وعدتها “تجربة مهمة في حياتي”، مشيرة إلى أن ذلك عزّز لديها روح التحدي والمغامرة لتحقيق حلمها.
اندماج مريم في سوق العمل في العاصمة الاقتصادية، ساعدها على توفير موارد مالية للسفر ومواصلة تحدي تسلق القمم العالمية. فكانت محطتها الثانية سنة 2009 في روسيا، حيث تسلّقت جبل إلبروز (5642 متراً)، والذي يُعدّ من القمم السبع العالمية. وبعد عام، ذهبت إلى أعلى القمم في فرنسا، الحبل الأبيض (4810 أمتار).
عام 2011 وصلت إلى أستراليا، وتسلقت جبل كوسيوسكو، ثم بعد 3 سنوات، سافرت إلى الأرجنتين، وتسلّقت جبل أكونكاكوا (6962 متراً). وأشارت إلى أنها تُعدّ اليوم أول مغربية تصعد إلى القمم الجبلية في أستراليا وروسيا وتانزانيا والأرجنتين، وأكدت أنّها ما زالت مصممة على تسلق بقية القمم الجبلية الأكثر علواً في العالم، وأبرزها جبال الهمالايا، وسلسلة ألاسكا.
لفتت مريم إلى أن “العائق المادي هو الذي يؤخّر مواصلة تحقيق حلمها بتسلق القمم السبع”.
أما عن الدعم الرسمي في مشوارها الرياضي، فأجابت: “لم يسبق لي أن قمت بأي اتصال بالوزارة الوصية، لأنني ببساطة أمارس رياضة التحدي. أحاول أن أتحدّى جميع الصعاب لبلوغ هدفي وممارسة هوايتي المفضلة”.
وفي ما يخص الاحتضان Sponsorship، أضافت أنها “لا ترفض الفكرة”، مشيرة إلى أنّها “تلقّت بعض العروض من المغرب، لكنها لا تتماشى مع مبادئها وطموحاتها”.
وعلى الرغم من أن تسلق الجبال هو هوايتها المفضّلة، تقول مريم إن “نمط عيشها يفرض عليها التضحية بمجموعة من الأمور، للحفاظ على اللياقة البدنية العالية التي تتطلبها هذه الرياضة”.
وأوضحت أنها “تخوض نوعين من التدريب، الجري الخفيف والتمارين على الطريق، وركوب الدراجة الهوائية. أما النوع الثاني، فيتمّ في إحدى القاعات الرياضية الخاصة بتقوية العضلات والأيروبيك. كما تقوم مرة في الشهر بتسلق أحد المرتفعات الجبلية في المغرب، للحفاظ على التأقلم مع الأجواء العالية.
وتابعت: “النمط الذي أعيشه أثّر على علاقتي ببعض المقربين. فالتدريبات الصارمة تفرض علي عدم التأخر في النوم، والاستيقاظ باكراً قبل سطوع الشمس”.
تؤكد مريم أنها “تحمل رسالة إنسانية تود نشرها من خلال ممارستها رياضة تسلق الجبال”، فصعودها إلى القمم الجبلية وتحدي قسوة الطبيعة له هدفان: الأول التوعية من مخاطر داء السرطان، خصوصاً سرطان الثدي، والثاني يحمل شعار “لنمشٍ من أجل السلام”، من خلال تسلق مجموعة من القمم العالية في عدد من البلدان، التي تعاني اضطرابات سياسية.
وتضيف أنّها “ترغب في تسلّق إحدى القمم في سوريا، بهدف التعبير عن رفض كل أشكال الحروب التي يعيشها هذا البلد”. وفي السياق نفسه، أشارت إلى أنه “سبق أن تسلّقت جبل موسى في مصر، خلال الاضطرابات التي شهدتها أرض الكنانة”، وهي تقصد هنا أحداث مسجد رابعة العدوية.
يستمر التحدي والحلم.. وستبقى سنة 2015 راسخة في ذهن البطلة المغربية مريم بورجة، لأنّها شكلت منعطفاً مهماً في حياتها بفضل الاستقبال الذي حظيت به من الملك محمد السادس، في مناسبة احتفالات المغرب بعيد العرش. إذ تمّ توشيحها بوسام ملكي، عربوناً على الدور الإنساني الذي تقوم به عن طريق رياضة التسلق، بالإضافة إلى تعريفها بالمغرب من خلال رفع علم البلد، عند بلوغها أي قمة جبلية. وتقول: “فوجئت حقاً بخبر توشيحي من قبل عاهل البلاد. عندما تلقيت اتصالاً هاتفياً يخبرني بالموضوع كنت في السويد للصعود إلى أعلى قمة هناك تسمى كيبنكيز، والأمر كان له أثر كبير في حياتي، وزاد من حماستي لمواصلة التحدي والاستمرار في المغامرة”.
وتضيف: “من بين أهدافي الأخرى، القيام بجولة عبر العالم بحراً، فلا بد أن نظهر أنّ الرياضة قد تساهم في تغيير العالم نحو الأفضل”.