قال الدكتور عبد الكريم برشيد، الكاتب المسرحي المعروف، في تعليق له على فيلم ” الزين اللي فيك”، التي تقرر منع عرضه في المغرب، ” بسبب مسه بصورة المرأة المغربية”، إن الأمر، في نظره، “أكبر وأخطر من أن يكون مجرد نقاش حول شريط سينمائي عابر”.
واعتبر في تصريح لموقع ” مشاهد 24″، “أن الحقيقة المهربة عكس هذا تماما، فهناك نوايا سيئة كثيرة مدسوسة في هذا النقاش، وهناك حقد على هذا الوطن، بتاريخه وجغرافيته وبعمقه الحضاري، وهناك حقد على الجمال المادي والرمزي معا، لفائدة القبح و( لقباحة) وهناك عدوان على القيم الإنسانية المدنية النبيلة، وذلك لصالح النزعات الحيوانية والوحشية، وهناك عدوان على المرأة، في زمن الدعوة إلى المناصفة والإنصاف، وهناك دعوة للاحتكام إلى الغرائز الحيوانية، واعتبارها القاعدة في هذا المجتمع المتمدن، مع أنها الاستثناء الشاذ الذي لا يقاس عليه”.
وأردف برشيد، الذي سبق له أن ترأس لجنة الدعم السينمائي، التي رفضت منح الدعم لمشروع هذا الفيلم، مؤكدا ” أن من أغرب الغرائب أن يتم كل هذا تحت عنوان مضلل، والذي هو عنوان الحرية، وأن تنساق وراء هذا العنوان الكاذب صحف لا تعرف معنى الحرية، ولا تتمثل حقيقة ولا نبل هذه الحرية، ولا تعرف أن الحرية، في معناها الحقيقي، هي التي مات من أجلها المغاربة، وهي التي كانت دائما مقرونة بالكرامة، لأنها ساسا حرية الإنسان الحر في الوطن الحر، وليست حرية الوحش في الغابة، كما يراد لها أن تكون.”
وتابع رائد الاحتفالية في المغرب، تصريحه قائلا:” أن نناقش اليوم التفاهة والخواء، وأن نجعل منهما قضية القضايا، وأن نضطر لمناقشة التافهين وأدعياء الفن والمتمسحين بالحرية، فذلك بالتأكيد هو البؤس الكبير في أجلى وأبشع صوره”.
واعتبر برشيد “أن مثل هذا السقوط”، وفق وصفه، لم يكن ليحدث من قبل، “أي في زمن الفن الحقيقي، وفي زمن الإبداع الحقيقي، وفي الزمن الإنساني الجميل، ولكن اليوم، وفي ظل هذه الحداثة الوحشية، وفي زمن التبعية والذيلية والاتجار بكل شيء، فقد أصبح ممكنا أن نرى وأن نسمع مثل هذا الحديث الغريب والعجيب.”
وفي رد له على من يتستر وراء رصد الواقع سينمائيا، قال برشيد بالحرف:” يخطئ كل من لا يميز بين الواقع والفن، فالواقع هو القبح وهو المرض وهو التخلف وهو البشاعة وهو الفوضى، أما الفن فهو الجمال، وهو الكمال، وهو السمو، وهو الإبداع، وهو التحرر من الصور النمطية”.
وكأنه يتوجه بالكلام ضمنيا إلى مخرج ” الزين اللي فيك”، استطرد برشيد، موضحا:” لقد فرض علينا هذا الواقع فرضا، ونحن لم نختره، وهروبا من قبحه ومن بشاعته، فقد هاجر الإنسان إلى الخيال، وسافر إلى الأحلام، ودخل إلى عوالم الفن التي ليست لها ضفاف، ولهذا نقول لمن يقدم رداءة الواقع، كما هي في الواقع، تحت اسم الفن السينمائي ما يلي:
ــ إذا كان هذا هو الواقع، فأين هو خيالك أنت؟ وأين هي عينك السحرية؟ وأين هو جمال روحك؟ وأين هي لمستك الجمالية؟ وأين هو عالمك الفني البديل؟ وأين هي إضافاتك الإبداعية؟”.
وختم برشيد تصريحه بالتذكير “بأن الإنسان العربي قال قديما: كل إناء بما فيه يرشح، ولهذا فإننا لا نستغرب أن يصدر كل هذا القبح من الأجساد ومن النفوس ومن الأرواح القبيحة والمعطوبة، وأن يتم كل هذا في هذا الزمن القبيح والرديء. “