بدأت تجلية الغموض الذي أحاط اغتيال الشاعر الغرناطي، الاسباني، فيدريكو لوركا؛ فقد تمكنت اذاعة “كادينا صير “الواسعة الاستماع، من الحصول على وثائق رسمية من ارشيف الادارة الحكومية، يعود تاريخ انجازها وتحريرها الى العام 1965 اي بعد مرور حوالي 29 سنة على المصير التراجيدي الذي طال واحدا من اهم شعراء اسبانيا المعاصرين والمجددين.
وتعترف الوثائق التي كشف السر عنها اخيرا، ان اعدام لوركا، تم بالفعل على ايدي قوات نظام الديكتاتور فرانكو.فقد اعتقل الشاعر في متجر يملكه اصدقاء له من آل “روساليس” التجأ اليه بعد ما داهمت منزله مرتين فرق سرية من الامن او الميليشيات المساندة لتمرد فرانكو؛ وشعر الشاعر بالخوف على حياته اثر المداهمتين.
ويروي التقرير المنجز عن المأساة التي لم تنس، تفاصيل، تقول المحطة الاذاعية انها قريبة من الحقيقة دون ان تجيب على كل التساؤلات والملابسات المتصلة بالجريمة الشنعاء.
وتبرر الوثائق ما اقدم عليه القتلة، بكون الشاعر كان عضوا “ماسونيا “في محفل الحمراء، يحمل اسما حركيا هو “هوميروس” لكن التقرير السري لا يحدد الرتبة التي وصلها الشاعر في المحفل الماسوني.
ويضيف التقرير تهمتين اخريتين الى الشاعر هما المثلية الجنسية وتأييد الاشتراكيين. وبخصوص تهمة الشذوذ لا يذكر التقرير تفاصيل او وقائع محددة،بل يستند على ما كان شائعا، بينما اعتمد التقرير بخصوص ميول الشاعر الاشتراكية الى عمله في ديوان الوزير “دي لوس ريوس” الذي اعتنق هو الاخر مبادئ الحركة الماسونية.
وعن تفاصيل الليلة السوداء يروي التقرير ان الشاعر اعتقل في مكان لجوئه ومنه اقتيد الى ادارة حاكم الاقليم، وهناك ظل الى لحظة تنفيذ الاعدام فيه، بناء كما ورد في ذات التقرير، على اعترافات الشاعر،الذي ضرب صفحا اي التقرير عن طبيعة التهم المنسوبة الى لوركا وكيف اعترف بها وباية صيغة تم الاعتراف.
ويتضح من خلال التقرير الذي حرر يوم 19 يوليو 1965 ان الشاعر القتيل كان مراقبا من طرف الاجهزة السرية، بدليل احتوائه على فقرات بعنوان “سوابق لوركا”.
لكن المروع في هذه القصة الدرامية، الكيفية التي اعتقل بها الشاعر الاعزل من اي سلاح الا قصائده، فقد اغلقت مداخل الشوارع المؤدية لمكان لجوء لوركا كما استقدمت عناصر من الحرس المدني والملشيات المؤيدة لتمرد فرانكو، حيث احاطوا المكان من كل المنافذ، وصعدت فرق متخصصة في التسلق الى اسطح المنازل القريبة.
ولا تصف الوثيقة الساعات الاخيرة التي امضاها لوركا في مقر حاكم الاقليم، قبل ان ينقل في سيارة تابعة لنفس الادارة، رفقة ضحية آخر تجهل كل التفاصيل المتعلقة بحياته او نشاطه السياسي. كل ما يعرف عن الشخص المجهول انه اعدم ليلا مع الشاعر لوركا، في مكان يسمى بالاسبانية viznar في ضواحي مدينة غرناطة، حيث ووريا التراب هناك، بالقرب من ذات المكان الذي يصعب التعرف عليه، بسبب التغيرات المورفولوجية التي طرأت على الارض بفعل تقلبات الطبيعة وعوادي الزمن.
يذكر ان محاولات تنقيب عن رفات الشاعر،باءت كلها بالفشل ماجعل الحكومة الاقليمية للاندلس تامر اخيرا بإيقاف الميزانية التي رصدت لذلك.
ولا توجد تأكيدات من ان رفع السرية عن الوثائق، ستقود حتما الى التعرف على المكان الذي ترقد فيه بقايا عظام الشاعر الغنائي الكبير، ولكن ما تثبته هذه الوثائق على نقائصها وثغراتها، كونها تدين نظام فرانكو بارتكاب تلك الجريمة الشنيعة.
الى ذلك، انتقد رئيس الوزراء الاسباني في اول تعليق له على ما نشرته كادينا سير،من توظيف ماساة الشاعر في المعركة الانتخابية التي ستبدا رسميا بعد ايام، اذ من المؤكد ان اليسار سيتبنى قضية لوركا التي لم تطمسها السنوات.
*تعليق الصور:
(1) لوركا في ريعان الشباب
(2) وثيقة منتزعة من ملف الاغتيال