الجزائر.. رئيس يا محسنين

كلّما عادت بنا الذاكرة إلى ذلك الزمن الجميل الذي قد لا يتكرر، بالنظر إلى ما نعيشه اليوم، تستوقفنا الصورة الجماعية لمن قاد المفاوضات، وصور القادة الذين سجنتهم فرنسا، بعد اختطاف الطائرة، وصور البشير الإبراهيمي من ناحية أخرى، ومجموعة العلماء وصور وصور.. عديدة الشخصيات التي قادت الثورة عسكريا وسياسيا خاصة، وسمع الجزائريون عن مواقف هؤلاء، وعن آرائهم وجسارتهم وذكائهم وتعلّمهم ومستواهم الفكري ووعيهم السياسي، مهما كانت الخلافات والاختلافات وقتها، والتي في الواقع ما هي إلا دليل على ثراء تلك المرحلة، بكل عيوبها ومساوئها وصراعاتها.. هؤلاء استطاعوا بكل هذا التعدّد والاختلاف أن ينتزعوا الاستقلال من فرنسا، لكن ما يستوقفنا أكثر أن هؤلاء قدموا وقتها خيارات متعددة للشعب الجزائري ومتنوعة. ففي النخبة السياسية وحتى المثقفة، تجد كل التيارات التي عرفها العالم آنذاك والجزائر، اليساري، الإسلامي والاشتراكي الليبرالي والقومي وغيرها مع تعدد الأفكار والتوجهات. كان للجزائريين الخيار وفوق هذا، كان أكبرهم لا يتعدى 54 سنة. نعم.. سنة 62 كانت هذه الواجهة السياسية للجزائر، جميلة ومتعددة وقوية على خلافها واختلافها. بعد 50 سنة من الاستقلال ومن ظهور هذا الجيل وبعد أن أقامت الجزائر الجامعات والمعاهد وأسست للإدارة ووضعت أسس الدولة وقادت معارك سياسية داخلية وخارجية، لا تقل عن معارك ما قبل الاستقلال أهمية وضراوة، وبعد صولات وجولات.. الجزائر اليوم “تتسوّل رئيسا”، رئيس يقنع ذاك ويتوافق مع ذلك، ويحترم مصالح ذاك، ويبكي مع ذاك ويسكت ذاك، ويتفهم ذلك، ويحفظ نفوذ ذاك ويتفهم حاجة ذاك لكنه ينسى الشعب.. الجزائر تتسوّل رئيسا ليس ليحكمها، لكن ليحدث التوازنات داخل من يحكمها حقيقة.. أي واقع مؤلم هذا؟ وأي مجتمع ضائع نحن نعيش فيه؟ مجتمع لا يملك أي نخبة سياسية ولا مثقفة، لم يستطع تقديم اسم واحد -ولا أقول ستة أو سبعة- واحد فقط يستطيع أن يقول أنا أقود الجزائر إلى بر الأمان وأصعد بها إلى القمة، يقود الدولة والشعب وليس الزمر والجماعات.. الجزائر تشحذ الرؤساء منذ رحيل بوضياف الذي تحمل مسؤولية عودته التاريخية ليُقتل، وكأن رحيله كان يقول لقد انتهى عهد الوطنيين وعليكم أن تفكروا كيف تؤسسوا لعهد رجال الدولة الذين يفهمون توازنات العالم والمنطقة والمحيط، لأن الوطنية أيضا تقتضي التعامل بذكاء مع الأصدقاء والخصوم، التعامل بذكاء مع الرهانات الوطنية أيضا.. تقتضي أن نفهم أين نحن وأين نسير، أن لا نقود الوطن إلى طريق مبهم ومجهول. إن الأزمة التي تعيشها الجزائر اليوم ليست نتيجة صراعات بين طرف أو آخر فقط، لا.. بل هي أزمة نهاية جيل ما كان يربطهم بالجزائر هو عشق غريب تولد عن وجود قضية الاستقلال، التي أعطتهم ذلك الوعي والإصرار والعزيمة، هذا العشق لم يعد قادرا اليوم على مواجهة كل التحديات التي يعرفها العالم.. نحن اليوم بحاجة لتكوين جيل متفتح على العالم، يحب الجزائر وفق مبدأ فهم المحيط والتحديات والرهانات، وفق مبدأ الاستشراف للمستقبل. إن الحماسة التي استطاعت أن تنتزع يوما ما الاستقلال، لن تكون مفيدة اليوم، ونحن بهذه الهشاشة والضعف، علينا أن نعيد التفكير في بناء الرجال القادرين على مسك خيوط اللعبة السياسية العالمية والداخلية في آن واحد. إن تسوّلت الجزائر اليوم رئيسا يفهم التوازنات الداخلية، فعليها مستقبلا أن تفكر في صناعة قادة الرأي يفهمون الرهانات الخارجية أيضا ويتعاملون معها على أساس مصلحة الجزائر أولا قبل مصلحة الزمرة الضيقة.. مصلحة الجزائر التي لن تكون بكل المقاييس هي مصلحة جماعة أو حزب أو جهة، لأن هذه ستكون بداية تفكيك النواة الرئيسية.. مصلحة الجزائر هي مصلحة الكل المتكامل بكل اختلافاته الأيديولوجية، الإثنية والعرقية والفكرية والثقافية.. وبعدها لن نشحذ رئيسا أبدا، ستكون لنا كل الخيارات..
“الخبر” الجزائرية

اقرأ أيضا

أول مدينة إفريقية وعربية.. انتخاب الرباط على رأس الشبكة الدولية للإنارة الحضرية

تم انتخاب مدينة الرباط، في شخص عمدتها فتيحة المودني، رئيسة للشبكة الدولية للإنارة الحضرية خلال الجمع العام السنوي المنعقد ما بين 24 و 27 أبريل في مونبلييه بفرنسا، حسبما علم لدى مجلس المدينة.

بسبب خريطة المغرب.. أنباء عن انسحاب اتحاد العاصمة الجزائري من مواجهة نهضة بركان

يتجه فريق اتحاد العاصمة الجزائري إلى الانسحاب من مباراة نصف نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم أمام نهضة بركان، والتي كان من المرتقب أن تقام مساء يوم غد الأحد، وذلك بعد موافقة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم على أن يلعب الفريق البركاني بالقميص الذي يحمل خريطة المملكة.

وصفة لشعر أسود

خلطة طبيعية لشعر بسواد الليل

نقدم لك سيدتي، في عدد اليوم من فقرة عالم المرأة، خلطة طبيعية للحصول على شعر …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *