بمجرد قراءة عنوان مقال العدد الأخير لصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، يظن القارئ أن الجزائر الحالية أصبحت تثير الرعب في نفوس المسؤولين الأوروبيين.
اختار الصحفي تييري أوبرلي “حينما تثير الجزائر رعب أوروبا” عنوانا لمقاله الجديد في إشارة إلى زوبعة الأزمات التي تتخبط فيها الجزائر منذ سنوات، خاصة على المستوى الاقتصادي، الذي إذا ما تفاقم حسب قوله، سيتحول إلى كابوس حقيقي يثير رعب أوروبا باعتبارها قبلة المهاجرين الجزائريين الأولى.
وقال صحفي “لوفيغارو” بينما تعيش الجزائر على وقع أزمة اقتصادية خطيرة، يصر الرئيس بوتفليقة على منافسة الجار المغرب من أجل تحقيق حلمه في تشييد أكبر مسجد وأعلى مئذنة في أفريقيا مكلفا خزينة بلاده ما يناهز 4 مليارات يورو.
واسترسل أوبرلي قائلا “لا يخفى على أحد أن تداعيات انخفاض ثمن النفط بدأت تظهر في الجزائر، بينما تواصل العملة الوطنية في الترنح والتضخم في الارتفاع والاحتياطات المالية في الاستنزاف” مضيفا أن سنوات بوتفليقة ستنتهي بزلزال اقتصادي عنيف نتيجة انهيار عائدات النفط، العمود الفقري للاقتصاد الوطني.
وفي نفس السياق، قال الصحفي الفرنسي أن السلطة الحاكمة اختارت “رشوة” شراء الشعب من أجل وأد الانتفاضات التي عرفتها البلاد مع بداية ثورات الربيع العربي، وتجنب سيناريوهات دول الجوار كتونس ومصر التي أطاحت بأنظمة استبدادية ليست أقل سوء من النظام الجزائري.
وعبر أوبرلي عن أسفه إزاء الوضع الاقتصادي في بلد المليون شهيد الذي كان نتاجا لفشل الحكومات المتعاقبة في تسيير القطاع الاقتصادي، والاستفادة من سنوات الطفرة النفطية لخلق اقتصاد بديل متحرر من عائدات المحروقات.
إلى ذلك، استشهد كاتب المقال بكمال داوود، أحد ابرز الصحفيين الجزائريين المعروفين بانتقادهم للنظام الحاكم، حيث نقل عنه قوله “إن سياسة الريع في البلاد أنتجت وضعا غريبا، أنتجت أشخاصا ليس لهم سوى الحق في الاستفادة من الدعم والمساعدة مقابل التخلي عن أبسط حقوقهم، إنهم المواطنون الجزائريون”.
وأضاف صحفي “لوفيغارو” مستشهدا بالمدير السابق لصحيفة “لوماتان” الجزائرية محمد بنشيكو، أن النظام “رشى الشعب بتوزيع عائدات وكبح مبادرات وجذب مافيات تسللت إلى دواليب الحكم وبدأت تفرض كلمتها في البلاد”.
واعتبر الصحفي الفرنسي أن مشكلة الجزائر الأولى هي سلطتها الحاكمة التي وصفها بـ “العقيمة والعاجزة عن الإصلاح وإرساء أسس الدمقرطة والحوكمة الجديدة”.
وأكد الصحفي أن استمرار البلاد على هذا النحو سيقودها لا محال نحو الهاوية والإفلاس، ما سيخلق حالة فوضى تدفع بالمواطنين إلى الهرب باتجاه أوروبا.
وفي سياق آخر، قال الصحفي الفرنسي نقلا عن الخبير السياسي بيير فيرميرين أن نفور الشعب الجزائري من الممارسة السياسية ومقاطعته للانتخابات يؤكد انفصال وانشقاق المجتمع عن السياسة ما قد يؤدي إلى اندلاع فوضى وتفكك مجتمعي خطير بالبلاد.
هذا وأكد كاتب المقال على أن انتهاء الصراع بين الرئاسة والمخابرات العسكرية الذي وضع له بوتفليقة حدا من خلال حله للجهاز “الأسطوري” والتخلص من منافسه الفريق “توفيق”، مكن بوتفليقة أخيرا من “تأمل بلد في صورته، جامدا وهشا وبمستقبل غامض، لكن بأعلى صوامع العالم”.
إقرأ أيضا:السلطة الجزائرية: الإنفاق بالملايين “حلال علينا و حرام عليكم”