روافع أردنية لفلسطين

كما حصل من قبل، ولأول مرة في ذلك الوقت، حينما تم تشكيل لجنة وطنية أردنية من قادة الأحزاب اليسارية والقومية، للإحتفال والتضامن مع نضال الشعب العربي الفلسطيني في يوم إنطلاقة ثورته الوطنية في الأول من كانون الثاني عام 1965، كان ذلك عام 2012، وتكرر عام 2013، وكان حصيلة الفهم الوطني الفلسطيني، والإرتقاء إلى مستوى كيفية جذب الأحزاب السياسية الأردنية الأقرب إلى فهم وطبيعة النضال الوطني الفلسطيني، وإشراك الأردنيين عبر أحزابهم القومية واليسارية في الإهتمامات الفلسطينية وتوسيع دائرة المؤيدين أو على الأقل الحفاظ عليهم، وتطوير العمل المشترك معهم.
لقد نجح الرئيس الراحل ياسر عرفات في نقل الموضوع الفلسطيني برمته وقيادته من المنفى إلى الوطن، من خلال إتفاق أوسلو عام 1993، وتضحيات الإنتفاضة الأولى عام 1987، بإستثناء قضية اللاجئين، ولذلك أصبح النضال الوطني الفلسطيني على الأرض، وداخل الوطن، في مواجهة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي مباشرة، العدو الوحيد للشعب الفلسطيني، الذي لا عدو للفلسطينيين سواه، وتحول فعل الأردنيين والسوريين واللبنانيين، إلى فعل الدعم والتضامن والتأييد لنضال الفلسطينيين على أرضهم وداخل وطنهم بعد أن شهدت السنوات ما قبل أوسلو معارك جانبية تصادم فيها الفلسطينييون مع الأردنيين والسوريين واللبنانيين، بصرف النظر من يتحمل مسؤولية هذه الصدامات من الجانبين، ولكنها كانت بين الأخ وأخيه وبين الشقيق وشقيقه، وهي خسارة أكيدة للفلسطينيين في كل الأحوال.
إحتفال الأردنيون، عبر اللجنة الوطنية التي تشكلت في حينه من د. منير حمارنة أمين عام الحزب الشيوعي الأردني، وأكرم الحمصي أمين عام حزب البعث العربي الإشتراكي، وفؤاد دبور أمين عام حزب البعث التقدمي، وعبلة أبو علبة أمين عام حزب الشعب الديمقراطي الأردني، ونجيب القدومي أمين سر حركة فتح في الأردن، والمهندس رايق كامل عن النقابات المهنية، والنائب السابق حمادة فراعنة عن قطاع الصحفيين والكتاب بمثابة رافعة، ومدماك أول، لإرساء تقاليد الدفع بإتجاه الإحتفال من قبل الأردنيين بمناسبات الفلسطينيين لا أن يحتفل الفلسطينييون بمناسباتهم، وهو توجه ثمنه الرئيس أبو مازن في حينه وأيده، وإتصل بكل من الذوات حمارنة والحمصي ورايق كامل شاكراً لهم مبادرتهم تلك، والتي تواصلت إلى الأن، ذلك لأن التحولات السياسية الجارية في العالم وفي الوطن العربي أفقدت منظمة التحرير الفلسطينية الكثير من شبكات الأمان، وروافع الدعم التي كانت متوفرة لها، وغابت عن فصائلها وسائل الدعم والإسناد بفعل نتائج الحرب الباردة التي أدت إلى هزيمة المعسكر الإشتراكي وغياب الإتحاد السوفيتي 1990، وإحتلال العراق وتدمير قدراته بعد محاصرته 1991 – 2003.
الفهم السياسي العميق من قبل قيادات فلسطينية وأردنية، دفع نحو إلتقاط أهمية تضامن الأردنيين عبر أحزابهم اليسارية والقومية، وعدد من النواب، وخاصة نواب لجنة فلسطين النيابية وزياراتهم لفلسطين، عمق هذا الفهم وأطلق المبادرات بإتجاهه، وها هي مؤسسة ياسر عرفات تسير على نفس النهج الأردني والمبادرة الفلسطينية بإتجاه جعل الأردنيين وشخصياتهم من يحتفل بالمناسبات الفلسطينية، تأكيداً على الشراكة في مواجهة العدو القومي المشترك، ودعماً لنضال شعب فلسطين على أرض وطنه من أجل قضيتيه المركزيتين : 1- حقه في الإستقلال وفق القرار 181، و2- حقه في العودة وفق القرار 194، وما يؤدي ذلك إلى حماية الأردن من أطماع المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي.
مؤسسة ياسر عرفات، ستحتفي بالذكرى العاشرة لإستشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات، وسيكون ذلك تحت رعاية رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي، يوم الخميس 13/11/2014، وستكون كلمة المؤسسة للشخصية الأردنية البارزة ممدوح العبادي، نائب رئيس المؤسسة، وكلمة لفيصل الفايز، رئيس الوزراء الأسبق نائب رئيس مجلس الأعيان، ويدير المهرجان أقدم نائب في البرلمان الأردني عبد الكريم الدغمي، إضافة إلى كلمة للرئيس الفلسطيني سيقدمها أحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح.
الإحتفال عنوانه ياسر عرفات، وتقوم به مؤسسة فلسطينية عربية عريقة هي مؤسسة ياسر عرفات ولكن الرعاية والكلمات والأدارة لأربعة شخصيات أردنية هي : عبد السلام المجالي وفيصل الفايز وممدوح العبادي وعبد الكريم الدغمي، وهم ولا شك يمثلون أكبر العشائر الأردنية، أليس ذلك دعماً وقوة لفلسطين ؟؟.
الذين دعوا إلى هذا التوجه، نحو تبني الإحتفالات والمناسبات الفلسطينية وجعلها واجباً وطنياً وقومياً أردنياً، إنما سعوا لخلق، أو إعادة خلق الحاضنة الشعبية العربية للقضية الفلسطينية، وللنضال الفلسطيني، سواء في منطقة الإحتلال الأولى عام 1948، أو منطقة الإحتلال الثانية عام 1967، بعد أن فقدت الحاضنة العربية دورها مع الفلسطينيين أو تراجعت أو ضعفت، فحركة فتح ومعها فصائل العمل الوطني، فقدت حاضنتها العربية اليسارية والقومية بسبب نتائج الحرب الباردة وإحتلال العراق، وحركة حماس ليس فقط فقدت حاضنتها العربية، بسبب هزيمة الإخوان المسلمين وتراجع دورهم، بل غدت حاضنتها العربية حركة الإخوان المسلمين عبئاً عليها، ولذلك تدفع حركة حماس ثمن إنتمائها وعضويتها وإمتدادها لحركة الإخوان المسلمين في فلسطين.
ومن هنا على خلفية ضعف الحاضنة العربية لحركة فتح، وعبأ الحاضنة العربية لحركة حماس، وبسبب هزيمة التيار اليساري وإخفاق التيار القومي، دفع الشعب الفلسطيني الثمن أمام قوة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي وتفوقه، ورداً على هذا يأتي التضامن والإسناد الأردني من قبل أحزابه القومية واليسارية وشخصياته الوطنية الرفيعة، كبوابة لإستعادة الحاضنة العربية اليسارية والقومية المطلوبة والضرورية للنضال الفلسطيني.

* كاتب أردني

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *