أصعب من الحرب نتائجها!!!

 حتما ستتوقف هذه الحرب التدميرية الشاملة، التي شنتها اسرائيل بكل قوة جيشها، وبكل صيحات التطرف الاعمى لشعبها، وبكل عناصر العجز والنفاق الدولي وازدواجية المعايير وفقدان المصداقية،لتي وصلت الى صورة هزلية مخجلة كان ابطالها البارزين الرئيس اوباما ووزير خارجيته جون كيري ورجلهم في الامم المتحدة بان كيمون، الذين سقطوا بسهولة في لعبة الاكاذيب الاسرائيلية المكشوفة، حين بادروا الى الصراخ محملين حماس مسئولية اختطاف ضابط اسرائيلي برتبة ملازم بعد سريان الهدنة، وطالبوا بالافراج عنه بلهجة فيها قدر كبير من التهديد ولم يكلف احدهم نفسه معرفة الحقيقة!!! فحتى بان كيمون وهو اضعفهم لدييه في المنطقة التي يدور فيها الصراع وهي فلسطين واسرائيل الالاف من الموظفين الذين يتبعونه مباشرة من موظفي الانوروا والصليب الاحمر الدولي وموظفي الهيئات الدولية الاخرى، ولو انه اتصل باي واحد من هؤلاء لنصحوه بانن ينتظر قليلا قبل ان يسقط في هذا الاختبار.
الحب ستتوقف حتما، والاطراف الان تحشد عناصر قوتها لمواجهة واستثمار نتائج هذه الحرب، واسرائيل من خلال اعلانها التهدئة الانسانية التي بدات من العاشرة صباح الاثنين حتى الخامسة عصرا –وهي لم تصمد – ارادت ان توجه رسالة للجميع بان مفهومها لوقف اطلاق النار هو نفس مفهومها القديم (هدوء مقابل هدوء ) دون دفع اي ثمن سياسي، ودون تغيير في قواعد اللعبة المستمرة منذ ثماني سنوات، اي لا فتح لمعابرها التي تصل قطاع غزة بالضفة، ولا الغاء للحزام الامني الذي ياخذ من سكان قطاع غزة ما تبقى لهم من ارض زراعية، ولا توسيع للمنطقة البحرية التي يقرها القانون الدولي وكان متفقا عليها وهي اثني عشر ميلا بحريا بينما هي الان ثلاثة اميال فقط!!!هدوء مقابل هدوء، مع ترك يدها مفلوتة عسكريا وامنيا ضد قطاع غزة، والابقاء على قطاع غزة منفصلا بطريقة قسرية عن المسار والمصير الفلسطيني!!!
ولكن هذه المعادلة الاسرائيلية لم تعد ممكنة موضوعيا، وذلك لاسباب كثيرة اهمها تداعيات الميدان، فرغم الاختلال الكبير في ميزان القوى العسكري لصالح اسرائيل، ورغم الخسائر الكارثية في قطاع غزة على صعيد البشر (قرابة اثني عشر الفا من الشهداء والمصابين) ودمار لا تعوضه مليارات الدولارات في البنية التحتية والمساكن والمؤسسات الصناعية والزراعية، وشبكات الصرف الصحي وشبكات الكهرباء والمياه واوضاع بالغة الصعوبة في تفاصيل الحياة اليومية التي لا يتحملها بشر سوى اهل قطاع غزة الذين يجسدون النموذج الخارق للصمود !!! فهناك ايضا المقاومة الفلسطينية الباسلة التي جسدت فعاليات مذهلة، وابداعات تفوقت على العقل العسكري الاسرائيلي، واستخدام للسلاح المتوفر بكفاءة سوف تدرسها بعمق كل المراكز العسكرية في العالم، وان هذه المقاومة البطلة لا تزال يدها قوية وطويلة، وان هذه المقاومة استندت الى جدار اخلاقي رفيع حين استهدفت الذراع العسكري الاسرائيلي لكسره، ولم تذهب الى الاسهل وهو استهداف المدنيين كما فعلت قوات الجيش الاسرائيلي بنذالة وانحطاط اخلاقي فظيع !!! وان هذا النموذج من الصمود الشعبي الخارق ومن الابداع المقاوم الخارق هو بشرى مقدسة للاجيال الجديدة في المنطقة كلها، واضاءة عليا تفوق التوقعات بان اسرائيل تمتلك من الاوهام مثلما تمتلك من القوة، وان هذه القوة يمكن ان تنكسر، وهذه الاوهام يمكن ان تزول.
الآن، حين تتوقف هذه الحرب، تبدأ حروب السياسة ومستنقعات السياسة وتداخلات السياسة بكل نفاقها الدولي المعروف !!! ولكننا فلسطينيا حتى قبل هذه الحرب بقليل، وخلال فترة الحرب منذ بدأت بالضفة الغربية في الثاني عشر من حزيران الماضي وانطلاق جولتها الاكثر عنفا في قطاع غزة منذ ثلاثين يوما، كنا قد نجحنا في استعادة وحدتنا وان هذه الوحدة صمدت، وتعمدت بصمود الشعب الفلسطيني ودمائه وبطولة موقاميه وابداعاته، والوحدة الفلسطينية هي القوة الاساسية في ايدينا التي نريد ان نخوض بها الحرب السياسية كما خضنا بها الحرب الميدانية، وقد اثبت الوفد الموحد الموجود في القاهرة الان انه يقرا السياسة بشكل عميق، وانه ينظر الى الافق المستقبلي بشكل عميق، وانه لا يطلب شيئا يختلف عليه احد لا من الفلسطينين ولا من المستوى العربي او الاقليمي او الدولي، حيث لا يمكن العودة الى الوراء، وكل مطالب الوفد الفلسطيني الموحد لها خلاص نهائية واحدة وهي انهاء الاحلال، لان الاحتلال هو الخطيئة والجريمة الاولى، وهو كهف الشرور، وهو مصدر الحروب والدماء، ولا بد من زواله بقيام دولتنا المستقلة وان الهروب الاسرائيلي من هذه الحقيقة الكبرى لا يفيد.

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *